لجأت السلطات القضائية والأمنية في إيران إلى إرسال رسائل نصية عبر الهواتف المحمولة للمواطنين، لتحذيرهم من الانخراط في الاحتجاجات المتصاعدة التي أطلقها ارتفاع أسعار البنزين.
واندلعت احتجاجات بعد ساعات من الإعلان عن رفع أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة لأول 60 لترا من البنزين يتم شراؤها كل شهر، و300 بالمئة لكل لتر إضافي.
واستمرت الاحتجاجات، الأحد، وامتدت إلى عشرات المدن والبلدات، مع إغلاق سائقي دراجات بخارية طرقا سريعة في مدن رئيسية ما أثار زحمة سير خانقة، كما هاجم آخرون ممتلكات عامة.
واستخدمت قوات الأمن الرصاص الحي في تفريق المتظاهرين في العديد من المدن.
وتداول المتظاهرون رسائل نصية وصلت إليهم من السلطات القضائية، حيث حذر النائب العام في مقاطعة البرز المواطنين من حضور "التجمعات غير القانونية" أو أنهم سيواجهون عواقب قانونية، حسبما أورد "راديو فاردا" الناطق بالفارسية.
و تقول رسالة إن الاحتجاجات "عكرت النظام العام ويستغلها مناهضو الثورة"، في إشارة إلى أولئك الذين يعارضون النظام الإيراني.
وفي رسالة نصية أخرى، حذر مجلس تنسيق الأمن والاستخبارات في مدينة بوشهر جنوبي البلاد المواطنين وطالبهم بمغادرة تجمعات الاحتجاج بسرعة، أو مواجهة العواقب.
كما تم إرسال رسائل نصية مماثلة من قبل السلطات في كرمان ومقاطعات خوزستان الغنية بالنفط، بحسب "فاردا".
خامنئي يدعم رفع الأسعار
ومن جهة أخرى، أيد المرشد علي خامنئي، الأحد، قرار الحكومة رفع أسعار البنزين ووصف المتظاهرين الغاضبين بأنهم قطاع طرق أو بلطجية، ما يشير إلى حملة قمع محتملة للمظاهرات.
وجاءت تعليقات خامنئي بينما حجبت السلطات الإنترنت في جميع أنحاء إيران لإخماد الاحتجاجات.
ومنذ ارتفاع أسعار الوقود، ترك المتظاهرون سياراتهم على طول الطرق السريعة الرئيسية وانضموا إلى الاحتجاجات الجماهيرية في العاصمة طهران وفي أماكن أخرى.
وتحولت بعض الاحتجاجات إلى أعمال عنف، حيث قام المتظاهرون بإشعال النيران، كما وقع إطلاق نار. ولم يتضح عدد الأشخاص الذين أصيبوا أو قُتلوا أو اعتقلوا.
وقالت السلطات السبت إن شخصا واحدا قتل، رغم أن تسجيلات مصورة أخرى للاحتجاجات أظهرت إصابة أشخاص بجروح خطيرة.
وفي خطاب بثه التلفزيون الرسمي الأحد، قال خامنئي إن "بعض الأشخاص ماتوا ودمرت بعض المراكز"، من دون الخوض في تفاصيل.
ووصف المتظاهرين العنيفين بأنهم بلطجية أو قطاع طرق دفعهم إلى العنف أعداء الثورة والأعداء الأجانب لإيران.
وأشار في ذلك تحديدا، إلى مناصري عائلة شاه إيران الراحل، الذي تمت إزاحته من السلطة قبل 40 عامًا، وحركة "مجاهدي خلق".
وأمر خامنئي قوات الأمن "بتنفيذ مهامها" وأن يظل المواطنون الإيرانيون بعيدين عن المتظاهرين العنيفين.
ويبدو أن هذا يشير إلى احتمال شن حملة قمع شديدة، فقد قوبلت الاحتجاجات الاقتصادية في أواخر عام 2017 حتى عام 2018 برد فعل شديد من جانب الشرطة وقوات الباسيج، وهي قوات أمنية متطوعة بالكامل تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني.
وقال خامنئي "مثل هذه الأعمال غير القانونية لن تحل أي مشكلة، ولكنها ستضيف انعدام الأمن على رأس مشاكل أخرى. انعدام الأمن هو أكبر كارثة بالنسبة لأي بلد أو مجتمع. هذا ما يتطلعون إليه."
وأوقفت السلطات الإيرانية 40 شخصا في مدينة يزد في وسط البلاد بعد صدامات مع الشرطة، حسبما ذكرت وكالة إسنا شبه الرسمية الأحد.
وفرضت الاحتجاجات ضغوطًا جديدة على الحكومة الإيرانية في الوقت الذي تكافح فيه للتغلب على العقوبات الأميركية التي تخنق اقتصاد البلاد منذ أن سحب الرئيس دونالد ترامب بلاده من جانب واحد من اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية منذ أكثر من عام.
وبينما تشكل المظاهرات خطرا سياسيا على الرئيس حسن روحاني قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في فبراير المقبل، فإنها تعكس أيضا الغضب واسع النطاق بين 80 مليون شخص في إيران يرون مدخراتهم تتبخر وسط قلة الوظائف، وانهيار العملة الوطنية، الريال.
تعطيل الإنترنت
وتعطلت شبكة الإنترنت الإيرانية مساء الجمعة وحتى السبت، بحسب منظمة "نت بلوكس"، التي تراقب الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء العالم.
وبحلول مساء السبت "أظهرت بيانات الشبكة أن الاتصال انخفض إلى 7 بالمائة فقط من المستويات العادية بعد 12 ساعة من انقطاع الشبكة التدريجي مع استمرار الاحتجاجات العامة في جميع أنحاء البلاد"، وفقا لنت بلوكس.
