أعلنت قيادة العمليّات المشتركة، صباح اليوم الثلاثاء، انطلاق عمليّة عسكرية لتحرير قرية استراتيجيّة في الجانب الأيسر من قضاء الشرقاط، شمال محافظة صلاح الدين، فيما توقّع رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، انتهاء العمليات العسكريّة لتحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم "داعش"، قبل نهاية العام الجاري.
وقالت العمليات في بيان ورد إلى "صوت الإمارات "إن قطعات قيادة شرعت عمليات صلاح الدين، لتحرير قرية كنعوص، في الساحل الأيسر لقضاء الشرقاط، من محورين. وبّينت أن المحور الأوّل يقوده حشد "أسود دجلة"، واللواء ٦٠ من الجيش العراقيّ، والمحور الثاني يقوده حشد "جنوب الموصل"، وحشد "بيارق العراق".
إلى ذلك، يُتوقّع أن يتمّ إجراء تعديلات على الخطة العسكريّة الدائرة في الموصل، منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، نظرًا للتحديات الكبيرة التي تواجهها، حيث أفاد ضابط في قيادة عمليات نينوى، إلى "صوت الإمارات"، أنّ "قوات مكافحة الإرهاب التي تقاتل في المحور الشرقيّ من الموصل، تمكّنت من فرض سيطرتها الكاملة، على أحياء الأمن والقاهرة والمصارف لتضمّها إلى المناطق المحرّرة"، مبيناً أنّ "تحرير تلك الأحياء تمّ بعد قتال ومعارك مستمرّة، واستطاعت القطعات تحقيق النصر على "داعش"".
وأشار إلى أنّ "القطعات تعمل حاليًا على تطهير الأحياء من العبوّات الناسفة التي زرعها التنظيم، بينما تسعى إلى التقدّم من هذا المحور (الشرقيّ) نحو المحور الشماليّ لإطباق سيطرتها على الساحل الأيسر، وتطويق التنظيم في الساحل الأيمن".
يأتي ذلك في ما توقّع رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي انتهاء العمليات العسكريّة لتحرير مدينة الموصل، من قبضة تنظيم "داعش" قبل نهاية العام الجاري، وذلك خلال في مقابلة متلفزة، مع وكالة "اسوشيتد برس"، بثّت اليوم الثلاثاء.
وأعرب العبادي عن تمنياته في أن يتمّ طرد التنظيم المتشدد من الموصل في أسرع وقت ممكن، وقال إنّ "العمليات العسكريّة الجارية لتحرير المدينة ستنتهي قبل نهاية عام 2016".
من جهتها، أعلنت قيادة عمليات "قادمون يا نينوى"، أنّ "قطعات مكافحة الإرهاب، أكملت تحرير 23 حيًّا من أحياء الساحل الأيسر من مدينة الموصل"، وأكّد قائد العمليات، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، أنّ "تلك الأحياء تمّ تطهيرها أيضًا من المخلّفات العسكريّة التي تركها التنظيم".
إلى ذلك، وفي المحاور الأخرى من المعركة، فإنّ "قطعات الشرطة الاتحاديّة متوقفة في شمال المحور الجنوبيّ قرب تلال البو سيف، ولم تتقدّم نحوها منذ أيّام عدّة"، وقال المصدر العسكريّ ذاته، إنّ "القطعات تخوض مناوشات مع التنظيم فقط".
أمّا المحور الجنوبيّ الشرقيّ، والذي تتولّى المهامّ العسكرية فيه، الفرقة المدرّعة التاسعة، فإنّ "المعارك فيه أيضًا متوقفة"، حيث أكّد المصدر ذاته، أنّ "القطعات تتولّى مهام تطهير المناطق التي حرّرتها في الأيام السابقة، والتي ترك فيها "داعش" آلاف العبوات الناسفة".
وبحسب المصدر، فإنّ "قطعات الفرقة 16 من الجيش العراقي لم تتقدّم في المحور الشماليّ منذ فترة ليست بالقصيرة"، مشيرًا إلى أنّ "هذا المحور لا يشهد سوى مناوشات بعيدة بين القطعات و"داعش"".
