واشنطن - محمد صالح
غادرت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تايوان، بعد زيارة عدّتها الصين "استفزازية".وصرحت بيلوسي أرفع مسؤول في الولايات المتحدة يزور الجزيرة منذ 25 عاماً: "اليوم جاء وفدنا إلى تايوان ليقول بشكل لا لبس فيه إننا لن نتخلى عن التزامنا تجاه تايوان وأننا فخورون بصداقتنا الدائمة".
وأعلنت رئيسة تايوان تساي إنغ ون الأربعاء أن بلادها "لن تتراجع" في مواجهة تهديد الصين التي تستعد لتنظيم مناورات عسكرية تنطوي على خطورة بالقرب من سواحل الجزيرة رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي.
وخلال لقاء مع تساي في تايبيه، قالت بيلوسي إنها جاءت إلى المنطقة "بسلام"، مؤكدة في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن التزاماتها حيال الجزيرة الديموقراطية التي تعيش تحت التهديد الدائم لغزو صيني.
وأدانت وزارة الخارجية الصينية "الانتهاك الخطير" للالتزامات الأميركية حيال بكين الذي "يقوض بشكل خطير السلام والاستقرار الإقليميين".
و توعّد وزير الخارجية الصيني وانغ يي الأربعاء بمعاقبة من يسيئ إلى بكين، وقال وانغ على هامش اجتماع لرابطة دول جنوب شرق آسيا في بنوم بنه "هذه مهزلة خالصة. الولايات المتحدة تنتهك سيادة الصين تحت ستار ما يسمى بالديموقراطية".
واستدعت الحكومة الصينية السفير الأميركي نيكولاس بيرنز مساء الثلاثاء. وعبر نائب وزير الخارجية شيه فينغ عن "احتجاجات حازمة" لبلده على الزيارة.
وقال إن "المبادرة (زيارة بيلوسي لتايوان) صادمة جداً والعواقب ستكون خطيرة جداً"، كما ذكرت وكالة الصين الجديدة.
من جهتها، وعدت وزارة الدفاع الصينية "بأعمال عسكرية محددة الأهداف"، عبر سلسلة من المناورات العسكرية حول الجزيرة تبدأ الأربعاء، بما في ذلك "إطلاق الذخيرة الحية بعيدة المدى" في مضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيسي للصين.
كذلك أعلنت الصين الأربعاء تعليق استيراد بعض أنواع الفاكهة والأسماك من تايوان وتصدير الرمال الطبيعية إلى الجزيرة، رداً على الزيارة. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لتايوان، سجل التبادل التجاري ارتفاعاً بنسبة 26 بالمئة في عام 2021 ، لتصل إلى 328 مليار دولار.
وفي الولايات المتحدة، قال المتحدث باسم الأمن القومي الأميركي جون كيربي، إن زيارة بيلوسي تتماشى مع سياسة الولايات المتحدة وهي التأكيد على وحدة الصين (صين واحدة) ولا داعي لتحويل (زيارة بيلوسي) إلى أزمة .
و أدانت الصين بشدة زيارة نانسي بيلوسي، ووصفتها بأنها "انتهاك خطير لمبدأ صين واحدة". وحذرت من "تأثير خطير" على الأساس السياسي للعلاقات الصينية الأمريكية.
وقالت وزارة الخارجية الصينية، في بيان الثلاثاء، إن زيارة بيلوسي "تنتهك بشكل خطير سيادة الصين وسلامة أراضيها".
وحذرت الوزارة من أن الزيارة "تقوض بشكل خطير السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان، وترسل إشارة خاطئة بشكل خطير إلى القوات الانفصالية بشأن استقلال تايوان".
ووصلت بيلوسي الثلاثاء إلى تايوان، على الرغم من محاولة الرئيس الأمريكي جو بايدن ثنيها عن الذهاب إلى تايبيه.
وقالت بيلوسي إنها تريد احترام التزام أميركا الثابت لما وصفته بالديمقراطية النابضة بالحياة في تايوان.
وكانت الصين قد حثت الولايات المتحدة بشدة على "التوقف عن اللعب بورقة تايوان والتدخل في الشؤون الداخلية للصين"، و"عدم السير في المسار الخطأ والخطير".بيلوسي: الولايات المتحدة لن تتخلى عن تايوان
وكشفت وسائل إعلام حكومية في الصين أن الجيش سيجري تدريبات بالذخيرة الحية لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من اليوم الأربعاء، مع منع جميع السفن والطائرات المدنية من دخول مناطق التدريبات.
كما أوقفت الصين الاستيراد من 35 منتجاً للبسكويت والمعجنات التايوانيين، في تحذير قبيل زيارة بيلوسي.
ويعد البسكويت والمعجنات من العناصر التجارية الهامة بين تايوان والصين، بما في ذلك هونغ كونغ.
و كان حوالى ثلثي الصادرات من تايوان في عام 2021 من البسكويت والمعجنات بقيمة إجمالية 646 مليون دولار، حسبما ذكرت وسائل الإعلام التايوانية.
