أفادت مصادر سياسية في تل أبيب بأن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سينشر خطته لتسوية الصراع الإسرائيلي العربي، فقط بعدما ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تشكيل حكومته الجديدة، المتوقع نهاية مايو/ أيار أو مطلع يونيو/ حزيران، وحسب تسريبات من واشنطن إلى أوساط سياسية يمينية في إسرائيل، فإن خطة ترامب ستطرح بشكل متكامل، وستسلم للطرفين العربي والإسرائيلي في آنٍ واحد.
وقالت إن واشنطن أطلعت كلا من نتنياهو وعدد من القادة العرب على بعض اتجاهاتها، وأصغت لردود فعلهم، وأخذت كثيراً منها بعين الاعتبار قبل صياغتها النهائية. لكن النص الدقيق لها ما زال سريا، لا يعرفه إلا الرئيس نفسه، ومستشاراه جاريد كوشنير وجيسي غرينبلات، والسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان، ومستشار كوشنير، آفي بيركوفتش.
وأضافت المصادر أن الأسئلة التي وجّهها مستشارو ترامب للمسؤولين في إسرائيل والعالم العربي دلت على بعض جوانب هذه الخطة، ويتضح منها أنها تتحدث عن دولة فلسطينية محدودة السيادة، على 90 في المائة من الضفة الغربية وشرقي القدس، يمكن أن تضاف إليها أراضٍ من إسرائيل 1948، ونشر قوات إسرائيلية في مواقع حساسة من الضفة الغربية، مثل غور الأردن ورؤوس الجبال. وستكون أحياء القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، باستثناء البلدة القديمة من القدس، التي ستبقى خاضعة أمنياً للسيادة الإسرائيلية، مع إدارة أردنية فلسطينية مشتركة للأماكن المقدسة لدى المسلمين. وفي إطار هذه الخطة، ستضم إسرائيل المستوطنات الرسمية وبعض البؤر الاستيطانية، وسيتم إخلاء البؤر الأخرى، وضمها إلى مستوطنات قائمة.
إقرا ايضًا:
ترامب يشيد بدور السيسي ويتجنّب التعليق على التعديلات الدستورية
وتتضمن الخطة بندا يرفض الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ويتيح حل قضيتهم، في تثبيت وجودهم في الدول العربية التي يقيمون فيها، ويعرض التعويض على من يقبل الانتقال إلى بعض الدول الغربية. وعلى سبيل المثال، يتم منح اللاجئين في الأردن، ويقدر عددهم بمليون نسمة، الجنسية الأردنية. وستتلقى الأردن لقاء ذلك ميزانية من 40 مليار دولار، لمنحهم الأرض والمسكن، وبالإضافة إلى إرضاء إسرائيل بالاعتراف بضم المستوطنات، سيتم «تعويضها» بمنحها منطقة الباقورة الأردنية، التي تعتبر اليوم «أردنية تؤجرها لإسرائيل». ومقابل ذلك، يحصل الأردن على تعويض ملائم مادي أو بالأرض.
وردّت على هذا النشر، دنئيلا فايس، إحدى قادة حزب اتحاد اليمين المتطرف، الذي يعتبر من شركاء نتنياهو في الحكم، فقالت: «سنطرح على الحكومة الجديدة خطة لرفد مشروع الاستيطان بمليون ونصف مليون يهودي، ليصبح عدد المستوطنين مليوني يهودي». وأضافت: «لقد نجح الليكود واليمين في الانتخابات، والآن علينا أن نشمر عن السواعد، ونوسع المستوطنات. على الشبان والشابات اليهود في بلادنا والعالم أن يدركوا أن أرض إسرائيل كلها لنا. نحن لن نكتفي بتوسيع المستوطنات القائمة، ونريد أن يصبح مسموحاً البناء اليهودي في كل مكان في الضفة الغربية». وعندما سئلت عن خطة ترمب، أجابت: «ترمب يتفهم احتياجاتنا. وعلينا أن نوضح له أهدافنا. إننا على قناعة بأنه لن يقف حائلاً أمام سكنى اليهود في أرض إسرائيل».
