ناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حلف شمال الأطلسي الجمعة تسليم اوكرانيا أسلحة في أسرع وقت ممكن "لانها لم تعد قادرة على الانتظار أكثر" في مواجهة الضغوط الروسية، واعلن الناتو عن اتفاق بشأن أنظمة دفاع جوي عشية تصويت حاسم في الولايات المتحدة. وتحدث الرئيس الأوكراني عبر الفيديو أمام الحلف الأطلسي عشية تصويت حاسم في الكونغرس الأميركي على مساعدات بقيمة 61 مليار دولار متوقعة منذ أشهر من قبل كييف التي تفتقر إلى العديد والعتاد في مواجهة الروس المتفوقين على الجبهة ويكثفون ضرباتهم.
وقال زيلينسكي "هذا العام، لم نعد نستطيع انتظار اتخاذ قرارات. اطلب منكم ان تأخذوا مطالبنا في الاعتبار في اسرع وقت".
واضاف زيلينسكي "يجب اعادة (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين الى الواقع ويجب ان تعود اجواؤنا آمنة (...) وهذا رهن بخياركم، خيار يتصل بتحديد ما اذا كنا فعلا حلفاء".
وطالب على وجه الخصوص بسبعة أنظمة باتريوت إضافية مضادة للطائرات، بعد يومين من الضربة الروسية التي خلفت 18 قتيلا الأربعاء في تشيرنيغيف (شمال).
وتابع "من المؤكد انه ما دامت روسيا متفوقة في الجو ويمكن ان تعول على الرعب الذي تنشره المسيرات والصواريخ، فان قدراتنا على الارض محدودة للاسف".
في ختام اجتماع وزراء دفاع الناتو وزيلينسكي، أعلن الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، عن اتفاق لتسليم مزيد من الأنظمة المضادة للطائرات لكييف، بدون تحديد موعد نهائي.
في الوقت نفسه، تعهد وزراء خارجية دول مجموعة السبع الجمعة ب "تعزيز" وسائل الدفاع الجوي في أوكرانيا بعد اجتماعهم في إيطاليا.
وتواجه أوكرانيا نقصا في الذخيرة وهي غير قادرة على حماية جميع مدنها والبنى التحتية للطاقة التي يستهدفها الجيش الروسي بانتظام منذ عدة أسابيع.
وتواصل كييف مطالبة الحلفاء بالذخيرة والأنظمة المضادة للطائرات لمواجهة الضربات الروسية، لكن الانقسامات في أوروبا وخصوصا في واشنطن أدت إلى تباطؤ عمليات التسليم في المجال العسكري.
ميدانياً خلّفت الضربات الليلية الروسية ما لا يقل عن ثمانية قتلى بينهم طفلان و34 جريحا في منطقة دنيبروبتروفسك (وسط شرق) بحسب خدمة الطوارئ الأوكرانية. وكانت حصيلة رسابقة تحدثت عن سقوط ثمانية قتلى.
ونددت شركة السكك الحديد العامة الأوكرانية الجمعة "بالقصف الكثيف" لبنيتها التحتية في دنيبرو ومنطقتها، وأشارت الى مقتل موظف وإصابة سبعة آخرين.
وفي بلدة نيويورك القريبة من الجبهة في منطقة دونيتسك (شرق) قُتل شخص وأصيب آخر في قصف، حسبما أعلن الحاكم المحلي.
وأعلن فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق أنه زار جنودا في منطقة دونيتسك شرقا، حيث يكثف الجيش الروسي ضغوطه وتفقد ايضا "بناء تحصينات"، وهي إحدى الأولويات الحالية لأوكرانيا.
وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجهها، أعلنت كييف الجمعة نجاحا في معركتها في مواجهة القصف الروسي.
وأعلن قائد سلاح الجوي الأوكراني ميكولا أوليشوك الجمعة أن قواته اسقطت "لأول مرة قاذفة استراتيجية بعيدة المدى من طراز توبوليف 22 ام3 تحمل صواريخ كروز X-22".
ووفقا للاستخبارات العسكرية الأوكرانية فإنها طائرة شاركت في الغارات الليلية و"تم إسقاطها بعد عملية خاصة".