وفي عام 2020، بلغت القيمة 660 مليون دولار ومثلت 37 في المئة من إجمالي الصادرات.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 100 شركة في تايوان ستضطر إلى التوقف عن التعامل مع الصين بعد سريان العقوبة.
ما هي سياسة "الصين الواحدة"؟
منذ عام 1979، وافقت الولايات المتحدة على الاعتراف بسياسة "الصين الواحدة".
و هذا يعني أن الولايات المتحدة تعترف بموقف الصين، وأن هناك حكومة صينية واحدة فقط.
وبموجب هذه السياسة، تتمتع الولايات المتحدة بعلاقات رسمية مع الصين، وليس تايوان.
لكن الولايات المتحدة لا تزال تدعم الجزيرة وقد وعدت بمساعدتها في الدفاع عن نفسها، بما في ذلك إمدادها بالأسلحة.
وتمثل سياسة "صين واحدة" حجر الزاوية الرئيسي للعلاقات الصينية الأمريكية.
ويهدد الحزب الشيوعي الحاكم في الصين باستخدام القوة، إذا أعلنت تايوان استقلالها رسميًا.
زيارة رغم التحذيرات
ووصلت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، على متن طائرة عسكرية إلى تايبيه عاصمة جزيرة تايوان الثلاثاء رغم تحذيرات قوية من بكين.
وقالت بيلوسي على حسابها على تويتر إن زيارة وفدها تؤكد"التزام أمريكا الثابت بدعم الديمقراطية النابضة بالحياة في تايوان".
وأضافت: "تضامن أمريكا مع 23 مليون شخص في تايوان هو أكثر أهمية اليوم من أي وقت مضى"، وأن زيارتها "لا تتعارض بأي حال من الأحوال مع سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد".وقالت إن "الولايات المتحدة تواصل معارضة الجهود الأحادية لتغيير الوضع الراهن".
ونقلت وسائل إعلام عن مصادر أميركية قولها إن عدة طائرات حربية صينية حلقت بالقرب من الخط الفاصل عند مضيق تايوان.
وقال المصادر إنه بالإضافة إلى الطائرات الصينية التي تحلق بالقرب من الخط الأوسط للمضيق، أبحرت عدة سفن حربية صينية بالقرب من الخط الفاصل غير الرسمي منذ الاثنين. وأضاف أن السفن الحربية والطائرات الصينية "تجاوزت" خط الوسط صباح الثلاثاء، وهي خطوة غير عادية وصفها المصدر بأنها "استفزازية للغاية".
وقال إن الطائرات الصينية أجرت تحركات تكتيكية بشكل متكرر من خلال "ملامستها" لخط الوسط لفترة وجيزة والعودة إلى الجانب الآخر من المضيق صباح الثلاثاء، بينما كانت الطائرات التايوانية في وضع الاستعداد في مكان قريب.
لكنه أضاف أن الطائرات الصينية غادرت المنطقة بعد الظهر، لكن السفن بقيت.
وقد أدت زيارة بيلوسي إلى تايوان إلى تصعيد جديد في التوتر بين واشنطن وبكين.
وترى الصين أن زيارة بيلوسي، التي ظلت منتقدة منذ فترة طويلة لبكين، ترسل إشارة مشجعة للمعسكر المؤيد للاستقلال في تايوان وحذرت منها مرارا.
وتقول بكين إن تايوان هي جزء من أراضيها - وأرسلت طائرات حربية إلى مضيق تايوان وسفنا حربية حتى الخط الفاصل مع الجزيرة.
وتعرض موقعان رئيسيان تابعان للحكومة التايوانية لهجوم إلكتروني، على الرغم من عدم اعتراف أحد بتنفيذ الهجوم.
وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان إنها على دراية كاملة بالأنشطة العسكرية وسترسل قوات بشكل مناسب ردا على أي "تهديدات للعدو".
وأفاد السكان في مدينة شيامن الواقعة في جنوب شرق الصين، وتقع قبالة تايوان، وتضم وجودا عسكريا كبيرا، بمشاهدة مركبات مدرعة وهي تتحرك يوم الثلاثاء، ونشروا صورا على الإنترنت.
وقالت المتحدثة هوا تشون ينغ في إفادة صحفية يومية في بكين "في مواجهة تجاهل الولايات المتحدة المتهور لتصريحات الصين المتكررة والجادة، فإن أي إجراءات مضادة يتخذها الجانب الصيني ستكون مبررة وضرورية، وهو أيضا حق أي دولة مستقلة وذات سيادة".
وعكست وسائل التواصل الاجتماعي الصينية المخاوف من صراع محتمل والحماسة الوطنية في الصين، وكانت رحلة بيلوسي هي العنصر الأكثر شيوعا على موقع ويبو المماثل لتويتر.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
نانسي بيلوسي تذكر اسم ترامب في مؤتمر صحفي وتعتذر بعدها
القبض على امرأة هددت باطلاق النار على رأس بيلوسي
أرسل تعليقك