مع حلول فصل الصيف، تتجه كثير من الأسر الاماراتية لقضاء إجازاتهم الصيفية خارج البلاد، دون اهتمام بتأمين منازلهم وفللهم وشققهم السكنية، بالإغلاق المحكم للأبواب والمنافذ وترك بعض الأنوار مضاءة ليلا وإيداع المقتنيات الثمينة لدى البنوك أو الأهل، وتفويض بعض الأقارب بمتابعة تأمين المسكن من حين لآخر خلال فترة بقاء السكان خارجه. ويؤدي إهمال هذه الاحتياطات البسيطة إلى إعطاء الفرصة لضعاف النفوس من لصوص البيوت الذين يستغلون هذا التوقيت من كل عام للتخطيط لأعمالهم الإجرامية والسطو على هذه المساكن الخالية من سكانها.
وتتكرر هذه الجرائم بالرغم من حملات وزارة الداخلية والأجهزة الشرطية الاتحادية والمحلية ودعواتها المتكررة للمواطنين والمقيمين بالاشتراك في برامجها الإلكترونية الخاصة بحماية المساكن والبيوت بأجهزة إنذار تكشف محاولات السرقة فور وقوعها، وتساعد للشرطة على سرعة ضبط الجناة والإيقاع بهم فوراً. ورغم الزيادة الملحوظة في أعداد المشتركين في برامج حماية المساكن من السرقات على مستوى إمارات الدولة، إلا أن بعض الأسر لم تزل تغض الطرف عن اتخاذ تلك الاحتياطات، وتتجاهل الدعوات الأمنية للاشتراك في برامج حماية المساكن، ما يضيف أعباء جديدة على رجال الأمن.
المواطنة بدرية حمدان تروي قصتها مع لصوص الإجازات الصيفية، وتقصيرها في إيداع مجوهراتها الثمينة لدى أحد بنوك الدولة أو لدى الموثوقين من الأهل، وذلك بأن وضعت مقتنياتها الثمينة في الخزنة الحديدية داخل المنزل. ورغم إحكامها غلق أبواب ونوافذ فيلتها السكنية، إلا أنها فوجئت بقيام اللصوص بسرقة محتويات الخزنة بعد تكسيرها باستخدام قطع حديدية، معبرة عن ندمها الشديد لعدم الالتزام بتوجيهات الحملات الأمنية المتكررة التي تبثها أجهزة الشرطة بين الحين والآخر، لا سيما في مواسم السفر والإجازات.
ثمن تجاهل التأمين
ويرجع المواطن عبدالله المهري كثرة سرقات المنازل في فترة الصيف إلى سفر كثير من أفراد المجتمع للخارج للتمتع بالأجواء الباردة في الدول الأجنبية، متناسين أو متجاهلين اتخاذ الإجراءات الضرورية لتأمين المسكن، التي تدعو إليها الأجهزة الأمنية في حملاتها التوعوية، مثل تثبيت كاميرات للمراقبة وإغلاق محكم للأبواب والنوافذ، وترك بعض المصابيح المضاءة ليلا، ما يعطي إشارات ودلائل للمترصدين شرا بتلك البيوت.
وتابع: يعتبر الصيف موسم صيد لغنائم ثمينة للصوص، مشيرا إلى أن السارق لا يقدم على فعلته الإجرامية إلا بعد التأكد من خلو المسكن، لافتا إلى أن تغيب الأسرة فترة طويلة من الزمن يدفع بعض اللصوص ليس لسرقة المكان فحسب، بل اتخاذه مكانا لممارسات إجرامية أخرى كتعاطي المخدرات أو تخزين مقتنيات مسروقة من أماكن أخرى، وهو ما كشفت عنه أجهزة شرطية مؤخرا.
العمالة المساعدة
ودعا المهيري أفراد المجتمع إلى التنبّه إلى تكرار السرقات الصيفية، داعيا إلى توفير بروشورات وكتيبات توعوية، جنبا إلى جنب مع دور وسائل الإعلام في نشر توجيهات الحملات التوعوية. ويلفت المهري إلى أخذ الحيطة والحذر من بعض أفراد العمالة المساعدة لدى الأسر، حيث يشكلون عوامل مساعدة للصوص بإخبارهم بأسرار البيوت ومواعيد سفر سكانها، وهو ما كشفته العديد من التحقيقات في جرائم سرقات المساكن.
