وصلت الحركة الشعبوية التي انتشرت في المجر والنمسا وإيطاليا، لإغلاق الحدود أمام المهاجرين إلى ألمانيا، ويمكنها إسقاط المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، وزيادة تفكك الاتحاد الأوروبي وعدم استقراره.
ولاية بافاريا تقف في وجه ميركل
وواجهت ميركل هذا الأسبوع تمردًا شرسًا على نحو متزايد بشأن القضية التي قادها وزير الداخلية في حكومتها، هورست سيهوفر، وهو رئيس وزراء سابق في ولاية بافاريا، يتمتع بمكانة كبيرة في الولاية الجنوبية، ويبدو أكثر تماشيا مع القوى النازية التي تشكل السياسة في البلدان المجاورة، مقارنة بميركل.
وجدت بافاريا نفسها على خط المواجهة لأزمة اللاجئين في عام 2015، عندما فتحت السيدة ميركل الحدود أمام مئات الآلاف من المهاجرين الذين تدفقوا إلى بافاريا.
كان سيهوفر منذ فترة طويلة منتقدًا صريحًا لقرار ميركل الخاص باللاجئين، مما قاد إلى دخو الزعيمين في مواجهة في الأيام الأخيرة.
وعلى غرار السياسيين الأوروبيين الأكثر تشدداً في اليمين، يريد السيد سيهوفر من ألمانيا إعادة المهاجرين الذين لا يملكون أوراقًا أو الذين تم تسجيلهم بالفعل في بلد أوروبي آخر.
ومنعت ميركل هذا الاقتراح لأنها بذلك ستتحدى اتفاقية أوروبا المفتوحة، وتضع عبئا أكبر على دول جنوب أوروبا، وظهرت التوترات في الكتلة الأوروبية بشكل كامل هذا الأسبوع، عندما أبعد وزير الداخلية اليميني المتشدد الجديد، ماتيو سالفيني، سفينة إنقاذ على متنها أكثر من 600 مهاجر إفريقي، وتركهم على عتبة جيرانه الأوروبيين، إلى أن وافقت إسبانيا على السماح لهم بالدخول.
بافاريا تساند شعبوي أوروبا
وبسبب تاريخها المضطرب وموقف ميركل الترحيبي في عام 2015، بدت ألمانيا أكثر حصانة من الدول الأخرى تجاه الموجة الشعوبية التي تسود أوروبا، ولكن الثورة البافارية، التي تأتي في الوقت الذي تستعد فيه المنطقة لانتخابات الولاية في أكتوبر/ تشرين الأول، قدمت الآن لمحة قوية عن موجة الغضب التي يعيشها السكان الأصليون، والتي تُبني حتى في أغنى أجزاء البلد الأكثر ثراءً في أوروبا.
وفي هذا السياق، قال أندريا رووميلي، الأستاذ في كلية هيرتي في برلين "المحافظون البافاريون يقفون في الصفوف مع شعوبي أوروبا، وهذا أمر خطير.. إنها الشعبوية الخالصة".
وأزعج قرار فتح الحدود أمام 1.4 ملايين مهاجر، أزعج سينهوفر، وعزز موقف المعارضة اليمنية في انتخابات العام الماضي، مما أضعف ميركل، وأجبرها على النضال 6 أشهر لتشكيل الائتلاف الحكومي.
وتصاعدت التوترات بين الزعيمين بشكل واضح، وبخاصة في مارس/ آذار، حين أعلن سيهوفر أن الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا.
سينهوفر ينذر ميركل إنذارًا أخيرًا
وتريد ميركل إيجاد حل أوروبي لقضية الهجرة، في اجتماع قمة الاتحاد الأوروبي المقررة خلال أسبوعين، وقالت ميركل هذا الأسبوع "إنها قضية يجب أن نحلها على المستوى الأوروبي، وهذا أمر مهم جدا بالنسبة لي".
ويحاول حزب "بديل لألمانيا" اليميني المتطرف، التوسع في بافاريا، مما يهدد معقل حوب الاتحاد الاشتراكي المسيحي التابع للسيد سيهوفر، والذي يخاطر بفقدان أغلبيته المطلقة للمرة الثانية خلال نصف قرن.
وفي لفتة مذهلة من التحدي، أعطى السيد سيهوفر السيدة ميركل إنذارًا نهائيًا، حيث إذا لم توافق على الإجراء، فسيتم تنفيذه رغمًا عنها، وهذا يعني أن شرطة الحدود في بافاريا، البوابة الرئيسية للمهاجرين، يمكن أن تبدأ في إعادتهم إلى الحدود، في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، ويعد هذا التحدي الأكثر مباشرة لسلطة ميركل، وللقيم التي تجسدها المستشارة الألمانية.
حكومة بافاريا تريد تشديد الرقابة على حدودها
وأصبح إبعاد المهاجرين عن الحدود بالنسبة للسيد سيهوفر، نوعًا من التحكم، أما لميركل، فإن إبقاء الحدود مفتوحة هو الرمز الأخير المتبقي لسياسة الهجرة الليبرالية.
وقال ماركوس سودر، رئيس الوزراء البافاري "يجب أن تنتهي سياحة اللجوء"، مستخدما لغة يستخدمها الكثيرين عادة لوصف تدفق اللاجئين.
وأقرت حكومته مؤخراً إجراء إصلاح متشدد يخص الشرطة ويقيد الحريات المدنية، وطرح فكرة وجود قوة حدودية بافارية، على الرغم من أن حدود بافاريا تقع مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، قائلا "علينا أن ننظر إلى شعبنا، وليس التركيز دائما على أوروبا بأسرها".
ولم يحضر السيد سينهوفر، اجتماع الأربعاء الماضي، بحجة وجود أحد منتقدي هناك، وفي المقابل، صرح المستشار النمساوي سيباستيان كورتز، والذي تم انتخابه في العام الماضي، بأنه سيقمع الهجرة غير الشرعية، وسيدخل في ائتلاف مع اليمين المتطرف.
سينهوفر صديق لليمين الأوروبي المتطرف
حضر السيد سينهوفر المؤتمر الصحافي المشترك للسيد كورتز، والذي تحدث فيه عن الحاجة لتشكيل محور لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
ويعد السيد سيهوفر صديقًا شخصيا لفيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر شبه المستقيل، حيث استضافه عدة مرات في بافاريا، وحين فاز أوربان في انتخابات أبريل/ نيسان الماضي، هنأه سيهوفر بحرارة.
ولا توجد طريقة واضحة للخروج من المواجهة الحالية، والتي جعلت هذا الأسبوع متوترًا ومضطربًا في برلين، إذ يوم الثلاثاء، كان من المقرر أن يعلن السيد سيهوفر عن خطته الرئيسية المكونة من 63 نقطة، لكن تم إلغاؤها في اللحظة الأخيرة؛ لأنه لا يتفق مع ميركل، ويوم الأربعاء، التقيا حتى وقت متأخر من الليل، ولكنهما غادرا دون اتفاق، ويوم الخميس، كان لا بد من تأجيل جلسة برلمانية صاخبة لمنح المجموعتين المحافظتين الوقت للتحدث، وبحلول نهاية الأسبوع، حصلت ميركل على دعم معظم الأعضاء الكبار في حزبها، وتم تعيين وزير المالية السابق فولفغانغ شويبل، كوسيط.
ومن المتوقع أن يؤكد المحافظون في بافاريا، الإثنين، ما إذا كان سيهوفر سيدخل في تحدّ بالفعل مع ميركل، مما يثير انهيار الحكومة بنسبة 50%.
أرسل تعليقك