أكَّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ, أنَّ قادة دول "الناتو" في القمة التي شهدتها العاصمة البلجيكية, مُصمّمون على تعزيز التحالف العسكري لدحر تنظيم "داعش" ومكافحة الإرهاب, لكنهم حريصون في الوقت ذاته على التأكيد لشعوب العالم العربي والإسلامي أنّ السعي إلى تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة العربية يدخل في صلب أهداف الحلف ونشاطاته.
وأشار ستولتنبرغ، في ردٍ على سؤال لـ"صوت الامارات" إلى أنَّ أهم ما ستخرج به القمة الأطلسية هو تفاهم دولي على تشكيل خلية خاصة لتنسيق مكافحة التطرف وجمع المعلومات وتبادلها بين الدول الأعضاء, إضافة إلى تعزيز الدور العسكري لـ"الناتو" في العمليات التي تشارك فيها الدول الأعضاء ليشمل زيادة وقت استطلاع طائرات الأواكس في مناطق العمليات, وتزويد الطائرات الحربية المُقاتلة في الجو بالوقود أثناء تنفيذ مهامها والتركيز على التدريب للقوات العسكرية للدول المعنية وفي مقدمتها أفغانستان والعراق.
وقالت مصادر عدة لـ"صوت الامارات" إن ما يجمع عليه زعماء الأطلسي هو أن يوجّه المجتمعون رسالة واضحة مفادها أن الحرب التي بدأت ضد الإرهاب في أعقاب أحداث سبتمبر/أيلول 2011, ستأخذ بعد اليوم بُعدًا جديدًا, لجهة تصميم عزم وإصرار أعضاء حلف الأطلسي على تعزيز تعاونهم ورصد إمكانات أكبر, واتخاذ إجراءات أكثر فعالية على جميع الأصعدة لوضع حدٍ للإرهاب الذي بات يستهدف المدنيين الأبرياء في كل بقاع الأرض.
وأثار كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل، انزعاج عدد من دول الحلف, ورفض الأمين العام لحلف شمال الأطلسي التعليق على ما تردد على هذا الصعيد, سواء لجهة تسريب واشنطن معلومات استخباراتية روسية حصلت عليها، إلى إسرائيل أو حول تسريب نتائج التحقيقات البريطانية بخصوص اعتداء مانشستر إلى طرف ثالث. واعتبر أن "مثل هذا التصرف هو عمل ثنائي بين بلدين نحن كحلف غير معنيين به", مشددًا على أن الخلية الجديدة التي ستُشكل اليوم نتيجة القمة المُنعقدة في بروكسل, سيكون لها ألياتها التي ستُركز على السرية, وجمع المعلومات الاستخبارية, سواء المتعلقة بالعناصر المتطرفة, أو ما يُعرف بالمقاتلين الأجانب, أو عمليات التمويل ومصادرها, واتخاذ إجراءات وقائية على أكثر من صعيد, سواء ميداني أو تثقيفي.
وتوقّعت مصادر حلف شمال الأطلسي، أن ترسل القرارات التي ستصدر الليلة من بروكسل رسالة واضحة إلى أركان التنظيمات الإرهابية والمتطرفة ومن وراءها, أن الدول الأعضاء ستستخدم كل الإمكانات المتاحة للنجاح في حربها المقبلة. وأشارت دوائر حلف شمال الأطلسي, إلى أن البند الثاني المهم على جدول أعمال القادة, هو كيفية تنفيذ قرارات قمة ويلز في بريطانيا العام 2014 بشأن المساهمات المالية للدول الأعضاء والتي وصلت إلى أدنى مستوى لها في العام 2015, ولكنها ما لبثت أن تحسنت في عام 2017, وتأمل بعد اليوم أن تتكثّف, لتفي الدول المعنية بالالتزامات التي قطعتها للاستثمار في الميدان العسكري, ورفع مساهمتها المالية في الحقل الدفاعي لصالح "الناتو", لتصل إلى 2 بالمئة من ناتج الدخل القومي لكل دولة عضو في الحلف, الذي تأسس منذ أكثر من سبعين عامًا, والذي سيصل عدد دول الأعضاء فيه إلى 29 دولة, بعد مشاركة دوسكو ماركوفيتش رئيس وزراء الجبل الأسود المعروف بـ "منتينيغرو" في القمة, للمرة الأولى, وقبل أسابيع قليلة من تمتع بلاده في حق العضوية الكاملة والتي ستُعلن حسب مصادر مختلفة في شهر تموز/يوليو المقبل على أبعد تقدير.
وستشهد القمة التي تنعقد في المبنى الجديد للحلف للمرة الأولى اليوم, بعد أن قدرّت كلفة تشيده بأنها تجاوزت المليار يورو, كشف الستار عن نصبين تذكاريين, أحدهما يمثل جدار برلين وسترعاه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بحضور الأمين العام للحلف, والنصب الآخر لأحداث أيلول/سبتمبر 2001 ويرعاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب, ويمثل بعض معالم الطابق 107 في مركز التجارة العالمي, الذي استهدفه تنظيم "القاعدة" مبناه حينذاك.
وكانت العاصمة البلجيكية قد عاشت منذ ظهر الأربعاء، إجراءات أمنية مُشدّدة أُغلقت خلالها عدد من الطرق الرئيسية, لا سيّما وسط العاصمة, ومحيط مقر الاتحاد الأوروبي, وكذلك في المناطق المحيطة والمؤدية إلى مقر حلف الأطلسي, حيث تعقد القمة التي يشارك فيها زعماء الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان والبرتغال وعدد من دول أوروبا الشرقية إضافة إلى تركيا. وحلّقت في سماء بروكسل بعد ظهر الأربعاء، طائرات حربية قدمت عروضًا جوية مختلفة أعقبت وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إليها, وتناوبت طائرات هليكوبتر للاستطلاع والمراقبة على القيام بمهامها في مجال الأمن والاستطلاع.
أرسل تعليقك