تبادلت كييف وموسكو الاتهامات بتكثيف الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة على مناطق مدنية خلّفت أحياناً أعداداً كبيرة من القتلى، بينما لا تزال الجبهة شبه مجمّدة. والثلاثاء، لقي أشخاص عدة حتفهم في أوكرانيا بعدما أطلقت روسيا صواريخ على أنحاء مختلفة في البلاد، حيث أُعْلِنَ عن وقوع انفجارات في العاصمة الأوكرانية كييف ومدينة خاركيف في شرق البلاد.
وقال وزير الداخلية الأوكراني إيهور كليمينكو إن 5 أشخاص على الأقل لقوا حتفهم، وأصيب أكثر من 80 آخرين، بينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الضربات الصاروخية استهدفت منشآت للإنتاج العسكري في أوكرانيا، وأصابت جميع الأهداف المقصودة بنجاح. وذكرت الوزارة، في بيان، أنه جرى تنفيذ الضربات بصواريخ من الجو والبر على منشآت تنتج الصواريخ والمتفجرات والذخيرة.
وقال قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني إن روسيا استهدفت أوكرانيا بـ41 صاروخاً من طراز «S-300» وطراز «S-400»، وطراز «إسكندر». وأسقطت الدفاعات الجوية ما مجموعه 21 صاروخاً، وفق زالوجني الذي أكّد أن هذه الصواريخ «لم تصل جميعها إلى هدفها»، دون أن يقدّم مزيداً من التفاصيل. وأعلنت السلطات المحلية أن الهجمات أدّت إلى اشتعال النيران في مبانٍ سكنية وتحويل أخرى إلى أنقاض.
صباح الثلاثاء، عملت فرق الإنقاذ على إجلاء السكان المصابين، وكانت وجوه بعضهم ملطّخة بالدماء، وفق ما أفاد به مصوّر وكالة الصحافة الفرنسية. وحاول عناصر الإطفاء إخماد النيران في أنقاض مبنى استُهدف، بينما كان هناك فريق إغاثة يبحث على ناجين.
في بافلوغراد في منطقة دنيبروبتروفسك (وسط) «قُتل شخص وأُصيب آخر»، وفق المسؤول المحلي سيرغي ليساك. وفي كييف، أُصيب 22 شخصاً نُقل «13 منهم إلى مستشفيات بينهم 3 أطفال»، على ما أعلن رئيس بلدية العاصمة الأوكرانية فيتالي كليتشكو على «تلغرام». ولفت كليتشكو إلى احتراق مبنى ومركبات في حيّ سفياتوشينسكي، حيث عُثر على رأس حربي غير منفجر لصاروخ في إحدى الشقق. وفي حيّ بيشيرسك، اندلع حريق في مبنى «غير سكني».
وأكّد رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميغال أن بلاده «ستجعل روسيا تدفع ثمن المعاناة والألم اللذين تسببت فيهما».
وتحدث شهود من «رويترز» عن سماع موجات عدة من الانفجارات في كييف والمناطق المحيطة بها.
وقال سيرهي بوبكو رئيس الإدارة العسكرية في كييف عبر «تلغرام»: «الدفاع الجوي يتصدى في كييف. ابقوا في الملاجئ حتى انتهاء الإنذار من الغارات الجوية».
وذكّر الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الثلاثاء، أن الجيش الروسي «لا يضرب الهياكل الاجتماعية (...) والمدنيين». وأكّدت وزارة الدفاع الروسية أنها ضربت منشآت إنتاج «صواريخ ومكوناتها وذخائر ومتفجّرات»، مشيرة إلى أنها أصابت أهدافها كالعادة. غير أن الكثير من المدن الأوكرانية أبرزها ماريوبول وباخموت لحق بها دمار واسع منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط).
وقالت السلطات الأوكرانية إن 3 أشخاص على الأقل لقوا حتفهم، وأصيب عشرات آخرون بجروح في خاركيف، التي تقع على مسافة عشرات الكيلومترات فقط من الحدود الروسية. وقال رئيس بلدية خاركيف إيهور تيريخوف على «تلغرام» إن روسيا استهدفت المدينة أيضا، وأضاف: «إنهم يضربون خاركيف مرة أخرى، ووقعت بالفعل انفجارات عدة».
