لندن - سليم كرم
سعت ليبيـا بعد سنواتٍ من العزلة الدولية تحت حكم العقيد الراحل معمر القذافي، إلى محاكاة جيرانها في الشرق الأوسط، عن طريق إنشاء صندوق للثروة السيادية في عام 2006 لإستثمار عائدات مبيعاتها من النفط. وسرعان ما لجأت هذه الدولة الواقعة شمال إفريقيـا إلى "غولدمان ساكس" لمساعدتها على إستثمار ما يزيد عن 35 مليار دولار أميركي من الأموال التي كانت متاحة في أواخر عام 2007.
وتوترت هذه العلاقة بعد أن أشارت هيئة الاستثمار الليبية إلى تعرضها للتضليل من قبل بنك وول ستريت Wall Street في عام 2008 بشأن سلسلة من المعاملات المشتقة وخسارة 1,2 مليار دولار في نهاية المطاف، عندما جاء ميعاد إستحقاق تلك العقود في عام 2011.
وحصلت مؤسسة "غولدمان ساكس" على أكثر من 200 مليون دولار في الربح الإجمالي على المعاملات، وفق ما أكد صندوق سيادي خلال المحاكمة التي بدأت يوم الاثنين في لندن. وقالت هيئة الإستثمار الليبية بأنها كانت مستثمرا ساذجا يمتلك طاقم عاملين يفتقد إلى الخبرة في التعامل مع الخدمات المصرفية الاستثمارية، مشيرة إلى أن "غولدمان ساكس" إستغلت هذه السذاجة للعاملين في إقناع صندوق التمويل بالإستثمار في المعاملات المعقدة التي لا يفهمونها أو يرغبون فيها.
وإحتج يوم الإثنين روجر ماسفيلد، وهو محامٍ لدى هيئة الاستثمار الليبية على إستخدام غولدمان لبرامج التدريب، والهدايا، والرحلات إلى دبي ولندن والمغرب، إضافةً إلى تدريب الشقيق الأصغر لنائب المسؤول التنفيذي للصندوق لكسب الأفضلية وإقناع صندوق التمويل للدخول في الاستثمارات.
ويجري النظر في القضية أمام المحكمة العليا في لندن من قبل القاضي فيفيان روز، ومن المتوقع أن تستمر لنحو سبعة أسابيع. فيما كانت المرة الأولى التي ترفع فيها الدعوى في لندن قبل عامين. وعارضت غولدمان هذه الإدعاءات وقالت بأن هيئة الإستثمار الليبية كانت تتمتع بالخبرة المالية لفهم المعاملات المعقدة وغيرها من المعاملات الأخرى التي تشارك فيها.
ويدور الخلاف حول تسع معاملات مشتقة مرتبطة بأسهم "سيتي غروب"، والمرافق الفرنسية EDF إلى جانب شركاتٍ أخرى. ودخل صندوق التمويل الليبي في المعاملات عام 2007 و 2008 خلال الأشهر التي سبقت الأزمة المالية، وخسر إستثماراته تأثراً بالأزمة الإقتصادية التي تعرضت لها أسعار أسهم الشركات في المعاملات المتنازع عليها. وفي ذلك الوقت، كانت ليبيـا تتطلع الى التعامل مع الأسواق العالمية، بعد سنواتٍ من العزلة السياسية والركود في معدلات التنمية. وهو ما دفع هيئة الإستثمار الليبية إلى الدخول في علاقة وثيقة مع غولدمان التي إعتبرته بحلول منتصف عام 2007 بمثابة بنك خاص تقريباً وليس مجرد مستشار موثوق به.
وكانت هيئة الاستثمار الليبية، مثل صناديق الثروة السيادية للبلدان النامية الأخرى تسعى إلى شراء حصص إستراتيجية في شركات عالمية يمكن أن تكون شريك للتنمية في المستقبل، وفقا لمذكرات قضائية والتي تشتمل على الشركات المالية.
وقالت هيئة الإستثمار الليبية بأن يوسف القباج وهو مصرفي سابق في غولدمان ساكس إحتسى وتناول الغداء مع عدد من موظفي صندوق التمويل خلال رحلات تدريبية إلى لندن، تضمنت الإقامة في أرقى الفنادق، و تناول وجبات باهظة الثمن بأشهر المطاعم في لندن. لتتخطى نفقاته في إحدى المرات نظير الترفه 22,000 جنيه أو حوالي 31,000 دولار. وتم تذكيره في غولدمان بأن أية نفقات يتحملها صندوق التمويل الليبي تحتاج إلى موافقة مسبقة.
كما إحتج صندوق التمويل الليبي أيضاً على أن غولدمان حاول كسب النفوذ بتوفير تدريب لحاتم زرتي وهو الشقيق الأصغر لمصطفي زرتي نائب المسؤول التنفيذي للصندوق. وهو التدريب الذي ربما لا يزال موضوع تحقيق من قبل لجنة الاوراق المالية والبورصات.
ووفقاً للمذكرات القضائية، فإن السيد قباج قد إستضاف حاتم زرتي في لندن على نفقة غولدمان ساكس، وإصطحبه لقضاء أجازة في المغرب. فيما يقول صندوق التمويل الليبي بأن غولدمان ساكس قد سدد تكاليف رحلة حاتم زرتي على درجة رجال الأعمال، وكذلك تكاليف الإقامة في فندق خمس نجوم خلال الرحلة إلى دبي.
أرسل تعليقك