وتؤكد الاستخبارات الاوكرانية أن هذه الطائرة سقطت في منطقة ستافروبول جنوب غرب روسيا.
وقال المتحدث باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش لوكالة فرانس برس "إنها الطائرة التي قصفت دنيبرو وكريفي ريغ" مؤكدا "ثأرنا لمدننا ومدنيينا".
في موسكو، لم تؤكد وزارة الدفاع الروسية استهداف نيران اوكرانية طائرة عسكرية روسية، لكن مصدرا عسكريا قال لوكالة تاس للأنباء إن قاذفة من طراز توبوليف 22 إم 3 "تحطمت في منطقة ستافروبول بعد مهمة قتالية أثناء العودة إلى قاعدتها".
من جانبه، أعلن حاكم منطقة ستافروبول أن طائرة من طراز توبوليف 22 ام 3 تحطمت في هذه المنطقة جراء خلل "فني"، وأن أحد أفراد الطاقم على الأقل قتل. وأضاف أنه تم العثور على اثنين من افراد الطاقم على قيد الحياة وما زالت فرق الانقاذ تبحث عن رابع.
وكان رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميها قد حذّر من أن تؤدي هزيمة بلاده في صراعها مع روسيا إلى اشتعال "حرب عالمية ثالثة".
وحثّ شميهال الكونغرس الأمريكي على تمرير مشروع قانون المساعدات الخارجية المتعثر منذ فترة طويلة.
وأعرب شميهال في مقابلة لمحطة بي بي سي التلفزيونية عن "تفاؤله العميق" بشأن موافقة المشرّعين الأمريكيين على مشروع القانون المُثير للجدل، والذي يخصّص61 مليار دولار لـكييف.
ومن المقرَّر أن يصوِّت مجلس النواب على الحزمة يوم السبت، فيما يتضمن مشروع القانون أيضاً تمويلاً لإسرائيل وكذلك منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وتقول روسيا إنَّ أيَّ مساعدات أمريكية جديدة لأوكرانيا لن تُحدث فارقاً في ساحة المعركة، كما لن تُجدي نفعاً لكييف.
وفي حديثه ، في واشنطن يوم الأربعاء، قال رئيس الوزراء الأوكراني عن المساعدة العسكرية الأمريكية إنَّ بلاده في أمسّ الحاجة لهذه المساعدات "نحن بحاجة إليها منذ الأمس، وليس اليوم أو الغد".
وأضاف: "إذا لم ندافع عن أوكرانيا ستسقط، وسيُدمَّر معها نظام الأمن العالمي، وسيحتاج العالم كله إلى البحث عن نظام جديد"، وتابع شميهال: "أو ستتولّد العديد من الصراعات والحروب، وفي نهاية المطاف، قد يؤدي ذلك إلى اشتعال حرب عالمية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تحذر فيها أوكرانيا من العواقب التي قد تترتب على هزيمتها المحتملة.
وفي العام الماضي، قال الرئيس زيلينسكي إن انتصار روسيا في الصراع، قد يؤدي إلى تشجيعها على غزو بولندا بعد ذلك، ما سيؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة.
لكن مسؤولي الكرملين سخروا من مثل هذه المزاعم، وقالوا إنها "لإثارة ذعر الغرب". وفي الشهر الماضي، رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التلميحات بأنَّ روسيا قد تهاجم أوروبا الشرقية ذات يوم، ووصفها بأنها "محض هراء".
ولم تهاجم روسيا قط دولة تنضوي تحت لواء حلف شمال الأطلسي "ناتو"، بما في ذلك بولندا؛ ذلك أنَّ الهجوم على أي عضو في "الناتو" يعني الهجوم على جميع الأعضاء وفق ميثاق الدفاع الجماعي المشترك بينهم.
وفي المقابلة التي أجريت يوم الأربعاء، سُئل رئيس الوزراء شميهال عن الادعاء الأخير لرئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي مايكل ماكول بأنّ أعضاء حزبه تأثروا بالدعاية الروسية.
وقال شميهال: "يجب معرفة أنَّ المعلومات المضللة والدعاية تؤثر هنا في الولايات المتحدة على كثير من الناس، كما في الاتحاد الأوروبي، وكما هي الحال أيضاً في أوكرانيا".
