بدأ أبناء الديانة المسيحية احتفالاتهم بميلاد السيد المسيح في المناطق المحرّرة من قبضة "داعش" في نينوى، وتدفق المئات من المسيحيين العراقيين، السبت، إلى بلدة برطلة في شمال العراق والتي استعيدت من التنظيم المتطرّف في الآونة الأخيرة، للاحتفال بعيد الميلاد لأول مرة منذ عام 2013.
وهنأ رئيس البرلمان سليم الجبوري، السبت، المسيحيين بأعياد رأس السنة الميلادية، مؤكدًا أن المكوّن المسيحي "شريك فاعل وأساسي في إرساء قواعد الحضارة العريقة لهذا البلد المعطاء، ومن أوائل بناة صرحه العتيد"، داعيًا الله بأن "يمن بالأمن والأمان على جميع أبناء الشعب العراقي وان يقطفوا ثمار صبرهم ونصرهم على الإرهاب في جميع مناطق العراق"،
وهنأ رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، مسيحيي العراق في الداخل والخارج، بأعياد الميلاد، مشيدًا بدورهم الكبير في صنع حضارة البلاد، وتعهّد بإعادة نازحي الموصل ومناطق سهل نينوى إلى مناطقهم بعد إكمال استعادتها من تنظيم "داعش".
ونقل بيان للرئاسة، تهنئة معصوم التي وجّهها إلى المسيحيين في العراق وخارجه، بمناسبة ذكرى مولد السيد المسيح، مضيفا: "بهذه المناسبة المجيدة نحيي بشكل خاص مواطنينا المسيحيين، ونحيي صبرهم وتضحياتهم واعتزازهم بعراقهم وعراقتهم، حيثما كانوا سواء في داخل البلد أو خارجه، ولعب المسيحيّون دوراً مشهودًا في صنع حضارة وتقدم العراق، وهم جزء من ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، وهو ما نعتز به دائما"، ومبيّنًا أن "ما نطمح إلى استلهامه في العمل كي تصبح انتصاراتنا على قوى الشر والظلام والتكفير، إعلاء لكلمة الحق والعدل والدفاع عن الحرية، وحماية وتوحيد أبناء الشعب الواحد بمختلف مكوناته وشرائحه دون تمييز، أننا نجدّد عزمنا على تحرير الموصل وكل محافظة نينوى وعودة النازحين والمهجرين آمنين سالمين أحرار".
وذكر بيان للأمانة العامة لمجلس الوزراء ورد لـ"العرب اليوم" نسخة عنه، أن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي وجّه أن تكون عطلة المسيحيين من موظفي الدولة لهذا العام ليومي الأحد والاثنين الموافقين ٢٥و ٢٦ ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٦ متزامنة مع تحرير مناطق سهل نينوى، وأعلنت حكومة إقليم كردستان تعطيل الدوام الرسمي لكامل دوائرها الأحد بمناسبة ميلاد السيد المسيح.
وأخليت برطلة التي كان يعيش فيها آلاف المسيحيين الأشوريين في أغسطس/آب 2014 عندما سقطت في يد تنظيم داعش أثناء حملته الخاطفة التي انتهت بالسيطرة على مناطق كبيرة في العراق وسورية، واستعادت القوات العراقية السيطرة عليها في الأيام الأولى للهجوم المدعوم من الولايات المتحدة الذي بدأ في أكتوبر تشرين الأول، وقال المطران موسى شمالي قبل
مراسم الاحتفال بليلة عيد الميلاد في كنيسة مار شموني التي تعرضت لأضرار جسيمة وانتزعت صلبانها وشوهت تماثيل القديسين بها إن مشاعر الحزن والفرح تختلط في هذا الاحتفال، مشيرًا إلى أن هناك شعور بالحزن لما أحدثه مواطنون عراقيون في أماكن مسيحية مقدسة لكنه يمتزج بالسعادة للاحتفال بأول قداس في البلدة منذ عامين.
