القاهرة / غزة - شيماء عصام / كمال اليازجي
تتواصل الاجتماعات في القاهرة بين مصر وحركة حماس لمناقشة مقترحات جديدة تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة وتحقيق تقدم في ملف تبادل الأسرى والمحتجزين. في وقت حساس يشهد فيه القطاع تدهوراً كبيراً في الوضع الإنساني، تسعى هذه الاجتماعات إلى التوصل إلى اتفاق يشمل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، بالإضافة إلى إعادة فتح معبر رفح لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية. وتتناول المباحثات أيضاً آليات لإدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب، في إطار جهود إقليمية ودولية للحد من التصعيد وضمان إعادة إعمار غزة.
وقالت مصادر في حركة "حماس" الفلسطينية، إن وفد الحركة برئاسة عضو المكتب السياسي خليل الحية وصل، بعد ظهر السبت، إلى القاهرة لإجراء مباحثات تتعلق بأفكار جديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين.
وأوضح القيادي في "حماس"، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن زيارة الوفد للقاهرة جاءت تلبية لـ"دعوة كريمة" من مصر لـ"مناقشة جملة أفكار واقتراحات جديدة تسعى إلى التوصل لاتفاق لوقف الحرب وصفقة تبادل للأسرى".
وسيعقد الوفد خلال الزيارة التي تستمر لأيام، لقاءات عدة تشمل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، ومسؤولي ملف الوساطة في مسعى إلى بلورة اقتراح بشأن وقف إطلاق النار، لا سيما بعد يومين من إعلان وقف النار بين إسرائيل وجماعة "حزب الله" في جنوب لبنان.
وأكد القيادي في "حماس" أن "الحركة لم تتلق أي عرض أو اقتراح جديد حتى الآن، لكنها جاهزة لدراسة أية أفكار بما فيها وقف إطلاق النار والانسحاب تدريجياً من القطاع بشرط أن تتوفر ضمانات دولية أن يقود إلى وقف نهائي للحرب والانسحاب الكامل من القطاع وتبادل الأسرى، ومشروط بموافقة والتزام الاحتلال به".
وشدد على أن حماس "منفتحة على مناقشة كافة الأفكار والاقتراحات التي تقود لوقف الحرب وحماية الشعب الفلسطيني، والانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وعودة النازحين، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، وصفقة جادة لتبادل الأسرى، والإعمار".
وكان قيادي كبير في "حماس" قد أكد الجمعة، إن وفداً برئاسة الحية يصل القاهرة السبت، بناءً على دعوة من مصر لمناقشة جملة من الأفكار التي تهدف إلى التوصل لاتفاق لوقف حرب إسرائيل على غزة.
ومن المقرر أن سيجتمع وفد الحركة نفسه مع وفد من حركة "فتح" من المتوقع أن يصل أيضاً للقاهرة "لاستكمال البحث في آليات المصالحة واليوم التالي للحرب في غزة".
وستتناول النقاشات "الاقتراح المتعلق بتشكيل لجنة إدارية من كفاءات مستقلة" تم طرحها قبل شهرين، والتي من المتوقع في حال التوافق بشأنها بين الحركتين، أن تتولى إدارة القطاع بما في ذلك المساعدات، والإعمار، وكل ما يتعلق بإعادة بناء وتشغيل المؤسسات الصحية والتعليم والمعابر في غزة "بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والجهات الدولية".
وقبل أسبوعين، قالت مصادر مصرية رسمية، إن حركتي "فتح" و"حماس" بحثا في القاهرة اقتراح تشكيل "لجنة مدنية لإدارة غزة يتم التوافق عليها، وتتبع السلطة الفلسطينية".
وذكرت المصادر، حينها، أن اللجنة المدنية المقترحة لإدارة قطاع غزة، تحمل اسم "لجنة إسناد مجتمعي"، تتفق عليها الفصائل الفلسطينية.
وينص الاقتراح المصري على تشكل هيئة إدارية لقطاع غزة يطلق عليها اسم "اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة"، تتولى مهمة إدارة الشؤون المدنية وتوفير وتوزيع المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية.
وطالبت "حماس"، آنذلك، في الاجتماع السابق بتشكيل مرجعية لهذه اللجنة تتألف من مختلف الفصائل، لكن حركة "فتح" أصرت على أن تكون اللجنة جزءاً من الحكومة الفلسطينية، وتشكل بمرسوم رئاسي صادر عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتكون الرئاسة والحكومة مرجعيتها الدائمة.