وقد منعت معارضة الجناح اليميني في الحزب الجمهوري تمرير المساعدة المحتملة لأوكرانيا لعدة أشهر.
واعترض بعض مشرّعي "اليمين الجمهوري" على إرسال عشرات المليارات من المساعدات إلى الخارج، بدلاً من إعطاء الأولوية لأمن الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
كما رفض المحافظون -بشكلٍ مطلق- أيَّ اتهام يصفهم بأنهم "أدوات للكرملين"، معتبرين ذلك "افتراءات".
وقال الرئيس جو بايدن في بيان، يوم الأربعاء، إنّه سيوقّع الحزمة لتصبح قانوناً فور إقرارها من قبل الكونجرس "لإرسال رسالة إلى العالم مفادها أننا نقف إلى جوار أصدقائنا".
وتعتمد أوكرانيا بشكلٍ كبير على إمدادات الأسلحة من الولايات المتحدة والغرب لمواصلة قتال روسيا، التي تفوقها في العدد والعتاد.
وخلّفت أشهر من الجمود في الكونغرس آثارا عميقة على ساحة المعركة، ووجدت أوكرانيا نفسها أقلَّ عدداً، ما اضطرها إلى التراجع بسبب نقص الذخيرة وتراجع الروح المعنوية.
وفي فبراير/شباط، انسحبت أوكرانيا من أفدييفكا، وهي بلدة بالقرب من دونيتسك المحتلة. وأشار أولكسندر تارنافسكي، وهو جنرال يُشرف على عملية الانسحاب، إلى أنّ أعداءهم (الروس) يفوقونهم في امتلاك ذخيرة المدفعية بنسبة عشرة إلى واحد، وقال إنّ الانسحاب بعد أشهر من القتال هو "الحل الوحيد".
وألقى الرئيس زيلينسكي باللوم على "النقص في إمداد الأسلحة"، حيث وجّه نداءات عاجلة للحصول على مزيد من المساعدات العسكرية لتجنب الوصول إلى وضع "كارثي".
وعزا الرئيس بايدن سبب التراجع إلى "تضاؤل الإمدادات نتيجة لتقاعس الكونغرس".
وكانت خسارة أفديفكا هي الأكبر لأوكرانيا منذ انسحاب قواتها من باخموت في مايو/أيار 2023، بعد أشهر من حرب الاستنزاف التي قامت فيها القوات الروسية بتسوية المباني بالأرض باستخدام المدفعية الثقيلة ودفعت بموجات من القوات إلى خط المواجهة
ومؤخراً، أعرب الجنرال ريتشارد بارونز، القائد السابق لقيادة القوات المشتركة في المملكة المتحدة، عن خشيته من أن تُمنى أوكرانيا بالهزيمة خلال العام الجاري ما لم تحصل على الأسلحة والذخيرة التي تحتاجها لتأمين خطوطها.
وقال بارونز: "نرى روسيا تتقدم في الخطوط الأمامية، متفوقة في العتاد بنسة خمسة إلى واحد مقارنة بأوكرانيا، فضلا عن التفوق الروسي في عدد القوات، وقد تشعر أوكرانيا بأنها غير قادرة على الانتصار".
وتساءل بارونز: "حين تصل القوات إلى هذه النقطة، ما الذي يدفعها إلى القتال؟"
وتكبّد الجانبان خسائر فادحة في المعارك، لكن الأثر بدا أوضح على أوكرانيا منه على روسيا، نظراً لتفوق الأخيرة بالأساس في العدد والعتاد.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، خفّضت الحكومة الأوكرانية سنّ الانضمام إلى الجيش من 27 إلى 25 عاماً، في محاولة لتجنيد مئات الآلاف من الشبان.
وقال الرئيس زيلينسكي إن 31 ألف جندي أوكراني قُتلوا منذ عام 2022، لكن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن عدد القتلى يزيد على 70 ألفًا وأن أعداد المصابين أكبر.
ويُقدِّر تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية أنّ ما لا يقل عن 50 ألف جندي روسي قتلوا، فيما يُعتقد أن عشرات الآلاف قد أصيبوا.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك