ودعت اليابان اليوم (الثلاثاء) شينزو آبي، الشخصية المثيرة للاستقطاب والذي هيمن على السياسة بصفته رئيس الوزراء الأطول خدمة في البلاد، قبل أن يُقتل بالرصاص في تجمع انتخابي الأسبوع الماضي، وفقاً لوكالة «رويترز». ووسط وجود مكثف للشرطة، دخل رجال يرتدون سترات سوداء ونساء يرتدين ملابس سوداء معبد زوجوجي بوسط طوكيو لحضور مراسم الجنازة الخاصة. واصطفت حشود على جوانب الطرق المجاورة وسط حرارة الصيف الشديدة.
وأشاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن به واصفا إياه بأنه كان «صاحب رؤية». وتزامن ذلك مع إعلان الائتلاف الحاكم فوزه في الانتخابات التي جرت في أجواء خيم عليها الحزن بعد يومين من مقتل آبي بإطلاق النار عليه خلال تجمع انتخابي.
ونقل جثمان آبي بعد ظهر الاثنين من منزل عائلته إلى معبد زوجوجي، حيث سُجي لإلقاء نظرة الوداع عليه قبل جنازته الخاصة اليوم الثلاثاء. وستجري مراسم تأبين عامة له في موعد لاحق لم تقدم تفاصيل بشأنها بعد، فيما وصل بلينكن في زيارة سريعة، لم تكن مقررة بينما يقوم بجولة آسيوية، لنقل تعازي واشنطن، حيث سلم رئيس الوزراء فوميو كيشيدا رسائل من الرئيس الأميركي جو بايدن موجهة لعائلة آبي وقال: «نحن أصدقاء. وعندما يتألم أحد الأصدقاء، يأتي الآخر لرؤيته». وأضاف أن آبي «عمل أكثر من أي شخص آخر للارتقاء بالعلاقة بين الولايات المتحدة واليابان»، واصفا إياه بأنه «صاحب رؤية ويملك القدرة على تحقيق هذه الرؤية».
وكان المئات قد تدفقوا على المعبد مساء أمس (الاثنين) لإلقاء نظرة الوداع على آبي، الذي توفي عن 67 عاما. وأحدث مقتله يوم الجمعة على يد رجل استخدم مسدسا محلي الصنع حالة من الصدمة في بلد تندر فيه جرائم الأسلحة والعنف السياسي. وكانت المراسم، المقررة في الساعة 01:00 ظهرا (04:00 بتوقيت غرينتش)، مغلقة أمام وسائل الإعلام واقتصرت على العائلة والأصدقاء المقربين.
وعقب المراسم، مرت العربة التي تحمل جثمان آبي في وسط طوكيو. ومر الموكب بمنطقة ناجاتاشو، القلب السياسي للعاصمة، التي تضم معالم رئيسية مثل مبنى البرلمان الذي دخله آبي لأول مرة كنائب شاب في عام 1993، بعد وفاة والده السياسي، والمكتب الذي قاد منه البلاد على مدى فترتي ولاية كرئيس للوزراء، من 2012 إلى 2020.
ومنذ الصباح الباكر، تشكلت صفوف طويلة من المواطنين بملابس سوداء، اختلطوا مع آخرين في ملابس غير رسمية، خارج المعبد. كانت كيكو نومي، وهي معلمة تبلغ من العمر 58 عاما، واحدة من كثيرين أتوا للصلاة ووضع الزهور أمام صورة كبيرة لآبي داخل أرض المعبد يظهر فيها ضاحكا ومرتديا قميصا أبيض.
وقالت «كان هناك شعور بالأمن عندما كان رئيس الوزراء المسؤول عن البلاد». وأضافت «لقد أيدته حقا، لذلك هذا مؤسف للغاية». واصطف آخرون أمام مقر الحزب الديمقراطي الحر الحاكم. وتدفقت عبارات التأبين من زعماء دوليين، حيث توقف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لفترة وجيزة في طريقه إلى الولايات المتحدة عائدا من جنوب شرقي آسيا صباح أمس (الاثنين) لتقديم العزاء. وانضمت أيضا وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى المعزين.
وقالت وكالة «كيودو» للأنباء إن ما يقرب من 2000 رسالة عزاء وصلت من دول حول العالم. وأرسل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعازيه في مقطع فيديو نُشر على حساب الرئاسة الرسمي على «تويتر» بعدما زار السفارة اليابانية في باريس. وقالت الوكالة نقلا عن محققين إن القاتل، الذي أُلقي القبض عليه في مكان الحادث وعرفته الشرطة باسم تيتسويا ياماجامي (41 عاما) يعتقد أن آبي روج لمجموعة دينية قدمت لها والدته «تبرعا كبيرا».
وآبي متحدر من أسرة معروفة في عالم السياسة وكان أصغر رئيس وزراء سنا في البلاد بعد الحرب لدى توليه السلطة أول مرة عام 2006 عندما كان يبلغ 52 عاما. وأثارت مواقفه القومية المتشددة انقسامات وخصوصا رغبته في تعديل الدستور السلمي، بينما واجه سلسلة فضائح تشمل اتهامات بالمحسوبية. لكن آخرين أشادوا به خصوصا لاستراتيجيته الاقتصادية التي بات يطلق عليها اسم «Abenomics» وجهوده الرامية لتثبيت موقع اليابان في الساحة الدولية، بما في ذلك عبر إقامة علاقات وطيدة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وتحتجز السلطات المتهم بقتل آبي، وهو تيتسويا ياماغامي (41 عاما) الذي قال للشرطة إنه استهدف رئيس الوزراء السابق لاعتقاده بأنه ينتمي إلى منظمة معينة لم يُعلن عن اسمها رسميا بعد. وذكرت تقارير إعلامية يابانية أنه يحمل المجموعة التي وصفت بأنها منظمة دينية، مسؤولية الصعوبات المالية التي تواجهها عائلته نظرا إلى أن والدته قدمت تبرعات كبيرة لها.
وذكرت «كنيسة التوحيد»، وهي حركة دينية عالمية تأسست في كوريا في خمسينات القرن الماضي، أن والدة ياماغامي عضو فيها. وقال رئيس الكنيسة في اليابان توميهيرو تاناكا خلال مؤتمر صحافي تم تنظيمه على عجل في طوكيو: «كانت تحضر مناسباتنا مرة كل شهر»، رافضا التعليق على مسألة التبرعات. وأشار إلى أن الكنيسة رُوعت إثر عملية قتل آبي «الهمجية» وأكد بأنها ستتعاون مع تحقيقات الشرطة.ويعتقد أن ياماغامي قضى ثلاث سنوات في سلاح البحرية الياباني وشاهد مقاطع مصورة على «يوتيوب» تعلم من خلالها صناعة أسلحة نارية في المنزل مثل ذاك الذي استخدم في الهجوم، وفق ما أفادت مصادر مطلعة على تحقيقات الإعلام المحلي.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
محمد بن زايد يؤكّد أن العلاقات الإماراتية اليابانية ازدهرت في فترة قيادة شينزو آبي
الحكومة اليابانية تكشف تفاصيل خطط إعادة فتح الاقتصاد الإثنين
أرسل تعليقك