حيل إجرامية
من جهتها، رصدت المواطنة رحمة الكمالي حيل اللصوص في سرقاتهم الصيفية، من خلال مراقبة المنزل، وملاحظة التقاطهم للصحف والنشرات الإعلانية التي توضع على بوابات منازلهم من عدمه، ما يتعين علي الغائبين عن مساكنهم تكليف أقرباء لهم بالتخلص من تلك الصحف والإعلانات أولا بأول، منعا لتعرضها للرصد من المتتبعين من اللصوص. وفيما أكدت الكمالي قيام الأجهزة الأمنية بواجباتها على أكمل وجه، على صعد الحملات التوعوية ودعوة المواطنين والمقيمين للاشتراك في برامجها الإلكترونية لحماية المساكن من السرقات، حملت المسؤولية لأصحاب المساكن الذين يسافرون دون تكليف خواطرهم باتخاذ ولو القليل من الاحتياطات الأمنية، داعية إلى إلزام السكان بتركيب كاميرات مراقبة، مع زيادة وتكثيف الدوريات الأمنية خاصة خلال فترة الصيف التي تزيد فيها معدلات السفر.
قلة وعي الأفراد
ويرى المواطن بدر الرئيسي أن سبب السرقات الصيفية قلة وعي أفراد المجتمع الذين يسافرون ويتركون منازلهم دون الاهتمام بتأمينها، وإبلاغ الجيران بفترة سفرهم، مشيرا في ذلك إلى مبادرة القيادة العامة لشرطة الشارقة «أمني من أمن جاري» التي تقوم على فكرة الاستعانة بالجيران في تأمين السكن خلال فترات السفر وباعتبارهم الأقرب إلى موقع السكن الذي قد يستهدفه بعض ضعاف النفوس. ويشيد الرئيسي بفكرة الحملة كون الجار القريب سيقوم بإبلاغ الشرطة عند استشعاره لأي تحركات مريبة في موقع سكن جاره الغائب، ما يتيح سرعة حضور الشرطة والتمكن من ضبط الجناة، ملفتا إلى ضرورة الاستمرار في بث الحملات التوعوية والعمل على رفع الجانب التثقيفي لدى الناس جنبا إلى جنب تحملهم مسؤولية تأمين بيوتهم.
توفير دوريات الشرطة
وقال المواطن عبدالعزيز القحطاني: يتعين توفير عدد كاف من دوريات الشرطة لتجوب المناطق السكنية، لا سيما خلال فترات الصيف التي يكثر فيها سفر السكان، لما لتلك الدوريات من دور في بث روح الطمأنينة والأمن لدى السكان المسافرين والباقين، مع الاستمرار في حملات توعوية التي تؤتي ثمارها عاما بعد عام. وبالنظر لتورط بعض شباب المراهقين في أعمال سرقة لمحتويات سيارات، مثلما حدث مع جار له، يدعو القحطاني إلى العمل على رفع الوازع الديني لدى الشباب، وقيام أولياء الأمور بتسجيل أبنائهم في الأنشطة الصيفية منعا لوقوعهم في براثن الخطيئة أو التأثر بأقرناء السوء، عملا بالقول الشائع "الصاحب ساحب". كما دعا إلي الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي أثناء بث الحملات التوعوية بالنظر لشيوعها واستخدام الكثير من أفراد المجتمع لها.
درهم وقاية
ويعزو المواطن عمرو سلمان العكبري زيادة سرقات البيوت خلال موسم الصيف، في بعض حالاتها، إلى قرب المناطق العمالية لمواقع سكن المقيمين وبعض المواطنين، ما يحرض أصحاب النفوس الضعيفة على السرقة، داعيا إلى اتخاذ أصحاب البيوت الاحتياطات اللازمة عند السفر، وعدم إعلام الآخرين بمواعيد سفرهم، أو الإفصاح عن ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتصبح محل إغراء لأي من المشاركين في تلك المجموعات "الفيسبوكية أو التويترية" إن صح التعبير. ودعا العكبري أفراد المجتمع إلى الاستفادة من خدمة "أمان" التي وفرتها وزارة الداخلية لحماية الجميع، تنفيذا للمثل الشائع "درهم وقاية خير من قنطار علاج".
