عدن ـ عبدالغني يحيى
كشف المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد عن رفض "الحوثيين وصالح" للتعاطي مع الأمم المتحدة، لافتاً إلى احتمال عقد لقاء مرتقب معهم. وقال في مقابلة مع قناة "العربية"، أمس الجمعة: إن "الحوثي وجماعة صالح هم من يغلقون الباب، لكن نبقي المحاولة"، مرجحاً أن يتم اللقاء في جنيف، أو أي بلدة أخرى، كمسقط أو القاهرة.
وأوضح ولد الشيخ أن اللقاء مع "الانقلابيين" لو تم، فإنه سيبحث تفاصيل مبادرة ميناء الحديدة ومطار صنعاء، مشيداً بدور الحكومة الشرعية اليمنية، وتعاونها مع الأمم المتحدة، وزاد: لم نعط الفرصة في صنعاء لتفسير مبادرة الحديدة وأهميتها... بصراحة، لم نحصل على جواب نهائي من صنعاء. وشدد المبعوث الأممي على أنه لا حل في اليمن إلا بعودة المؤسسات تحت سيطرة الشرعية اليمنية، وأن هناك تخوفاً من نتائج الخلافات بين الحوثي وصالح، وزاد: أعتقد أن هناك صعوبة للتوافق بين جماعة الحوثي وصالح إزاء التفاوض. كما شدد ولد الشيخ على أن مدينة تعز وصلت الى وضع إنساني كارثي لا يتحمله عقل، مذكراً بأن خطة الحديدة تسمح بدخول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية.
إلى ذلك، نقلت "العربية نت"، عن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي قوله إن إيران لديها مشروع، تستبدل فيه بالدولة الطائفة وبالجيش الميليشيات، مؤكداً أن طهران سبب في المشكلة، ولا يمكن أن تكون جزءاً من الحل. وأضاف أن الأوضاع الإنسانية السيئة في اليمن فرضها الانقلاب الحوثي، مشيراً إلى أن منظمات دولية تحاول إيجاد حلول إنسانية على حساب القضية الوطنية، وزاد: "لاحظنا أخيراً أن الحديث يجري على طرفين، ويتم مساواتهما بالمسؤولية".
وقال وزير الخارجية اليمني إنه لا يمكن للأمم المتحدة الموافقة على انطلاق طائرات من مطار تديره ميليشيات، مشيراً إلى أن ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وعدنا بزيارة تعز، ولم تسمح له الميليشيات، ولم يتحدث عن ذلك. وأوضح المخلافي أنه يجري الحديث عن مطار صنعاء، ولا يجري الحديث عن الحصار المفروض على تعز، مؤكداً أن الرئيس المخلوع صالح لديه حقد على تعز، كونها شهدت أول التظاهرات ضده، وتابع: نقلنا البنك المركزي إلى عدن، بعد أن اختفت المليارات من البنك.
ولفت المخلافي إلى أن الخلاف بين الانقلابيين محصلة طبيعية لزواج غير شرعي، لكنه أكد أن هذه الخلافات تسهل الحل، مشدداً على أن مخاوف المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد دبلوماسية.
من جهة ثانية، أسدل تجمع "ميدان السبعين" ستاره في صنعاء، فاتحا باب السؤال حيال علاقة شريكي الانقلاب في اليمن. وقال محللون تحدثت معهم "الشرق الأوسط" إن صالح، خذل حزبه وأوهمهم بالتصعيد في المناسبة التي كان الإعداد لها أكثر سخونة منها ومن تبعاتها بحكم تقاذفهما الشكوى والتهم، لافتين إلى استمرار الطرفين في ابتزاز الشعب اليمني، والحرص على تغليب المصلحة الشخصية في كل الأحوال، ومهما طال الخلاف.
وقال عبد الله إسماعيل المحلل السياسي اليمني: ظهر صالح في السبعين خانعا ضعيفا متراجعا عن التصعيد الذي سبق التحشيد، مكتفيا بوساطة من زعيم "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله الذي شكره في خطابه، وظهر أيضا مخيبا لآمال من احتشدوا في السبعين، ما جعل مقربين منه يؤكدون أن القادم للحوثي. الحوثيون نظموا أيضا مسيرة مسلحة طافت أرجاء المنطقة الجنوبية لصنعاء وميدان السبعين في رسالة واضحة لشريكهم، مفادها، لا نقبل الندية السياسية والعسكرية.
في المقابل، يقول الكاتب والسياسي اليمني علي البخيتي: بعد احتفالية المؤتمر ليس كما قبلها، فالشرخ الذي حدث بين الطرفين عميق ويصعب ترميمه وقد يؤدي إلى تغير خريطة التحالفات إذا توقفت الحرب، فما يبقي على تحالف الحوثي صالح هو استمرار الحرب واستهدافهم معاً من التحالف، وإذا ما تم تحييد صالح عن الصراع والعمل على إيجاد تسوية بينه وبين القوى السياسية اليمنية التي في الرياض فستتغير المعادلة كلياً، وسيحشر الحوثيون في الزاوية. وأكمل قائلا إن الدور الذي يقوم به المؤتمر وصالح مهم لأنه يقاوم تمدد الحوثيين فكرياً وسياسياً واجتماعياً وقبلياً في المناطق التي يسيطر عليها الانقلاب، بعد أن غادرت أغلب الأطراف السياسية اليمن عقب انقلاب الحوثيين وتركت الساحة لهم ولم يبق إلا المؤتمر على الأرض يقاوم وجودهم وبحذر. ولولا المؤتمر وأن الحوثيين قد غيروا وعي وثقافة المجتمع بشكل كبير بما يصعب عملية تحرير المناطق التي تحت أيديهم ويرسخ وجودهم السياسي في المنطقة لعقود طويلة.
لكن سام الغباري الكاتب والسياسي اليمني يرى غير ذلك. ويقول: بعد خطاب صالح في السبعين تألم كثير من أنصار المؤتمر الذين وجدوا في خطابه خدعة ما توقعوها بعد خطاباته الحماسية التي اعتقدوا أنه يناهض فيها الحوثيين. في حين يؤكد نجيب غلاب المحلل السياسي اليمني أن ما بعد السبعين بين الطرفين يعتمد على كيفية التعامل، فالجماهير أتت معترضة على الحوثية ورافضة لكيانها الموازي وتريد مؤسسات وحكم قانون ودستورا وفِي العمق رفض للحوثية ومشروعها والمظاهرة كانت مع نظام الجمهورية اليمنية ويرفض مشروع الولاية وحكم الميليشيا.
ويستدرك غلاب قائلا: لنكن واضحين، الحوثية تمكنت من احتواء الفعالية وهادنته لتخفيف اندفاعاته وخوفا من استغلاله وكذلك اتخذ صالح سياسة مراوغة التحدي والمهادنة والانخراط في مقولات الحوثية وفِي الوقت نفسه اتخذت الحوثية إجراءات صارمة ضد مؤتمر صالح لكبح أي تحالف مضاد، وكلا الطرفين ينطلقان من وعي متقارب في التعامل مع الصراع مما يجعل صراعهما ممكنا وغير ممكن في الوقت نفسه، ولكي أكون صادقا فتحالف صنعاء سيزداد صلابة لصالح الحوثية فالتعامل الضعيف وغير المستوعب لطبيعة المعركة ومع تناقضاته تُجسّر فجواته.
أرسل تعليقك