رجل يسير بجوار سيارة مدمرة في باحة مبنى سكني تضرر عقب هجوم بطائرة مسيّرة بأوديسا (أ.ف.ب)
وأضاف تيريخوف، إنه جرى تدمير مبنى سكني متعدد الطوابق في خاركيف ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، مضيفاً أن المياه والكهرباء انقطعتا في أحد أحياء المدينة. وقال رئيس بلدية كييف، فيتالي كليتشكو، إن نحو 20 شخصاً أصيبوا بجروح في المدينة. وقال كليتشكو إن أضراراً لحقت بالمباني السكنية، وإن سيارات عدة اندلعت فيها النيران جراء تساقط حطام الصواريخ التي جرى اعتراضها.
وتقول الطالبة دارينا بودنتشوك (17 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية قرب مبنى مدمّر في العاصمة إنها تشعر بـ«انزعاج». وتضيف أن «الوضع مرعب»، مشيرة إلى تحطّم نافذة في شقتها. ومن جهتها، تنتظر إرينا زاليزنا (25 عاماً) أن تتمكن من العودة إلى شقتها في مبنى تحطمت نوافذه أيضاً. وتقول: «الحمد لله. كل شيء على ما يرام (...)، والكلّ لا يزال على قيد الحياة». وأُصيب 3 آخرون بشظايا صواريخ في منطقة كييف، كما أعلن رئيس الإدارة العسكرية رسلان كرافتشنكو.
وتطالب أوكرانيا بشكل عاجل بمزيد من الأصول الدفاعية المضادة للطائرات من حلفائها الغربيين، وحددت لنفسها هدف استعادة السيطرة الجوية في هذه الحرب خلال العام الحالي. وكثّفت كييف هذا الشتاء ضرباتها بالصواريخ والمسيّرات في الأراضي الروسية، مستهدفة بشكل خاص مدينة بيلغورود.
وأعلن مجلس الدوما في البرلمان الروسي أنه صوَّت، الثلاثاء، على نص يتوجه إلى الأمم المتحدة والبرلمانات في جميع أنحاء العالم بشأن الهجمات الإجرامية التي تشنها أوكرانيا «ضد المدنيين على الأراضي الروسية».
على صعيد آخر، أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) توقيع عقود بقيمة أكثر من مليار يورو مع شركات في ألمانيا وفرنسا للحصول على ذخيرة مدفعية من عيار 155 ميلمتراً. وقالت ستايسي كومينغز مديرة وكالة الدعم والمشتريات التابعة لـ«الناتو» في مؤتمر صحافي بمقر الحلف في بروكسل، الثلاثاء، إنه سوف يجري إيصال أول الطلبات خلال فترة ما بين 24 و36 شهراً.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى ترحيبه برئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في كييف الاثنين (أ.ب)
وقد وقّع الناتو عقداً بقيمة 1.1 مليار يورو (1.2 مليار دولار)، الثلاثاء، لشراء مئات الآلاف من قذائف المدفعية عيار 155 مليمتراً، على أن يجري تزويد أوكرانيا ببعضها بعدما اشتكت من نقص الذخيرة. وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ للصحافيين بعد مراسم توقيع العقد بمقر الحلف في بروكسل: «أصبحت الحرب في أوكرانيا معركة ذخيرة». ووفقاً لمصادر في «الناتو»، فإن العقود سوف تمكن الحلف من شراء أكثر من 220 ألف قذيفة.
وأكد ستولتنبرغ أهمية زيادة إنتاج الذخائر، وقال: «بالنظر لمعدل استهلاك الذخائر الذي نشهده في أوكرانيا، والاحتياجات التي نراها للاستمرار في تقديم الدعم لأوكرانيا، نحن بحاجة لتعزيز الإنتاج. وهذا بالتحديد ما تقوم به الدول الحليفة في الناتو». وأضاف أن وكالة الدعم والمشتريات توصلت إلى اتفاقات إنتاج مقابل 10 مليارات دولار منذ أن صادق الحلف على خطة عمل لتعزيز إنتاج الأسلحة في يوليو (تموز) الماضي.
عمال طبيون يعالجون أحد السكان المحليين الجرحى وسط هجوم صاروخي روسي في خاركيف (رويترز)
وصرح وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف، الأسبوع الماضي، أن ما وصفه بأنه «تعطش للقذائف» يمثل مشكلة كبيرة للقوات الأوكرانية بعد نحو عامين من الغزو الروسي الشامل.
وقد يهمك أيضًا :
روسيا تخطط لضرب سلاسل التوريد في أوكرانيا وحلف "الناتو" يستعد لحرب إلكترونية شاملة
انقسام أميركي بشأن مواصلة دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا لأجل غير مسمى
أرسل تعليقك