موطن جذب.. ولكن
من جانبه يرى إبراهيم محمود النصيرات «أردني مقيم» أن الإمارات بما توفره من فرص عمل ورغد العيش ورفاه اجتماعية، أضحت موطن جذب لمئات الجنسيات من شتى بقاع الأرض، غير أن الآلاف المؤلفة من هذه الجموع الراغبة في العمل والعيش في الإمارات قد تضم بين جنباتها بعض ضعاف النفوس من الأشرار والطامعين في الثراء السريع دونما عمل أو اجتهاد، ويكفي النظر إلى كشف جلسات المحاكم "رول القضايا" للتعرف على جنسيات المتورطين في جرائم شتى وغريبة كل الغرابة عن مجتمع الإمارات الخير القويم. مثل هذه النماذج، يقول النصيرات، هي التي تتورط في ارتكاب السرقات التي يتعرض لها بيوت وفلل بعض المسافرين المسالمين، ممن تعودوا علي أمن وسلام مجتمعهم، متناسين وجود حالات شاذة بالمجتمع، يدفعها الشيطان لارتكاب جرائم لم تكن معروفة بالمجتمع الإماراتي حتى وقت قريب، داعيا إلى تعاون أفراد المجتمع كافة مع الأجهزة الأمنية، والتجاوب مع حملاتها التوعوية، ليس في تأمين المساكن فحسب وإنما في كافة أغراض تلك الحملات، التي لا تستهدف سوى الأمن والسلامة والسعادة للجميع مواطنين ومقيمين، فنعم الحياة ورغد العيش لا تستمران وتتطوران إلا بتضافر جهود الجميع.
تضافر الجهود
ويرى أن أجهزة الدول، خاصة الأمنية منها، لم تدخر جهدا في اجتثاث الظواهر السلبية من المجتمع، على المستويات كافة الأمنية والتشريعية والجنائية، لردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن وأمان البلاد والعباد، كما لم تقصر على صعيد حملات التوعية بإجراءات تأمين البيوت خلال فترات السفر، ناهيك عن توفيرها برامج إلكترونية متصلة بغرف العمليات الشرطية لتأمين المساكن خلال سفر سكانها داخل الدولة أو خارجها. ويدعو إلى قيام كل فرد بدوره حفاظا على مكتسبات الوطن، والالتزام بتوجيهات الحملات التوعوية، فضلا عن ضرورة الاشتراك في برامج حماية المساكن وغيرها من البرامج الأمنية، التي لا تطلقها الأجهزة إلا لأجل فوائدها الأمنية والاجتماعية.
مبادرات شرطية
وعلى مستوى الجهود الأمنية التوعوية، فإن الأجهزة الشرطية أطلقت العديد من حملات التوعية، شملت "أمن المساكن" في دبي، و"أمني من أمن جاري" في الشارقة، و"المساكن الآمنة" في رأس الخيمة، وغيرها من الحملات التي تدشنها وزارة الداخلية على مدار العام. وفي حملة "أمن المساكن" التي كررتها القيادة العامة لشرطة دبي، دعت الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في يونيو الماضي المواطنين والمقيمين للاشتراك في خدمة أمن المساكن عبر خدماتها الذكية على تطبيق شرطة دبي على الهواتف الذكية، وعبر موقع شرطة دبي على شبكة الإنترنت العالمية.
وأكد مدير إدارة الرقابة الجنائية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية المقدم راشد عبد الرحمن بن ظبوي الفلاسي أن خدمة أمن المساكن هي خدمة أمنية وقائية مجانية لحماية منازل الجمهور أثناء قضائهم إجازاتهم داخل أو خارج الدولة أو خلال سفرهم لأي أسباب أخرى»، مشيراً إلى أن الخدمة تشهد إقبالاً من قبل المواطنين والمقيمين حيث ارتفعت نسبة عدد المسجلين فيها 10% مقارنة بالعام الماضي 2016. ولفت الفلاسي إلى أن الخدمة ومنذ إطلاقها في عام 2001 ساهمت في الحد من جرائم سرقات المنازل، موضحاً أن الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية تقوم بتلقي طلبات الاشتراك بالخدمة على مدار الساعة عبر الخدمات الذكية وعن طريق الموقع الرسمي الإلكتروني للقيادة العامة لشرطة دبي www.dubaipolice.gov.ae<http://www.dubaipolice.gov.ae>، أو من خلال مراكز خدمة العملاء بمراكز الشرطة وذلك بتعبئة استمارة «أمن المساكن».
