انتقم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من معارضيه في ثورة تغيير عارمة أنهى فيها عمل ما يقرب من 18 ألف مسؤول في شتى أنحاء تركيا، مع القضاء على ما يزيد عن 7500 من أفراد الجيش والشرطة المدبرين لمحاولة الإنقلاب الفاشل على السلطة، والإطاحة به في مداهمات منتصف ليل الجمعة الماضية.
كما تم توقيف 10 آلاف آخرين من ضباط الشرطة والمحافظين ومسؤولي الخدمات المدنية في وزارتي الداخلية و المالية عن العمل، وذلك في سلسلة من القرارات الصادمة على مدار يوم أمس. وتواجد أردوغان الذي يُعد أول رئيس تركي ينجو من محاولة إنقلاب عسكري، في أنقرة Ankara لحضور المراسم الجنائزية لبعض الأشخاص ممن لقوا حتفهم خلال محاولة الإستيلاء على السلطة وتقدر أعدادهم بنحو 208 أشخاص.
وأوضح أردوغان جليـاً بأن نيته تتجه إلى تطهير البلاد من "السرطان" الذي تآمر للإطاحة به، ليدخل فراره حيز التنفيذ بدايةً من أمس. حيث بدأ في الظهور داخل قاعات المحكمة كبار ضباط الجيش من مختلف أنحاء البلاد لمواجهة الإتهامات بتأسيس جماعة إرهابية مسلحة، في محاولة لإلغاء النظام الدستوري و"ممارسة القتل العمد ".
وتعرض للإعتقال ثلث عدد الجنرالات و اللواءات، وفقدت تقريباً جميع الوحدات العسكرية الكبيرة عبر أنحاء البلاد أحد قادتها. ووُجهت إتهامات إلى مائة من الضباط برتبة عالية "بالخيانة العظمى" ويجري عرضهم على الإدعاء العام، مع إمكانية توقيع عقوبة السجن مدى الحياة عليهم.
وتحدث رئيس الوزراء بينالي يلدريم الموالي للسيد أردوغان إلى الصحفيين في أنقرة عقب إجتماع لمجلس الوزراء ناقش فيه مطالب عامة بإعادة تطبيق عقوبة الإعدام. حيث ذكر بأن هناك 208 أشخاص من الأبطال قد قتلوا خلال المحاولة الإنقلابية على السلطة، من بينهم 60 ضابطاً للشرطة، وثلاثة جنود، فضلاً عن 145 من المدنيين.
وأضاف يلدريم بأن 7,543 شخصًا قد تم إعتقالهم على خلفية صلتهم المزعومة بمحاولة الإنقلاب الفاشلة، منهم مائة من ضباط الشرطة، و 6,083 من الجنود في مختلف الرُتب، و755 قاضياً ومدعيا عاما، إضافةً إلى 650 من المدنيين.
وقام الآلاف من المؤيدين بالشوارع والميادين في شتى أنحاء تركيـا بالتلويح بالأعلام التركية و ترديد عبارة " الله أكبر "، مع تحذير الرئيس أردوغان من الإنقلاب الثاني. داعياً جميع أنصاره للخروج إلى الشوارع والتواجد فيها طوال أيام الإسبوع.
وعلى غرار النغمة التي رددها أنصار الرئيس أردوغان خلال حملة ترشحه للرئاسة في عام 2014، فقد هتفت الحشود بإعدام المدبرين للإنقلاب العسكري علناً. وأثيرت تساؤلاتٍ عدة بشأن عملية التطهير السريعة التي تمت، وما إذا كان الإنقلاب الفاشل مجرد حجة لتنفيذها في المؤسسات التي يقول بأنها على صلة بالحليف السابق والمنافس الحالي فتح الله غولن. حيث قال مفوض الإتحاد الأوروبي يوهانس هان المسؤول عن ملف محاولة حصول تركيـا على عضوية الإتحاد بأن عملية التطهير تبدو وكأنه قد تم الإعداد المسبق لها، بالنظر إلى جاهزية القوائم لإستخدامها في مرحلةٍ معينة حسب ما ذكرت وكالة "رويترز" نقلاً عن هان Hahn.
وكرر وزير الداخلية التركي فكري اسيك مناشدة أردوغان للمواطنين وذلك خلال تواجده خارج منزل الرئيس في إسطنبول صباح أمس. مؤكداً على أن الإنقلاب تم إحباطه، ولكن لا يجب إخفاء حقيقة أن الخطورة لا تزال باقية. وهو السبب وراء الدعوة بالبقاء في الشوارع والميادين إلي حين اعلان أردوغان بأن كافة الأمور باتت تسير على ما يرام ويمكن عودة المواطنين إلى منازلهم.
وتصاعدت حدة المخاوف على إثر الإشتباكات التي وقعت في القاعدة الجوية في قونية Konya جنوبي تركيـا، على الرغم من تصريح المسؤولين بأن الوضع تحت السيطرة ولا يوجد ما يدعو إلى القلق. فيما ذكرت وسائل إعلام تركية بأن الغوغائيين هاجموا اللاجئين السوريين في المدينة، والذين أصبح تواجدهم مُرادفاً لدور الرئيس أردوغان.
وفي شرق البلاد، قد تم إعتقال ما يزيد عن 100 جندي في قاعدة القوات الجوية في ديار بكر Diyarbakir. وتعد المدينة مركزاً للإضطرابات العنيفة التي نكبت جنوب شرق تركيا، ودخول ميليشيات حزب العمال الكردستاني في مواجهات مع الجيش، فضلاً عن التوترات التي إندلعت ما بين جماعة "هدي بار الكردية الإسلامية" و حزب العمال الكردستاني
أرسل تعليقك