دعت دولة الإمارات مجلس الأمن والدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الانضمام إليها في التزامها بحماية المدنيين وتعزيز القانون الدولي. جاء ذلك في البيان الذي أدلت به لانا زكي نسيبة المندوبة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة أمام المناقشة المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن الدولي الأربعاء, بشأن مسألة "حماية المدنيين في النزاعات المسلحة ".
وحدد البيان ثلاثة محاور عمل لتعزيز الالتزام بحماية المدنيين والقانون الدولي.. وهي التركيز على الوقاية عند معالجة الأسباب الجذرية للصراع والاعتراف بأن الصراعات الإقليمية في العالم تحتاج إلى حلول إقليمية.. و عبر إعادة تنشيط مجلس الأمن لضمان اتخاذه للإجراءات الكفيلة بالتصدي للنزاعات بما في ذلك متابعة تنفيذ قراراته ليتسنى له مواصلة أداء ولايته المتعلقة بالحفاظ على السلام والأمن.
واتفقت السفيرة نسيبة مع موقف الأمين العام للأمم المتحدة الذي يقضي بأن أنجع طريقة لحماية المدنيين يتمثل في منع نشوب النزاعات وإنهائها,موضحة أن فشل مجلس الأمن في الاستجابة بشكل حاسم في بعض مناطق الصراع بالعالم تسبب في وقوع خسائر بشرية فادحة ومؤسفة.
شددت على أهمية تفعيل وحدة الهدف داخل مجلس الأمن واتخاذ إجراءات جديدة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين بما في ذلك انتهاج خطوات مبتكرة وجريئة لمواجهة التهديد الذي تشكله العناصر الفاعلة من غير الدول وأيضا انتهاج إجراءات أخرى حازمة ضد الدول التي تقوم بتمويل ودعم هذه الجماعات, مشيرة إلى أنه لم يعد بالإمكان إعفاء هذه الدول من مسؤولياتها تجاه هذه الانتهاكات للقانون الدولي.
وأضافت " نرى أن دولًا - مثل إيران التي تواصل التصرف على هذا النحو - يجب إخضاعها للمساءلة بشكل أكبر بسبب محاولاتها الصارخة لانتهاك القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ".
وأكدت أن دولة الإمارات تضطلع في اليمن بمسؤولياتها تجاه القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين بجدية تامة بوصفها عضوا في التحالف لدعم الشرعية في اليمن. ونوهت إلى التداعيات الخطيرة الناجمة عن فشل مجلس الأمن في اتخاذ إجراء وأيضًا فشله في متابعة تنفيذ القرارات الصادرة عنه,معتبرة هذا الفشل أحد أسباب الطبيعة المعقدة للنزاعات.
وأعربت عن تطلع دولة الإمارات إلى مواصلة التعاون مع الأمم المتحدة لحل هذا النزاع الذي تسبب فيه الحوثيون بدعم من إيران, مضيفة " عملنا مع الأمم المتحدة لضمان اتساق مبادئنا وممارساتنا العسكرية مع أفضل الممارسات الدولية وعملنا بجد لتصحيح المشاكل التي تنشأ .
وتعهدت بمواصلة الدولة تعاونها بشكل وثيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمس الحاجة إليها في المناطق المتضررة.
و أعربت كذلك عن تطلع الإمارات إلى العمل مع مارتن غريفيث المبعوث الخاص للأمين العام لليمن في جهوده الرامية إلى وضع خارطة طريق لتحقيق السلام المستدام. ووصفت الحوثيين في اليمن بالمثال الواضح للمشاكل التي تسببها العناصر الفاعلة من غير الدول في المنطقة بشكل عام وحول العالم.. مشيرة إلى " أنه - وفي كثير من الأحيان - يكون السكان المدنيون في الدول التي تخترقها هذه الجماعات هم أكثر من يعاني من العواقب مؤكدة على"أن هذا الخطر الأخلاقي يتضخم عندما تتلقى هذه المجموعات الدعم من دول".وقالت " إن تزويد إيران العناصر الفاعلة من غير الدول بالأسلحة - بما في ذلك الصواريخ الباليستية - من أجل تجنب المساءلة عن أفعالها هو انتهاك لسيادة الدول وقد دفع بالمنطقة برمتها نحو هاوية خطيرة للغاية ".