المعروف أن نتنياهو سيكلف بتشكيل الحكومة الجديدة يوم الأربعاء المقبل. وسيكون معه 28 يوماً لإنجاز مهمة عرض حكومته. فإذا لم يستطع، يتم تمديد الفترة 14 يوماً إضافياً.
وبقاء خطة السلام طي الكتمان أمر لافت للنظر في البيت الأبيض الذي تجد فيه مسودات الأوامر التنفيذية والحوارات السرية والمداولات الداخلية، طريقها إلى الصفحات الأولى للصحف، وقد قصر كوشنر وجرينبلات عدد من يحق لهم الاطلاع على الخطة طوال العامين اللذين عكفا فيهما على وضعها. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إنها ظلت سرية «لضمان أن يتناولها الناس بذهن مفتوح» عند الكشف عنها. وأضاف المسؤول أن أربعة أشخاص فقط هم الذين لهم الحق في الاطلاع على تطوراتها بانتظام، وهم كوشنر وجرينبلات والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان وآفي بركويتس مساعد كوشنر، ويتم إطلاع ترمب بانتظام على فحوى الخطة لكن ليس من المعتقد أنه قرأ الوثيقة المؤلفة من عشرات الصفحات بالكامل. وقال المسؤول «يتم إطلاعه إذا كان هناك شيء ذو بال يحدث أو طرأت فكرة يريدان عرضها عليه».
وكوشنر مطور عقاري في نيويورك وزوج إيفانكا ابنة ترمب، أما جرينبلات فمحام كان يعمل في السابق لحساب ترمب. وقد انخرط الاثنان في العملية دون أن يعلما شيئا يذكر عن تاريخ البحث عن السلام بين العرب وإسرائيل على مدى عشرات السنين، بحسب تقرير لـ(رويترز) أمس.
وتتناول الخطة قضايا سياسية أساسية مثل وضع القدس، وتهدف من جانب آخر إلى مساعدة الفلسطينيين على تعزيز اقتصادهم. ومن الجوانب التي تطوقها السرية ما إذا كانت الخطة ستقترح إنشاء دولة فلسطينية بما يلبي مطلب الفلسطينيين الأساسي، ويوم الأربعاء قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن الخطة ستطرح قريبا، لكنه امتنع عندما سئل عن قول ما إذا كانت الإدارة تؤيد حل الدولتين الذي مثل منذ فترة طويلة أساس مساعي السلام في الشرق الأوسط، بل إن ترمب نفسه، المعروف بإفشاء الأخبار دون تفكير كلما شاء، لم تبدر منه أي تفاصيل عن خطة السلام بسبب حساسيتها. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض، إن ترمب يقول لمبعوثيه في الشرق الأوسط «إذا استطعتم أن تنجزوا هذا الأمر فستصبحون أعظم مفاوضين في التاريخ».
وقال مسؤولان آخران إنه يتم إطلاع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس وبومبيو وجون بولتون مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، على تطورات خطة السلام لكنهم لا يتدخلون فيها نزولا على رغبة كوشنر، ومثلت السرية التي أحاط بها كوشنر وجرينبلات الخطة أثناء تعديلها وصقلها، نوعا من التحدي لحكومات تريد معرفة التفاصيل قبل أن تلتزم بتخصيص موارد لصندوق فلسطيني. وقال دينيس روس المبعوث صاحب الخبرة الطويلة في الشرق الأوسط ويعمل الآن زميلا مرموقا بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن الفريق الأميركي ما زال «أمامه الكثير من العمل لضمان ألا يفاجأ القادة العرب بما سيطرح، وهم بحاجة للاطلاع عليه مكتوبا لا شفاهة».
قد يهمك أيضًا:
جيش الاحتلال الاسرائيلي يعتقل 11 فلسطينيًا في الضفة الغربية
اصابات بالاختناق خلال اطلاق الاحتلال الاسرائيلي قنابل الغاز جنوب نابلس
أرسل تعليقك