شارك رئيس دولة فلسطين محمود عباس، مساء اليوم الاثنين، في الاحتفال بإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، الذي أقيم في مقر الرئاسة في مدينة رام الله.
وقال مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش، في كلمته نيابة عن الرئيس محمود عباس، خلال الاحتفال، "إننا اليوم بأمس الحاجة إلى التماسك، وإلى وحدة الصف بين أبناء الشعب الفلسطيني".
وأضاف الهباش: "نقول باسم محمد رسول الله إلى كل الذين مزقوا صفنا وعملوا على تمزيق صفنا سنسامحكم بشرط واحد، وسنقول عفا الله عما سلف، لكن بشرط واحد بأن تنهوا الانقسام الآن، وأن تأتوا إلى الراية الواحدة الآن، لأن كل يوم يمر تحت وطأة هذا الانقسام البشع يدمر فلسطين ويدمر قضية فلسطين".
وتابع: "حين نحتفي اليوم نحن لا نحتفي فقط لنجيش العواطف، والمشاعر والأحاسيس بذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان ذلك كائن في هذه المناسبة ولكنه ليس ذلك فقط ولكننا أيضاً، هنا لكي نجدد العهد معه، بأننا سنظل حراس الأمانة التي بين أيدينا ومن هذه الأمانة وفي قلب هذه الأمانة مسراه ومبدأ معراجه، القدس الشريف، هي أمانة أودعها فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي الأمانة التي أودعت في أيدينا من قبل كل الأنبياء والمرسلين، في ليلة الإسراء اجتمع كل الأنبياء والمرسلين، مؤتمر قمة بل قمة القمم، عند بوابة السماء عند واسطة العقد بين الأرض والسماء عند نقطة الاتصال بين الأرض والسماء في المسجد الأقصى المبارك في القدس الشريف، وكأنهم في تلك الليلة المباركة، يقولون لكل من يأتي بعدهم، ولكل من يسير على هداهم بإحسان إلى يوم القيامة، ها هي الأمانة بين أيديكم فصونوها، ها هي الأمانة ولا تفرطوا فيها".
وقال الهباش: "نحن هنا اليوم ومن خلف قيادتنا الوطنية، نقول إنه كما قال الرئيس إبان مؤتمر الأزهر الشريف في بداية هذه السنة، لنصرة القدس، قال كلمة تكتب بماء ذهب، قال لن يولد بعد ولن يولد أبدا المسلم أو المسيحي أو العربي أو الفلسطيني الذي يمكن أن يفرط بذرة من تراب القدس".
وشدد على أنه "بهذه الثقافة تتحرك قيادتنا الوطنية، أقول لكم أيها الأخوة الأعزاء، بهذا النهج تتفاعل قيادتكم مع الأحداث، على هذه القاعدة تبنى منهجية العمل السياسي لدى القيادة الفلسطينية، ولذلك كان رد هذه القيادة الذي جلّاه للعيان هذا الرجل الجالس بينا اليوم – في إشارة للرئيس- الرئيس أبو مازن، حين حاول المحاولون أن يساوموه وطرحوا عليه بأكذوبة ما يسمى صفقة العصر، أكذوبة من الأكاذيب الكثيرة التي تاجروا فيها، بقضيتنا الفلسطينية، بقضيتنا الوطنية، وقال لهم مرة أخرى معبراً عن أحلام وآمال وقلوب كل الفلسطينيين، لا بل بكل العرب والمسلمين ويكفيه شرفاً أنه في هذا قد نطق عن كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم وعن كل أمة عيسى عليه السلام، وعن الاتباع الصادقين لموسى عليه السلام حين قال القدس عاصمة دولة فلسطين شاء من شاء وأبى من أبى، وردد خلف أخيه وسابقه الرئيس الشهيد ياسر عرفات، ليس فينا وليس منا من يفرط بذرة تراب من القدس، القدس ستبقى عاصمتنا وستبقى لنا، وستبقى أمانة في قلوبنا ونصونها بعيوننا وبأرواحنا ".
وقال: "كانت القدس هذه الأمانة النبوية، كانت دائما هي نقطة البدء، هي نقطة البدء والختام في مسير هذه القيادة الفلسطينية الرائعة والرائدة، يكفي أن يعلم الجميع أن هذه القيادة التي ترفض اليوم أن تساوم وأن تفرط، هي ذاتها القيادة التي أطلقت شرارة الثورة الأولى بعد أن ظن وتوهم المتوهمون أن القضية الفلسطينية قد تبخرت وأنها قد انتهت".
وأضاف الهباش: "اليوم فلسطين تخوض باسم كل الأمة، ليس باسمها فقط، بل باسم كل الأمة حتى من لم يرد ذلك، لا، نحن نمثله، هنا نحن نمثل أمة تملأ السهل والوعر تملأ الدنيا بأسرها ونقف في الخندق الأول دفاعاً عن كرامة الأمة، وأحلام الأمة وآمال الأمة، وعن حقوق الأمة، ووجود الأمة، بدوننا وبدون هذا الواجب والمهمة التي نقوم بها الأمة ستفقد مبرر وجودها."
