أكد النائب الأول لرئيس وزراء كوسوفو وزير الخارجية بهجت باكولي دور الإمارات الفعال والمهم في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، مشدداً على أن بلاده ستظل صديق الإمارات الوفي والداعم الأساسي لها في محاربتها الإرهاب والتطرف، وقال إن الإمارات نموذج يحتذى به في نشر التسامح وقبول فكر الآخر، مشيراً في هذا الإطار إلى احتضان الإمارات أكثر من 200 جنسية مختلفة على أراضيها.
وأشاد باكولي بدور الإمارات الرائد في مجال العمل الإنساني، مشدداً على مكانتها المرموقة على مستوى المنطقة، وما اكتسبته من احترام وتقدير على المستوى الدولي، وقال: "الإمارات تكافح الإرهاب من جهة، وتساعد في عمليات الإغاثة الإنسانية من جهة أخرى، فالإمارات تعطي دون أن تنتظر شيئاً في المقابل".
وقال إن مواقف الإمارات المشرفة في الاعتراف بجمهورية كوسوفو والمواقف التاريخية الممتدة منذ عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتي شملت تقديم المساعدات الإغاثية والتنموية ومئات الأطنان من المواد الغذائية والمساعدات إلى شعب كوسوفو لمساعدته على تجاوز محنته، فضلاً عن أن الإمارات كانت من بين الدول الأولى التي اعترفت بجمهورية كوسوفو. وأكد الحرص المشترك لقيادتي البلدين على تبادل الزيارات واللقاءات، ومواصلة تطوير العلاقات الثنائية، بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الصديقين.
المساعدات مشهود لها
ورأى باكولي أن المساعدات الإماراتية لكوسوفو مشهود لها، والإمارات كانت من أوائل الدول التي سارعت إلى مساعدة شعب كوسوفو أثناء المحنة التي تعرض لها في عام 1999، حيث أقامت مخيماً إغاثياً في ألبانيا على الحدود مع كوسوفو أطلق عليه اسم "مخيم كوكس"، وكان من أهم المخيمات الإغاثية التي قدمت العون الإنساني للاجئي كوسوفو، وأوضح أن المساعدات الإماراتية توالت على كوسوفو، حيث شاركت قوة إماراتية لحفظ السلام في بلاده، كما قدمت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية مساعدات إغاثية وتنموية كبيرة لشعب كوسوفو، كما بنت الإمارات مستشفى كبيراً في مدينة فوشتري أطلق عليه مستشفى الشيخ زايد يقدم الخدمات الصحية لسكان المدينة ولكل المرضى الذين يأتون إليه من مدن كوسوفو الأخرى، حيث أصبح مَعْلماً صحياً إماراتياً فريداً يشهد على العمل الإنساني الكبير لدولة الإمارات وقيادتها وشعبها.
وأوضح أن مشاريع الإغاثية العملاقة في كوسوفو لا تتوقف، فهناك مشروع مركز زايد الثقافي الذي أقيم في مدينة فوشتري التي تعتبر من أقدم المدن في منطقة البلقان، وبلغت تكلفته مليون دولار أي نحو 3.67 مليون درهم. ويضم المركز مسجداً، ويأتي في إطار مشاريع إعادة الإعمار في كوسوفو. وهناك مشروع كلية الدراسات الإسلامية الذي أقيم منذ سنوات عدة في بريشتينا عاصمة كوسوفو، وبلغت تكلفته الإجمالية مليوني دولار، ويهدف المشروع إلى مساندة جهود حكومة كوسوفو لدعم العملية التعليمية، وهناك مركز للرعاية الصحية الأولية بلغت تكلفته 400 ألف دولار، أي نحو مليون و468 ألف درهم، وقد أقيم داخل مستشفى الشيخ زايد في مدينة فوشتري؛ بهدف تزويد المركز بالأجهزة والمعدات الطبية اللازمة، وأضاف أن للإمارات دوراً كبيراً أيضاً في الدعم الإنساني والطبي للزوجات والأرامل الذين فقدوا ذويهم جراء الحرب الأهلية.