من جانبها أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، السبت، بأن مصر تجري محادثات مع إسرائيل لإعادة فتح معبر رفح الحدودي، في إطار جهود جديدة قد تسمح بتدفق المساعدات إلى قطاع غزة، وتمهد الطريق نحو اتفاق أوسع لوقف إطلاق النار، على أن تساعد السلطة الفلسطينية في إدارة الجانب الفلسطيني من المعبر، وتتخلى حركة "حماس" عن سيطرتها الكاملة عليه.
وذكرت الصحيفة أن مسؤولين مصريين زاروا إسرائيل في وقت سابق من هذا الأسبوع للتفاوض على شروط إعادة فتح المعبر، الذي كان يتم الاعتماد عليه بشكل كبير لتوصيل المساعدات وتوزيعها، ولكنه ظل مغلقاً منذ مايو الماضي، عندما شنّت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في مدينة رفح الحدودية بغزة.
ووفقاً للصحيفة، فإن المقترح الجديد يهدف إلى البناء على الزخم الذي تحقق الأسبوع الماضي من خلال وقف إطلاق النار في لبنان، والذي صمد على نطاق واسع لليوم الرابع بعد شهرين من القتال العنيف بين إسرائيل وحزب الله.
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن الجهود الجديدة لإعادة فتح معبر رفح تأتي ضمن مقترح جديد يجري بحثه مع إسرائيل وحماس لوقف القتال في غزة لمدة 60 يوماً، كما أن المقترح المطروح يناقش السماح لإسرائيل بالحفاظ على وجود عسكري في القطاع.
ووفقاً للمقترح، تبدأ عملية إطلاق سراح المحتجزين خلال 7 أيام من بدء وقف إطلاق النار، والسماح لنحو 200 شاحنة مساعدات بالدخول إلى غزة يومياً ضمن مراحله الأولى.
ونقلت الصحيفة عمن سمتهم "مفاوضين مصريين" قولهم إنه إذا توصلت مصر وإسرائيل إلى اتفاق، فإن المعبر ربما يعاد فتحه أوائل ديسمبر، متوقعة أن يناقش مسؤولون بحركة "حماس" المقترح الجديد في القاهرة، السبت.
وبموجب المقترح الجديد، ستساعد السُلطة الفلسطينية في إدارة الجانب الفلسطيني من المعبر، مع تخلي حماس عن السيطرة عليه بشكل كامل، وستقوم إسرائيل بفحص أسماء الأشخاص الذين يمرون عبره.
وأضافت الصحيفة أن مصر وحماس أشارتا إلى أنهما لن تصرا على مغادرة الجيش الإسرائيلي للجانب الغزي من معبر رفح بشكل فوري، وهو ما اعتبرت "وول ستريت جورنال" أنه يمثل "تراجعاً عن مطلب رئيسي كان قد أفشل المحاولات السابقة لإعادة فتح المعبر".
وكانت مصر جددت في أغسطس الماضي، رفضها أي وجود إسرائيلي في معبر رفح أو محور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر، مؤكدةً أنها أبلغت "جميع الأطراف المعنية بعدم قبولها ذلك".
ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية"، عن مصدر مصري رفيع المستوى، قوله إن "مصر تدير الوساطة بين طرفي الصراع في غزة، بما يتوافق مع أمنها القومي، ويحفظ حقوق الفلسطينيين".
وتتمسك القاهرة بموقفها في الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا، ومعبر رفح، كما أكد مسؤولون إسرائيليون وأميركيون، مرات عدة، أن المصريين رفضوا بقاء القوات الإسرائيلية.
من جانبه، رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرد على طلب الصحيفة الحصول على تعليق.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في السُلطة الفلسطينية قوله، من خلال متحدث باسمه: "لا يوجد شيء مؤكد حتى الآن"، فيما رفضت وزارة الخارجية الأميركية الرد على طلب "وول ستريت جورنال" الحصول على تعليق.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت، إن الرئيس جو بايدن "سيواصل العمل على مدار الساعة لإطلاق سراح مواطنينا" المحتجزين في غزة.
وشدد المتحدث على أن هناك فرصة مهمة لإبرام صفقة لإطلاق سراح المحتجزين ووقف الحرب وزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، مشيراً إلى هناك عرض مطروح على الطاولة الآن للتوصل لاتفاق.
وكانت مصر قد اقترحت في أكتوبر الماضي وقفاً لإطلاق نار على نطاق صغير لمدة تصل إلى أسبوعين على أمل بناء الزخم لاتفاق أكبر، حسبما قال المفاوضون في ذلك الوقت، كما عرضت إسرائيل، بشكل منفصل، على أعضاء حماس "مروراً آمناً" إلى دولة أخرى في حال توقفوا عن القتال وأطلقوا سراح المحتجزين، لكن الحركة الفلسطينية رفضت العرض على الفور، بحسب "وول ستريت جورنال".
قد يهمك أيضــــاً:
أرسل تعليقك