و تطرقت إلى النزاع السوري الذي دخل عامه الثامن.. مشيرة إلى أن إخفاق مجلس الأمن في اتخاذ الإجراءات حيال النزاعات تسبب في تفاقم وإطالة هذه النزاعات في كثير من الحالات. وعزت حرمان الشعب السوري لفترة طويلة من المساعدات الإنسانية إلى عجز مجلس الأمن عن اتخاذ أي إجراء أو اعتماد أي قرارات بشأن سوريا منذ العام 2011 وأيضا لعدم تنفيذ القرارات التي تم اعتمادها.
وجددت دعوة دولة الإمارات للأمم المتحدة إلى ضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجونها دون أي عوائق وإلى محاسبة المسؤولين عن شن الهجمات الكيماوية ضد المدنيين بوصفها انتهاكا واضحا للقانون الإنساني الدولي.
وتطرقت السفيرة نسيبة أيضا إلى تطورات القضية الفلسطينية,مشيرة إلى أنه وبمجرد تجاهل الأسباب الجذرية لهذا لنزاع سيؤدي حتما إلى إراقة المزيد من الدماء ولا سيما في ظل استمرار استهتار إسرائيل بحياة المدنيين وبالقانون الدولي.
واعتبرت التصرفات الإسرائيلية على السياج في غزة خلال الشهور الأخيرة - بما فيها هجماتها ضد الأطباء والمسعفين الطبيين - بمثابة انتهاك واضح للحماية الواجب توفيرها للعاملين في مجال تقديم الخدمات الطبية للمدنيين الجرحى وذلك بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي العرفي.
وشددت على أهمية عدم تغاضي أو تجاهل المجتمع الدولي لهذه التصرفات الإسرائيلية التي لا يمكن أن تصبح وضعا عاديا.. داعية إسرائيل إلى الالتزام بمسؤولياتها بوصفها القوة القائمة بالاحتلال بما في ذلك ضمان الحقوق الإنسانية الأساسية للفلسطينيين وحمايتهم.
ولفتت نسيبة إلى أن دولة الإمارات عندما تدعو إلى المساءلة عما يحدث في سورية أو في فلسطين فإن الأمر لا يتعلق فقط بالسعي إلى تحقيق العدالة وإنما أيضا لمنع أشكال هذا العنف في المستقبل. وحذرت من أن التشكيك في الحقائق والأرقام الدقيقة هو وسيلة فعالة في أيدي الحكومات التي تسعى لعرقلة أي محاولة لإخضاعها للمساءلة عن أفعالها.
وأكدت أن " الطريقة الوحيدة لمواجهة تلك التصرفات تتمثل في إنشاء آليات متفق عليها لجمع البيانات بحيث يتمكن المجتمع الدولي من الاستجابة بشكل مناسب ومسؤول تجاه التطورات الهامة ".
وأشادت بالزيارة التي قام بها مجلس الأمن بتنظيم من الكويت وبيرو والمملكة المتحدة إلى ميانمار, مشيرة إلى أن هذه الزيارة تمثل نموذجًا ممتازًا لقدرة المجلس على اتخاذ خطوات تفي بمهامه.. معربة في هذا السياق عن قلق الإمارات البالغ إزاء المحنة التي تمر بها أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار.. معبرة عن أملها في أن يتابع المجلس نتائج تلك الزيارة.
واختتمت البيان بالتأكيد على أن هناك الكثير الذي يتعين القيام به لضمان توفير الحماية والرعاية للمدنيين أثناء النزاع وخاصة للفئات الأكثر ضعفًا, مشددة على أهمية التقيد بالسياسات الملزمة للوكالات الأمنية ووكالات تقديم المعونات فيما يتعلق بمراعاة المنظور الجنساني والعمر والإعاقة عند تحديد الاحتياجات والاستجابات الطارئة إضافة إلى إنشاء آليات للمساءلة عن تطبيق هذه السياسات من أجل تنفيذها على صعيد جميع ركائز الأمم المتحدة والإبلاغ عن نتائج هذه المؤشرات في تقارير علنية, داعية مجلس الأمن لعكس هذه الجهود وتنفيذه لسياسات مماثلة.
أرسل تعليقك