سفير غير مقيم بكوسوفو
وأعرب باكولي عن سعادته بالقرار الذي أصدره رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بإرسال سفير غير مقيم إلى كوسوفو لدعم الروابط ين البلدين، كما قدم جزيل شكره لوزير الخارجية والتعاون الدولي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان على وعده بوضع تسهيلات لفتح سفارة كوسوفو في الإمارات في الفترة المقبلة، وقال إنهم في كوسوفو يعتبرون الإمارات بمثابة وطنهم الثاني منذ عهد، الشيخ زايد، الذي رسخ لنهج الدبلوماسية الإماراتية المبتكرة. وأكد أن افتتاح سفارة كوسوفو في الإمارات سيعمل على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وأشار إلى أنه يحاول وضع ديناميكية للحصول على اعتراف المزيد من الدول لكوسوفو، وكسب المزيد من الأصدقاء، وقال: "نحاول زيادة علاقاتنا الاقتصادية مع الجميع، وضخ المزيد من الاستثمارات"، مشيراً إلى أن هذه الاستراتيجية تعد جزءاً مهماً من وظيفته، بالإضافة إلى إرساء دعائم التقدم في كوسوفو والسعي الدائم لدى دول العلم شرقاً وغرباً للاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة، وهي مهمة ليست بالسهلة، وتتطلب العديد من الاجتماعات والمناقشات لكسب المزيد من الداعمين لاستقلال كوسوفو، وقد وصلت كوسوفو لمنتصف الطريق، وحصلت على دعم ومساندة العديد من الدول، وعلى رأسها الإمارات.
وأكد باكولي في الوقت نفسه أن كوسوفو تعمل جاهدة للوقوف بجانب الإمارات العربية المتحدة في جميع الملفات المهمة لها، خاصة مكافحة الإرهاب. وأشار إلى أن كوسوفو جزء من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب حول العالم وإرساء الآمن والسلام، وهو جزء من الرؤية المشتركة بين الإمارات وكوسوفو في محاربة التعصب والتطرف الإرهابي حول العالم، موضحاً في الإطار نفسه أنه تم افتتاح فرع للمجلس العالمي للسلام والتسامح في كوسوفو لمكافحة الإرهاب ودعم الأمن والسلام حول العالم.
استقلال كوسوفو
وذكر باكولي أن كوسوفو أعلنت استقلالها عن صربيا في 17 فبراير عام 2008 بعد حرب قاسية دارت خلال عامي 1998 و1999 بين الانفصاليين الألبان والقوات الصربية، موضحاً أنه في ربيع 1999 شنت قوات الحلف الأطلسي غارات جوية على كوسوفو وصربيا استهدفت مواقع عسكرية ومدنية صربية شملت أيضاً بلجراد عاصمة صربيا، ما أدى إلى انسحاب القوات الصربية من كوسوفو.
وأضاف أن الأمم المتحدة قامت بوساطة لاعتماد آلية تنقل كوسوفو إلى الاستقلال "تحت رقابة دولية"، عبر إقامة إدارة تابعة للأمم المتحدة، الأمر الذي عارضته بلغراد، ولم تشمل هذه الإدارة المنطقة الشمالية من كوسوفو التي تعيش فيها أقلية صربية تشكل 10% من السكان البالغ عددهم نحو 1.8 مليون شخص، في حين أن البقية من الألبان، وذكر أن الاتحاد الأوروبي اشترط على صربيا تحسين علاقتها مع كوسوفو للموافقة على بدء مفاوضات معها للانضمام إليه.
ووصف باكولي حالة مدينة كوسوفو بعد عام 1999 أنه تم تدمير أغلب معالم المدينة، وهدم أكثر من 3000 ألف منزل، وأكد أن الإدارة الحالية لكوسوفو تسعى بكل قوتها لإعادة بناء المدينة التي سيحتفلون بمرور عشر سنوات على استقلالها عن صربيا في فبراير المقبل، وقال إن العائلات التي تأثرت نفسياً جراء الحرب ما زالت تحصل على العلاج اللازم لحين تحسن حالتها بمساعدة الإمارات التي لا تدخر جهداً لمساعدة أهالي الضحايا.
سياسة خارجية متوازنة
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية لكوسوفو، أوضح باكولي أن كوسوفو تتمتع بسياسة خارجية متوازنة وجيدة مع أغلب دول العالم، خاصة التي اعترفت بكوسوفو، وأضاف أن أبناء كوسوفو لديهم إرادة سياسية واقتصادية لبناء دولتهم والتمتع بعلاقات سياسية جيدة وروابط قوية مع الأصدقاء الذين وقفوا بجانبهم في معاناتهم. وقال: «لدينا عزيمة على الاستمرار في التقدم والبناء بمساعدة حلفاءنا في المنطقة وحول العالم».
ولفت إلى أنه من بين 28 دولة في الاتحاد الأوروبي، مازالت هناك خمس دول لم تعترف بكوسوفو، ومازالت المحاولات مستمرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي». وأكد أن اقتصاد كوسوفو ينمو بمعدل 5 %. كما أنهم بصدد تحديث النظام التعليمي في كوسوفو بعد حصولهم على تقييم جيد هذا العام. وأشار إلى الحرص على بناء كوسوفو بعد الدمار الذي لحق بها عام 1999، فتم إرساء دعائم الاستقرار والأمن، وتم تشييد المدارس والمعاهد والمستشفيات والمساجد، موضحاً أنه تم النجاح في محو آثار الحرب التي شهدتها البلاد والتي تعرض خلالها أبناء كوسوفو لعمليات نهب وسرقة.
أرسل تعليقك