وقالت: "الانقطاع المستمر أكبر أخطر مسجل في إيران منذ تولي الرئيس روحاني السلطة، وأخطر انقطاع تتبعته نت بلوكس في أي بلد من حيث تعقيدها الفني واتساع نطاقها".
وتأثرت المواقع الإلكترونية لوسائل إعلام حكومية بالانقطاع صباح الأحد.
وذكرت وكالة الأنباء شبه الرسمية الإيرانية "إسنا"، الأحد، أن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أمر "بتقييد الوصول" إلى الإنترنت في جميع أنحاء البلاد، بدون الخوض في التفاصيل.
الأمن يستهدف "رؤوس وصدور" المحتجين على قانون الوقود
كشفت مصادر في المعارضة الإيرانية أن احتجاجات السبت في مدينة كرج غربي، خلفت 10 قتلى ونحو 18 مصابا، فيما صادق مجلس الأمن القومي على مشروع قانون تقنين استهلاك الوقود الذي أثار غضب السكان.
وأكدت المصادر أن قوات الأمن تطلق النار تجاه رؤوس وصدور المحتجين على رفع أسعار الوقود، في حين أكدت وسائل إعلام رسمية مقتل رجل أمن في أحداث مدينة كرمانشاه.
واندلعت احتجاجات مؤخرا في عدة مدن من بينها العاصمة طهران، بعد ساعات من الإعلان عن رفع أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة لأول 60 لترا من البنزين يتم شراؤها كل شهر، و300 بالمئة لكل لتر إضافي كل شهر.
وقال وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني، الأحد، إن قوات الأمن "تمارس ضبط النفس حتى الآن"، محذرا من أنها "ستتصدى بحزم للمخلين بأمن وراحة المواطنين".
وأوقفت السلطات الإيرانية 40 شخصا في مدينة يزد وسط البلاد، بعد صدامات مع الشرطة خلال التظاهرات، حسبما ذكرت وكالة "إسنا" شبه الرسمية الأحد.
ونقلت الوكالة عن المدعي العام في المدينة محمد حداد زاده، قوله إن الموقوفين "مثيرو شغب" متهمون بتنفيذ أعمال تخريب، ومعظمهم ليسوا من سكان المدينة.
وقال: "في أعقاب التغيير في أسعار البنزين أعرب بعض الناس عن معارضتهم (للقرار) في تجمعات هادئة، لكن بعد ذلك قام البعض، وهم من غير سكان يزد، بأعمال تخريب عن سوء نية في بعض أجزاء مدينة يزد".
واستمرت الاحتجاجات الأحد مع إغلاق سائقي دراجات بخارية طرقا سريعة في مدن رئيسية ما أثار زحمة سير خانقة، كما هاجم آخرون ممتلكات عامة.
60 نائباً يطالبون باستجواب روحاني
أفادت مصادر "العربية" و"الحدث" بتقدم 60 نائباً إيرانياً بطلب استجواب للرئيس الإيراني، حسن روحاني، على خلفية الاحتجاجات التي عمت عشرات المدن في إيران، وأسفرت عن سقوط 36 قتيلاً واعتقال نحو 1000 متظاهر خلال يومين.
ويتهم النواب الرئيس روحاني بعدم الكفاءة لإدارة البلاد، كما يتهمونه بممارسة التفرقة.
كما اتهم النواب الرئيس روحاني بأنه ينفذ سياسات اقتصادية مكررة.
من جهته، اعتبر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن الاحتجاج من حق الشعب لكن "يجب الفصل بين التظاهر والشغب"، وحذر قائلا إنه يجب عدم السماح بزعزعة استقرار إيران، كما أصدر روحاني توجيهات بدفع مساعدات مالية للمتضررين من رفع البنزين.
وبرر روحاني الزيادة في أسعار المحروقات قائلا "لو لم نرفع سعر البنزين لعادت إيران لاستيراده خلال عامين".
وكان نواب في مجلس الشورى الإيراني قد حملوا الرئيس روحاني، في وقت سابق، مسؤولية أعمال الشغب التي ارتكبها محتجون على زيادة أسعار المحروقات. ونقلت وكالة "مهر" للأنباء عنهم دعوتهم الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل السيطرة والإشراف على الأسعار حتى لا يتضرر الشعب.
وطالبوا خلال الاجتماع العلني لمجلس الشورى بالإشراف على أسعار السلع بعد ارتفاع أسعار البنزين، موجهين احتجاجهم لعدم اتخاذ آراء النواب بعين الاعتبار بهذا الخصوص.
وفي وقت سابق من الأحد، أيد المرشد الإيراني، علي خامنئي، قرار زيادة أسعار البنزين وتقنين توزيعه. وقال التلفزيون الرسمي الإيراني إن خامنئي ساند القرار، منحياً باللوم في "أعمال التخريب" على معارضي الدولة والأعداء الأجانب. ونقل التلفزيون عن خامنئي قوله، إن زيادة سعر البنزين استندت إلى رأي الخبراء ويجب دعمها.
وكان الرئيس روحاني رد على الاحتجاجات على ارتفاع أسعار البنزين بقوله إن "ذلك تم لمصلحة الشعب وطبقات المجتمع الفقيرة"، وذلك في تصريحات له الجمعة
قد يهمك أيضًا :
"الحراك" الجزائري يهاجم المُرشحين الخمسة عشية انطلاق حملة الانتخابات
آلالاف الجزائريون يخرجون إلى الشوارع للتظاهر رغم سوء الأحوال الجوية
أرسل تعليقك