بينما دخل وباء كورونا الفتاك شهره الرابع، أظهرت دراسة لبيانات مجمعة من تطبيق رصد أعراض مرض كوفيد-19، الذي ينتج عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد، أن فقد القدرة على الشم والتذوق من أفضل طرق تحديد ما إذا كان شخص ما مصابا بالفيروس، أم لا، وأظهرت البيانات التي حللها الباحثون أن 60 بالمئة من المرضى الذين أكدت التحاليل إصابتهم بمرض كوفيد-19، سجلوا فقد حاستي الشم والتذوق، بالمقارنة مع 18 بالمئة من بين الذين جاءت تحاليلهم سالبة، وفق ما نقلت "رويترز".
وقال الباحثون في جامعة "كينغز" في لندن إن هذه النتائج، التي نشرت على الإنترنت، ولكن لم تحظ بمراجعة خبراء آخرين، تعد أكثر قوة في توقع نتيجة إيجابية لفحص كوفيد-19 من القياس الذاتي لدرجات الحرارة، وطور علماء في بريطانيا والولايات المتحدة التطبيق للمساعدة في رصد تفشي الجائحة، ويقول الباحثون إن هذا التطبيق يمكن أن يبطئ التفشي، ويحدد بسرعة أكبر الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.
وقال العلماء إنه إذا شارك عدد كاف من الناس الأعراض، يمكن للتطبيق كذلك أن يقدم للنظام الصحي معلومات قيمة للغاية.
وقال أندرو تشان، الأستاذ بكلية الطب بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، الذي شارك في الدراسة "هذه الدراسة المستندة إلى بيانات التطبيق تعد سبيلا لمعرفة بؤر تركز كوفيد-19، والأعراض الجديدة التي يتعين البحث عنها، ويمكن أن يستخدم كأداة تخطيط لاستهداف الحجر الصحي وإرسال أجهزة التنفس الصناعي وتقديم بيانات آنية للتخطيط لحالات تفشي في المستقبل".
ومن بين 1.5 مليون مستخدم للتطبيق من 24 مارس إلى 29 مارس، سجل 26 بالمئة عرضا أو أكثر للمرض على التطبيق، ومنهم 1702 حالة أجري لها تحليل الفيروس فجاءت نتائج 579 إيجابية، ونتائج 1123 سلبية.
وباستخدام كل البيانات المجمعة، طور فريق الباحثين نموذجا رياضيا لتحديد أي مجموعة من الأعراض التي تتراوح بين فقد القدرة على الشم والتذوق للحمى والسعال المستمر والإسهال وألم البطن وفقدان الشهية هي الأكثر دقة في توقع الإصابة بفيروس كورونا.
وقال تيم سبكتور الأستاذ بجامعة كينغز الذي يشارك في الدراسة "بالإضافة لأعراض أخرى يبدو أن الذين يعانون من فقد حاستي الشم والتذوق أكثر احتمالا بثلاث مرات من غيرهم لأن تأتي نتائج تحاليلهم إيجابية لكوفيد-19".
وطبق فريق سبكتور هذه النتائج على نحو 400 ألف شخص سجلوا أعراضا على التطبيق، ولم يتم بعد إجراء تحليل الفيروس لهم، ووجدوا أن نحو13 بالمئة منهم من المرجح أن يكونوا مصابين،وقال سبكتور إن هذا يشير إلى أن نحو 50 ألف شخص في بريطانيا، ربما يكونون حالات إصابة لم تتأكد بعد.
في منتصف مارس الماضي، ظهر مصطلح "مناعة القطيع" أو "المناعة بالعدوى"، وذلك بالتزامن مع دعوة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى اتباع هذه الاستراتيجية في مواجهة فيروس كورونا المستجد.
لكن هذه الاستراتيجية سرعان ما انهارت وسط الانتشار الواسع للفيروس، الذي أصاب جونسون نفسه، مع تحذيرات متزايدة صادرة عن أطباء وخبراء، من تطبيقها.
وتستند استراتيجية "مناعة القطيع" ببساطة إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي، بحيث يصاب معظم أفراد المجتمع بالفيروس، وبالتالي تتعرف أجهزتهم المناعية على الفيروس، ومن ثم تحاربه إذا ما حاول مهاجمتها مجددا.
لكن المختصين يحذرون من هذه الاستراتيجية في ظل إغراق المستشفيات بالمرضى.
وأعرب جيريمي روسمان، أستاذ علم الفيروسات في جامعة كينت البريطانية، عن اعتقاده أن مناعة القطيع قد تكون غير فعالة في مواجهة فيروس كورونا، مرجعا عدم نجاعة هذه الاستراتيجية إلى تطور الفيروس جينيا وتطوير سلوكه، الأمر الذي قد يحتاج إلى طرق جديدة لمكافحته.
ويمكن لمناعة القطيع أن تكتسب أيضا من خلال إعطاء لقاح لعدد كبير من الناس لمكافحة الوباء، مما يصعّب من انتقاله لآخرين، لكن ذلك الحل أيضا غير متوفر في مواجهة فيروس كورونا، إذ تشير تقديرات الخبراء إلى أن لقاحه لن يكون متاحا قبل سنة إلى سنة ونصف السنة من الآن.