وتعتبر محافظة نينوى واحدة من أقدم البقاع التي عاش بها مسيحيون ويعود ذلك إلى حوالي ألفي عام، واستهدف تنظيم "داعش" جميع الطوائف غير السنية التي تعيش في مناطق حكمه كما أنزل عقابًا شديدًا بالسنة الذين لا يلتزمون بتفسيره المتشدد للدين، وخُيّر المسيحيون في المنطقة ما بين الدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو الموت بحد السيف، وفرّ أغلبهم إلى إقليم كردستان شبه المستقل عبر نهر الزاب باتجاه الشرق، وستستغرق عودة الناس إلى البلدة فترة من الوقت إذ أنها لا تزال دون خدمات أساسية وتحمل الكثير من مبانيها آثار القتال.
وأفادت شروق توفيق وهي ربة منزل 52 عامًا، نزحت إلى مدينة أربيل الكردية القريبة أن "هذا أفضل يوم في حياتي، أحيانا كنت أظن أنه لن يأتي"، وتحرك خطة الجبهة الأمامي في المعركة لاستعادة الموصل - آخر معقل كبير لتنظيم داعش في العراق- بضعة كيلومترات نحو الغرب ليصل إلى أحياء شرقية يختبئ فيها المتشددون وسط المدنيين ويتصدّون لتقدم الوحدات النخبوية العراقية بسيارات ملغومة يقودها انتحاريون وبقذائف المورتر والقناصة.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من مليون شخص يعيشون في المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة التنظيم بالمدينة وهو ما يعقد خطط الجيش العراقي وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي تقدم لها دعما جويًا، وحمل الأمين العام لحركة بابليون في العراق٬ ريان الكلداني، السبت، قيادة عمليات بغداد وشرطة العاصمة مسؤولية تواصل استهداف المسيحيين، كاشفًا أن "عصابات خارجة عن القانون" قتلت 8 مسيحيين وايزيدي شرقي بغداد.
وأوضح الكلداني أن "مجموعة إرهابية، خارجة عن القانون، قامت بقتل 8 مسيحيين وشخص يزيدي في الغدير"، مشيرًا إلى أن الاستهداف "جاء بسبب بيعهم للمشروبات الروحية وغيرها"، مطالبًا "الحكومة والأجهزة الأمنية باتخاذ إجراءاتها بشأن الحادث"، ومبيناً أن حركة بابليون "لن تسكت وسيكون لها دور في الحفاظ على المكون المسيحي".
وأصدرت حركة بابليون، بيانًا، السبت، استنكرت فيه الحادثة، وحملت الأجهزة الأمنية المعنية بحماية المواطنين المسؤولية عنه، وأضاف البيان أنه "صدمنا بعملية إرهابية استهدفت مواطنين مسيحيين في حي الغدير ببغداد ليلة امس الجمعة راح ضحيتها 8 مسيحيين وأيزيدي واحد في واحدة من أبشع الجرائم الإرهابية، نطالب قيادة عمليات بغداد وقيادة شرطة بغداد بالكشف عن خلفيات هذه الجريمة٬ واعتقال المجرمين وعدم مرور هذه الجريمة وتسجيلها ضد مجهول كبقية الجرائم".
وهددت الحركة بإعادة مقاتلين لها من قواطع المعارك في حال "عجزت الأجهزة الأمنية عن حماية المسيحيين وبقيت تتفرج على هذه المذابح التي ترتكب أمام أنظار هذه الأجهزة، لأننا مضطرون للدفاع عن النفس بخياراتنا الممكنة"٬ مشيرًا إلى أن ذلك يأتي "لمواجهة داعش آخر يتبرقع برداء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتقف وراءها تصريحات نيابية مؤججة للعنف والعنصرية بحجة محاربة الخمور بينما مهمة ذلك في مواجهة هذه المظاهر من مهام الحكومة وأجهزتها الأمنية وليس بيد عصابات خارجة على القانون والحريات والإنسانية".
وختم الكلداني بيانه بانتقاد "الصمت الحكومي على هذه الجرائم التي تطال المسيحيين"، عادًّا إياه "مشاركة في الظلم والجريمة وتشجيع على الاستهتار بحقوق الإنسان والقيم الإنسانية".
أرسل تعليقك