وأشار إلى أن البعض روج بأن العرب والمسلمين قد تخلوا عن فلسطين وأنهم باعوا فلسطين، وتخلوا عن الشعب الفلسطيني وتركوا القيادة الفلسطينية وحدها، وأن إسرائيل تتغلغل في الأمة العربية، هذه كلها تروجها حتى لو كان بعض المظاهر الخادعة، التي لا يستطيع أن يهضمها أو يفهمها محترفو الحماقات السياسية وهم كثر في هذه الأيام مع الأسف.
وتابع الهباش: "الخير في هذه الأمة موجود، والخير فيها إلى قيام الساعة، والأمة معنا، والذين راهنوا قبل حوالي سنة، بأن العرب باعوا فلسطين والإدارة الأميركية سيطرت على العرب وبالذات على السعودية، ممن جاء الجواب وكيف جاء الجواب، رد كاللطمة كالصفعة على وجه كل المتآمرين والمروجين لهذه الأباطيل وعلى وجه صفقة العصر، وأصحاب صفقة العصر، صفعة لأصحاب الصفقة، في قمة الظهران بوجود رئيس فلسطين ووفد فلسطين، وقف الملك سلمان بن عبد العزيز وقال إن هذه القمة اسمها قمة القدس، وبهذا الكلام إن كل القرارات الأميركية، بنقل السفارة أو عدمه أو تعترفوا وما تعترفوا كلها هباء في هباء، والأمة التي تعدادها مليار ونصف من البشر مستعدة للحياة أو للموت من أجل القدس، قمة القدس قمة الظهران في المملكة العربية السعودية، القدس لها سلطان ليس لغيرها إنها أخت مكة والمدينة، الأقصى شقيق الكعبة المشرفة، هل نتصور يوجد مسلم، كما قال الرئيس: لن يولد بعد ولن يولد أبداً من يمكن أن يفرط في القدس".
وأكد أن "فلسطين قائمة وقادمة، ولكن القيادة الحقة لا تغادر وتعرف كيف تقود الشعب إلى بر الأمان، وكيف تقدم هذا الأسلوب وتؤخر غيره، ثم تؤخره لتقدم غيره وفق مقتضيات المصلحة، ليست المصلحة الشخصية، ولا المصلحة الحزبية، ولا الدولار والسولار، نحن لسنا عبيدا لا للدولار ولا للسولار، بـ15 مليون بيعت القدس، 15 مليون بيع دم الشهداء، لكن نحن بكل المليارات التي عرضت على السيد الرئيس من أجل فقط أن يقول مستعدون أن نتفاهم على أن القدس تكون عاصمة موحدة لإسرائيل لكنه قال لهم: لو كل مليارات الدنيا، لا يمكن أن تجعلني أفرط بذرة من تراب القدس".
بدوره، قال وزير الأوقاف والشؤون الدينية يوسف ادعيس: "الحمد لله الذي أنار الوجود بميلاد النبي محمد، التحية لشهدائنا وأسرانا والتحية إلى القدس الشريف عاصمة دولة فلسطين الأبدية، ومن يرى غير ذلك فليذهب إلى مزابل التاريخ".
وأضاف: "في كل عام تتجدد الأفكار والمعاني في محمد في تحليل شخصية الأنام، في ذكرى ميلاد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم نستذكر صورة الأمة الإسلامية المشرقة التي تحققت فيها عناصر الوسطية والاعتدال.
وتابع ادعيس: "إن ميلاد الرسول يستنهض فينا منظومة القيم والأخلاق، ولها أهميتها البالغة في العبادات والسلوك وفي النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".
وأضاف: "أؤكد متانة العلاقة بيننا وبين أتباع الديانات الأخرى، وجميعنا في خندق واحد ضد الاحتلال وخلف قيادتنا الحكيمة، وأعداؤنا ليس مع اليهودية إنما مع "الصهيونية" التي احتلت أرضنا واعتدت على مقدساتنا".
وأشار ادعيس إلى أن وزارة الأوقاف في فلسطين تمثل النموذج الذي يشار إليه بالبنان بالتسامح والتفاهم الديني، داعيا شعبنا إلى الالتفاف خلف قيادتنا ورئيسنا محمود عباس في كل مواقعنا وتجسيد الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وثمن مواقف الرئيس الجريئة ورفضه الكامل لكل المؤامرات التي تحاك ضد قضيتنا الفلسطينية، ورفضه الكامل للقرارات الأميركية الجائرة.
واختتم ادعيس: وزارة الأوقاف أطلقت فعاليات الاحتفالات في مولد النبي في كافة المحافظات، كما سيّرت قافلات الخير والمساعدات الإنسانية للفقراء والمحتاجين.
من جانبه، قال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، إن أي انحراف عن بوصلة القدس، هو انحراف عن الفكر والجهد، كما أن ذلك تقصير في الأمانة وحمل الرسالة.
وأضاف، أن علماء الأمة يحيون المواقف الثابتة التي أعلنها الرئيس أن القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية ولا يمكن بأي حال من الأحوال التفريط بها وبكل الثوابت الفلسطينية.
وحضر الاحتفال، عدد من أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمركزية لحركة "فتح"، ووزراء، وأعضاء في المجلس التشريعي، ورجال دين، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.
أرسل تعليقك