ويقول مارك وولهاوس، أستاذ علم الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة إدنبرة في أسكتلندا، إن مناعة القطيع يمكن أن تحدث بشكل طبيعي إذا تعرض عدد من الناس للعدوى، إذ يكوّنون أجساما مناعية مضادة تكسر شوكة الفيروس، ولن يكون بمقدوره الانتشار على نطاق واسع، لكن وولهاوس أكد في الوقت نفسه في تصريح لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، أن استرايجية مناعة القطيع لن تكبح تماما تفشي الفيروس أو تمنع انتشاره بشكل كامل، خصوصا في مجتمعات لم تكتسب المناعة بعد، من جانبه، حذر تشونغ نانشان، أحد خبراء مواجهة كورونا في الصين، من اتباع استراتيجية "مناعة القطيع" لمواجهة فيروس، مبررا ذلك بأن "كوفيد 19" مرض معد للغاية.
وأكد تشونغ أنه "لا يوجد دليل علمي حتى الآن على أنه إذا ما أصيب شخص بفيروس كورونا، فإنه لن يصاب مرة أخرى"، داعيا إلى تضافر الجهود من أجل تطوير لقاح ضد الوباء بشكل سريع.
بات معروفا للجميع أن أعراض فيروس كورونا الشائعة هي الحمى والسعال وضيق التنفس، ثم ظهرت قبل أيام تقارير تحدثت عن أعراض جديدة مثل فقدان حاستي الشم والتذوق.
لكن بحسب ما أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فقد أضيفت إلى هذه الأعراض أخيرا مجموعة جديدة تضرب الجهاز العصبي، ولا سيما الدماغ.
وقالت الصحيفة إن "من بين الأعراض الجديدة لكورونا، الاضطرابات العصبية والسكتات والنوبات الدماغية"، مشيرة إلى أن هذه الأعراض ظهرت على مجموعة صغيرة من مرضى الفيروس.
وأضافت "نيويورك تايمز" أن "أطباء الأعصاب حول العالم يعتقدون أن هناك مجموعة فرعية صغيرة من مرضى كورونا باتوا يعانون اعتلالات في الدماغ".
واستشهدت الصحيفة بحالة رجل يبلغ من العمر 74 عاما، وصل إلى مستشفى في ولاية فلوريدا وكان يعاني الحمى والسعال، وذلك في مطلع مارس الماضي.
وأظهر فحص الأشعة السينية أن المريض يعاني الالتهاب الرئوي الحاد، لكن الأطباء لم يروا حاجة في احتجازه بالمستشفى وأمروه بالعودة إلى منزله.
وفي اليوم التالي اعتلت صحته وارتفعت درجة حرارته بشدة، فأعاده أفراد عائلته إلى المستشفى، وهناك كان يعاني ضيقا في التنفس ولم يعد قادرا على نطق اسمه أو شرح ما حدثه معه.
وأضافت الصحيفة: "فقد القدرة على الكلام، وكان يعاني أعراض مرض باركنسنون (الشلل الرعاش) ويحرك أطرافه بشكل متشنج، وبعدما اشتبه الأطباء بإصابته بفيروس كورونا، جرى إخضاعه لفحص أكد الأمر".
ومن هنا ربط الأطباء بين الفيروس وأعراض اضطراب الجهاز العصبي، التي باتت واضحة للغاية على الرجل المسن.
وقبل يومين، أبلغ الأطباء في ولاية ميتشيغان عن حالة مثيرة للقلق، لعاملة في قطاع الطيران في أواخر الخمسينيات من عمرها.
وقال الأطباء إنها تعاني اضطرابات عصبية وتشكو صداعا حادا، وبالكاد استطاعت نطق اسمها وكلمات قليلة أخرى، وقلت نسبة استجابتها للمؤثرات الخارجية مع مرور الوقت.
وبعدما أجرى الأطباء مسحا لدماغها تبين وجود تورم غير طبيعي والتهابات في مناطق عدة به، وفي بعض المناطق ماتت خلايا دماغية.
وتوصل الأطباء إلى أن المريضة تعاني التهاب الدماغ الناخر الحاد، وهو التهاب ينجم عن إصابة الجسم بفيروس، ويعتبر واحدا من المضاعفات النادرة للإنفلونزا والالتهابات الفيروسية الأخرى.
وقالت الاختصاصية في طب الأعصاب إليسا فوري، إن هذه الحالات تشير إلى أن فيروس كورونا يمكن أن يغزو الدماغ مباشرة لدى بعض مصابيه، لكن ذلك في حالات نادرة، وتتفق الحالات المبلغ عنها لاعتلالات الدماغ في الولايات المتحدة مع تقارير أخرى قدمها أطباء في إيطاليا وأنحاء أخرى حول العالم، مثل السكتات والالتهابات في هذا المكان الحساس من الجسم.
وفي بعض الحالات، كان المرضى يعانون الهذيان حتى قبل الإصابة بالحمى ومضاعفات الجهاز التنفسي، بحسب ما يقول الطبيب الإيطالي إليساندور بادوفاني، الذي افتتح مستشفاه في جامعة بريشيا وحدة جديدة للمصابين بفيروس كورونا، الذين يعانون أمراضا عصبية.
قد يهمك ايضا
الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية تُحذران من أزمة غذاء عالمية بسبب "كورونا"
أنجيلا ميركل تُعرب عن استعدادها لاستخدام تطبيق تتبع سلاسل العدوى بفيروس "كورونا"
أرسل تعليقك