في المقابل، يتوقّع أن يتمّ إجراء تعديلات على الخطة العسكريّة الدائرة في الموصل منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، نظرًا للتحديات الكبيرة التي تواجهها.
ويؤكد قائممقام الموصل أن ما بين 2 - 3 مدنيين يسقطون يوميًا بسبب قصف داعش للأحياء السكنيّة المحررة بالهاونات. ويقول مسؤول محليّ إن مستشفيات إقليم كردستان لم تعد قادرة على استيعاب الجرحى، وإن أغلب المصابين ممن فقدوا أطرافهم. وقد دفع هذا التحدي جهات موصليّة الى الاستعانة بـ"قوات نخبة أميركيّة"، للإسراع بتحرير المدينة وإنقاذ الأهالي.
هذا وتنتظر القوات في جنوب الموصل، قرب المطار الدوليّ، السيطرة بالكامل على المنطقة المحررة مؤخرًا، لاستئناف العمليات باتجاه الساحل الأيمن.
وكان قائممقام الموصل، حسين حاجم، قد كشف مؤخرًا عن إصابة 300 شخص ومقتل 50 من المدنيين في الموصل، منذ اقتحام الساحل الأيسر قبل أسابيع، حيث بات المسلحون يستخدمون المجمعات السكنيّة لاستهداف القوات المحرِّرة، وغالبًا ما يتمركز قناصة التنظيم في الطوابق الوسطى وبين الأهالي.
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى، ابنيان الجربا، إن الحرب داخل المدينة أصبحت مكلفة على السكان وعلى القوات الأمنيّة التي تتعرض الى خسائر، مضيفًا أنّ أعداد المصابين في المستشفيات الميدانيّة على الحدود الإدرايّة لإقليم كردستان، كبيرة، والمستشفيات في الإقليم لم تعد كافية"، مشيرًا الى أنّ "أغلب المصابين هم من مقطوعي الأطراف، وإصابات الأطفال معظمها في العيون".
وتعاني خزينة محافظة نينوى من الإفلاس، كما يقول الجربا إنّ "دولاً عربيّة كالكويت استأجرت موقعًا داخل الإقليم لتحويله الى مستشفى ميدانيّ"، ودعا المسؤولين العراقيين الى زيارة المستشفيات للاطلاع على حجم الاصابات وعدد الضحايا، للإسراع في تحرير الموصل وإنقاذ المدنيين.
ويرى عضو مجلس محافظة نينوى أن جهاز مكافحة الإرهاب لم يعد قادرًا لوحده على محاربة "داعش" وحماية المدنيين في الساحل الأيسر للموصل، مؤكدًا أن "الأمر بات صعباً للغاية ونحتاج إلى قوات من التحالف الدوليّ لمساعدتنا".
وكان تلكؤ بعض القطعات العسكرية قد تسبب بإلغاء خطة تقضي بتخطي الأحياء السكنيّة الشرقيّة للموصل، والتوجه الى ضفة نهر دجلة، ثم تعود تدريجيًا لتحرير ما تركته. وهو أمر كان سيمنع الإضرار بالبنى التحتيّة وبالأهالي، بحسب مسؤولين هناك.
بدوره، يرجّح النائب عن الموصل عبد العزيز حسن، وهو عضو لجنة الأمن والدفاع النيابيّة، أن تقوم القيادة العسكريّة بتغيير الخطة في شرق الموصل، معتبرًا أنّ ذلك أمر طبيعي نظراً لطبيعة التطورات على الأرض.
لكنّ النائب عن الموصل يؤكد استمرار العمليات رغم اعترافه بتباطئها، مشيرًا الى أن "القوات نجحت بإخراج الكثير من الأهالي من 20 حياً في الساحل الأيسر". وتوقّع اللجوء الى تكتيك الإنزالات العسكريّة لتحقيق أهداف سريعة.
ويرى عضو لجنة الأمن البرلمانيّة أن العمليات في الموصل، ستطول الى أشهر. ويضيف "في بداية العام المقبل سنكون سيطرنا على نصف الموصل فقط".
