دمشق - نور خوام
كشف ديبلوماسي فرنسي، على هامش المؤتمر الدولي الذي انعقد في باريس، الثلاثاء، تحت شعار "شراكة دولية ضد الإفلات من العقاب" لمن يستخدمون الأسلحة الكيميائية والذي شاركت فيه حوالي 30 دولة وجهة دولية، عُقد بعيداً عن الإعلام اجتماع وزاري شاركت فيه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن، أن خطاب ريكس تيلرسون قبل أيام عن استراتيجية بلاده في سورية تضمنت رؤية "تعيد الولايات المتحدة إلى قلب الحل السوري بعد أن كانت مهتمة سابقاً بهزيمة داعش فقط".
واستعرض الدبلوماسي نفسه التبدل الذي طرأ على الدور الأميركي في الملف السوري قائلاً إنّه "في عهد أوباما وكيري كان الأميركيون والروس يتحادثون فتقوم واشنطن بعد ذلك بإبلاغ حلفائها بما تفاهمت بشأنه مع موسكو، أما اليوم فالأميركيون مهتمون بتعزيز موقف حلفائهم ثم نقله إلى الروس مستندين إليه في محادثاتهم مع موسكو، وهذا ما كان يطالب به دائماً الرئيس ماكرون، وهو العمل الجماعي لدعم مهمة ستيفان دي ميستورا"، المبعوث الخاص بشأن سورية، وفي معرض انتقاده لمؤتمر سوتشي الذي تنوي روسيا عقده نهاية الشهر الجاري، قال دبلوماسي فرنسي آخر، إن هذا المؤتمر "يشبه اللويا جيرغا (مجلس موسع يمثل القبائل الأفغانية)، إذ تشارك فيه أطراف لا يُعرف مدى نزاهتها ومدى تمتعها بالحرية والأمن والاستقلالية، ومدى تمثيلها لكل مكونات الشعب السوري، أما عملية جنيف فتشارك فيها أطراف حددتها قرارات مجلس الأمن".
وكشف المصدر نفسه أن فرنسا وحلفاءها لم يقرروا بعد المشاركة في مؤتمر سوتشي، واصفاً إياه بالمبادرة الأحادية التي "يجب وضعها تحت عهدة الأمم المتحدة وتحت مظلة مفاوضات جنيف ومرجعيتها قرار مجلس الأمن 2254". وتابع في السياق نفسه: "يقدم الروس مبادرتهم كمؤتمر وطني يجمع مئات السوريين لإطلاق عملية تدعم مسار جنيف، ثم يقولون إن الهدف هو التوافق عن لجنة دستورية ولجنة متابعة، وهذا يشبه بقوة عملية ستحل محل عملية جنيف بدل مساعدتها".
وميز الدبلوماسي الفرنسي بين الموقفين الروسي والإيراني من الحل في سورية، معتبراً أن "الروس بحاجة إلى التفاوض معنا ومع حلفائنا، لأنهم يعرفون أنه في غياب عملية سياسية دولية سيتحملون المسؤولية، أما الإيرانيون فغير مبالين بالحل السياسي، وهم يدعمون بشار الأسد بشكل كامل"، ودعا المصدر نفسه إلى ضمان بيئة آمنة وحيادية لإجراء انتخابات تحت إشراف دولي، كما حذر الدبلوماسي الفرنسي روسيا من الاعتقاد بأن الحل في سورية "يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية يترأسها الأسد وتضم معارضين مزيّفين، وتعمل في ظل الدستور القديم نفسه"، وكان لافتاً أن تركيا التي شاركت في أعمال الموتمر الدولي لمعاقبة مستخدمي الأسلحة الكيمياوية قد تغيبت عن الاجتماع الوزاري المصغر بشأن سورية، سُئل الدبلوماسي الفرنسي عما إذا كانت استُبعدت عن الاجتماع فقال: "لم تُستبعد ولكن لم نطلب حضورها".
وكانت الرئاسة الفرنسية قد أصدرت بياناً، مساء الثلاثاء، أشار إلى اتصال هاتفي بين الرئيس إيمانويل ماكرون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، وذكر البيان أن باريس قلقة إزاء التدخل العسكري التركي في منطقة عفرين رغم أنها "تأخذ في الحسبان المتطلبات الأمنية لتركيا"، وتحت شعار "شراكة دولية ضد إفلات مستخدمي الأسلحة الكيمياوية من العقاب" التقى ممثلو حوالي ثلاثين دولة وجهة دولية في مؤتمر باريس، وجاء في إعلان المبادئ الختامي أن المجتمعين قرروا جمع المعلومات وتبادلها بين دول الشراكة وإنشاء آليات للتعرف إلى منتهكي حظر استخدام الأسلحة الكيمياوية تمهيداً لمحاكمتهم وإطلاق موقع إنترنت يتضمن لائحة موحدة بأسماء الشخصيات والكيانات المنتهِكة للقانون الدولي.
وأفاد ريكس تيلرسون بأن "روسيا تتحمل في النهاية مسؤولية عن ضحايا استخدام الأسلحة الكيمياوية في الغوطة الشرقية وأماكن أخرى عديدة بما أنها أصبحت متورطة في سورية"، مشيراً إلى الهجوم الذي أوقع الاثنين في الغوطة أكثر من عشرين إصابة في صفوف مدنيين "معظمهم من الأطفال، أما وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان فقد توجه إلى "المجرمين الذين يتحملون نتائج ارتكاب هذه الأعمال البربرية" قائلاً لهم: "يجب أن تعرفوا أنكم لن تُفلِتوا من العقاب"، واعداً بأن يعمل الخبراء بشكل منتظم للتوصل إلى نتائج سريعة وعملانية لناحية كشف منتهكي القانون الدولي.
وكان سبق انعقاد مؤتمر باريس صدور مرسومين صباح الثلاثاء في الجريدة الرسمية الفرنسية يتضمنان عقوبات بحق أربعٍ وعشرين شخصية وهيئة تتوزع مقرّاتها بين دمشق وباريس وبيروت ويُشتبه في مساهمتها في برنامج الأسلحة الكيمياوية السوري تخطيطاً وتنفيذاً، ولم تشمل العقوبات أي شخصية في النظام السوري "لعدم وجود عناصر كافية تسمح باتهام أقطاب في السلطات السورية" وفق مصادر رسمية فرنسية، وتمثلت العقوبات في تجميد أموال الشخصيات والهيئات المشمولة بالعقوبات.
أرسل تعليقك