ومؤخراً كشف نجم الجبوري، قائد عمليات نينوى، إن القوات العراقية حددت جدولا زمنيًا يستغرق ستة أشهر لحملة الموصل. وأشار في تصريحات صحافيّة، الى أنه يمكن للقوات العراقيّة نقل أسلحة ثقيلة ودبابات عبر شوارع الموصل الضيّقة، وإن "تنظيم "داعش" يستخدم المدنيين دروعًا بشريّة لإبطاء تقدم القوات الحكوميّة".
لكنّ ذلك لا يمنع تراجع "داعش" عن المقاومة داخل الموصل، بحسب النائب عبد العزيز حسن، الذي يقول "كان التنظيم "الإرهابي" يفجّر 30 سيارة في بداية العمليات، لكنّه اليوم لا يستطيع تفجير سيارتين في آن واحد".
وتتفادى القوّات العراقية، منذ اسبوعين تقريبًا، الاستعانة بالقصف الجويّ، أو المدفعية الثقيلة، خشية على أرواح المدنيين، وكانت الخطة العسكريّة تتضمن إبقاء سكان الموصل في منازلهم، لتفادي مشكلة إيواء النازحين، لكن رغم ذلك تعدّى حجم النزوح عتبة الـ70 ألف شخص.
ميدانياً، يتحدث عضو لجنة الأمن، النائب عبد العزيز حسن، عن مفآجات قريبة في المحور الشماليّ. ويقول "لا يمكن الإفصاح عمّا سيحدث في ذلك المحور، لأنه من الأسرار العسكريّة، لكن ستتحرك القوات قريبًا".
وتتمركز قطعات الفرقة 16، وقوات حرس نينوى بقيادة أثيل النجيفي، في القاطع ولم تسجل تقدمًا مذكورًا. وتسرّبت معلومات عن تغيير وشيك سيطول القطعات العسكرية.
وبشأن تطورات المحور الغربيّ، يؤكد النائب عن الموصل أن "القوات تنتظر استكمال "الحشد الشعبيّ" فتح الطريق المؤدية الى المدينة، لكي تبدأ الهجوم".
وكان الاتفاق السياسيّ الأخير، الذي أفصح عنه رئيس الوزراء حيدر العبادي، يتضمن عدم دخول قوات "الحشد الشعبي" الى تلعفر، وإسناد الأمر الى قوات الجيش والشرطة.
إلى ذلك، تعمل القوّات المشتركة في المحور الجنوبيّ، الذي تمّ تحرير معظم بلداته، على تثبيت الأمن هناك، قبل التقدم نحو مطار الموصل الذي يعدّ المدخل الرئيسيّ الى قلب الساحل الأيمن.
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى، عبد الوكاع، إن "المحور الجنوبيّ لم يتوقف بسبب مقاومة "داعش"، وإنما بسبب رغبة القوات لتأمينه بشكل تام".
وتسعى القوات هناك الى تحويل المناطق القريبة من المطار الى "نقطة انطلاق" الى الساحل الأيمن. وبدأت القطعات العسكريّة، مؤخرًا، باقتحام قرى البو سيف، الواقعة شمال حمام العليل، وهي آخر منطقة قبل مطار الموصل.
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى إن "معركة تحرير البو سيف، ستكون سهلة ما دامت خالية من المدنيين".
وأعلنت قيادة الشرطة الاتّحادية، في وقت سابق، تحرير كامل مساحة المحور الجنوبيّ في نينوى، مؤكدة الاستعداد لاقتحام مدينة الموصل.
وقال قائد الشرطة الفريق رائد شاكر جودت، في بيان صحافيّ، إن "قطعات الشرطة الاتحاديّة حرّرت كامل مساحة المحور الجنوبيّ في نينوى البالغة 1846 كم مربع".
وأضاف قائد الشرطة الاتحاديّة أن "هذه القطعات استعادت السيطرة على 94 قرية وقتلت 935 متطرفًا منذ انطلاق عمليات "قادمون يا نينوى"، مشيرًا الى أنها "تستعد للشروع بمرحلة اقتحام مدينة الموصل".
هذا ويأمل المعنيون بأن يمنح طريق المطار دخولاً سريعًا الى قلب الموصل من الساحل الأيمن عبر البو سيف، التي تضمّ مجموعة قرى متناثرة لكنها جبليّة ووعرة. ويؤكد مسؤولون محليّون أن التنظيم لم يضع تحصينات كبيرة في المنطقة.
وفي سياق العمليات، كشفت لجنة الأمن والدفاع البرلمانيّة، عن قرب انطلاق عمليات تحرير تلعفر، وتحدثت عن "مفاجآت" سيشهدها المحور الشماليّ المتلكئ منذ انطلاق العمليات أواسط تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
سياسيًا يتّجه العراق نحو أزمة سياسيّة جديدة بعد إقرار قانون "الحشد الشعبي" بالغالبيّة، وسط تحفّظ القوى السياسية السنّية. وفي حين حاول مسؤولو "الحشد"، الأحد الماضي، طمأنة المعترضين، أعلن نائب رئيس الجمهوريّة رئيس "تحالف القوى العراقيّة"، أسامة النجيفي، وقف المفاوضات المتعلقة بـ"التسوية الوطنيّة".
وقال النجيفي عقب اجتماع موسّع لقادة الكتل السنيّة في مجلس النواب، إنه أبلغ المبعوث الدولي يان كوبيش صعوبة تطبيق التسوية السياسيّة وأعاد إليه رسالة من زعيم "التحالف الوطنيّ" عمار الحكيم تتعلق بالتسوية.
وأضاف أن "هناك نهجاً ينمو ويترسخ لدى (التحالف الوطني) في إدارة البلاد بصورة منفردة، عبر اتخاذ قرارات مصيريّة في معزل عن الشركاء"، وأكد أن كتلته ستقدم طعنًا على القانون".
وأفاد المكتب الإعلاميّ لرئيس البرلمان العراقيّ سليم الجبوري، أنّ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش، عرض وثيقة التسوية السياسيّة التي طرحها التحالف الوطنيّ خلال اجتماع ضمّ قادة تحالف القوى السنيّة بحضور الجبوري.
وأضاف مكتب الجبوري أن كوبيش أيّد وجهة نظر تحالف القوى بضرورة أن تسبق أيّ نقاش لبنود وثيقة التسوية السياسيّة إجراءات عمليّة تجسد مبادئ هذه الوثيقة.
يأتي الاجتماع بعد تصويت البرلمان العراقي على قانون "الحشد الشعبي" الذي اعترض عليه تحالف القوى السنيّة، وعدّه مسمارًا أخيراً في نعش المصالحة.
إلى ذلك قدّم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، ورقة تتضمن مقترحات لإصلاح آلية عمل "هيئة الحشد الشعبيّ"، سلمها إلى الرئيس العراقي فؤاد معصوم ورئيس مجلس النواب (البرلمان) سليم الجبوري.
وقال مكتبا رئيسي الجمهورية والبرلمان في بيانين منفصلين، إن وفداً من التيار الصدري سلّم كلاً من معصوم والجبوري، نسخة من ورقة اقترحها الصدر لإصلاح تنظيم "هيئة الحشد الشعبي".
بدوره، قال سياسيّ عراقي سنيّ كبير إن العراق معرّض لخطر الانقسام وأسوأ أعمال عنف طائفيّة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003، إذا شاركت الفصائل الشيعيّة المسلحة في معركة استعادة مدينة الموصل من تنظيم "داعش".
لكن خميس الخنجر، وهو أيضًا رجل أعمال موّل قوّة قوامها ثلاثة آلاف شخص مؤلفة بالأساس من مقاتلين سنّة درّبتهم تركيا تعرف باسم قوات حرس نينوى، يقول إنه ينبغي أن تقود القوّة العملية إلى جانب الجيش العراقيّ وتتولى السيطرة على المدينة بعد طرد المتشددين منها.
وقال الخنجر في مقابلة في العاصمة الأردنيّة عمان "الكلّ ينتظر الخلاص من "داعش" لكن بعد هزيمته ستبدأ مرحلة خطيرة جدًا إذا لم تلتفت الولايات المتحدة والحكومة إلى الظلم الذي يقع على السنّة".
أرسل تعليقك