ولفت أنه باستطاعة صاحب المنزل الاشتراك في الخدمة من البلد الذي وصل إليه عبر شبكة الإنترنت إذا كان قد نسي ذلك قبل سفره، وفي حالة الاستفسار يمكنه الاتصال على مركز الاتصال على الرقم 901 وطلب الخدمة. وحث الفلاسي المسافرين في الإجازات بضرورة إيداع الأموال والمقتنيات الثمينة مثل المجوهرات في البنوك أو نقلها إلى منزل قريب أو صديق موجود في الدولة، وعدم ترك السيارة خارج المنزل خلال فترة سفر صاحبها إلى الخارج فترة طويلة، ووضعها في موقف داخلي مغلق بباب من الخارج.
أمني من أمن جاري
أطلقت القيادة العامة لشرطة الشارقة في يونيو الماضي الحملة الإرشادية والوقائية لتأمين المساكن "أمني من أمن جاري"، التي انطلقت ضمن سلسلة من الخدمات الأمنية التي تقدمها شرطة الشارقة للجمهور، بهدف تعزيز حماية أمن المجتمع وأفراده وممتلكاتهم. وقال العميد محمد راشد بيات مدير عام العمليات الشرطية، إن الخدمة تستهدف توفير الأمن والحماية للمساكن أثناء سفر أصحابها أو غيابهم عنها لفترات طويلة، من خلال المشاركة المجتمعية للجيران في دعم جهود الشرطة، واتخاذ التدابير الوقائية المتعلقة بحماية هذه المساكن.
وقال العميد بيات: إن على الجيران القيام بعدد من الإجراءات التى تكفل تحقيق أهداف الحملـة الوقائية، ومنها رصد ما يثير الريبة والشك حيال منزل جاره، وتفقد أحوال المنزل من حين إلى آخر، وإبلاغ الجهات الأمنية في حال التعدي من قبل مجهولين، في حين تقوم الجهات الأمنية والشرطية بدورها من خلال تسيير الدوريات، وتكثيف وجودها في المناطق السكنية، للوقاية من تعرض الفلل والمساكن الخاصة للتعدي أو السرقة.
وأوضح أن التركيز على هذه الخدمـة في الوقت الحالي، جاء لعاملين أساسين أولهما دخول وقت الصيف واستعداد العديد من أفراد الجمهور للسفر وقضاء العطلات الصيفية خارج الدولـة، وترك المساكن لفترات طويلـة، وثانياً لتركيز الجهود الأمنية في إطار سياسة المسرعات التي تنتهجها وزارة الداخلية تطبيقا للتوجه الحكومي.
وبين مدير عام العمليات الشرطية أن الخدمة تشمل كل من يطلبها من أصحاب الفلل السكنية الواقعة في أي حي من أحياء مدينة الشارقة، وهي خدمة مجانية تقدمها القيادة العامة لشرطة الشارقة بالاشتراك والتعاون مع بعض الجهات الحكومية. ويتم الاشتراك بالخدمة عن طريق تعبئة استمارة خاصة من قبل الراغبين في الاستفادة من الخدمة حيث يمكن الحصول على الاستمارة من خلال موقع القيادة العامة لشرطة الشارقة الإلكتروني www.shjpolice.gov.ae<http://www.shjpolice.gov.ae> أو مراكز خدمة العملاء بمراكز الشرطة الشاملة أو أمانات مجالس الضواحي والقرى.
«المساكن الآمنة»
أطلقت القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة خلال الشهر الجاري الحملـة الإرشادية والوقائية لتأمين المساكن تحت شعار «المساكن الآمنة»، ضمن سلسلة من الخدمات الأمنية المقدمة للجمهور، بهدف تعزيز حماية أمن المجتمع وأفراده وممتلكاتهم.
وقال العميد عبدالله منخس مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية:» إن الحملة الأمنية التي تأتي بالاشتراك والتعاون مع بعض القطاعات الشرطية، تستهدف توفير الأمن والحماية للمساكن، خلال فترة الصيف وموسم العطلات والإجازات، من خلال التوعية في اتخاذ التدابير الوقائية المتعلقة بحماية هذه المساكن من التعدي والسرقات.
وأوضح بأن شرطة رأس الخيمة اتخذت جميع الترتيبات الأمنية كعادتها سنوياً للتعامل مع إجازة الصيف وموسم العطلات، التي تتطلب توفير الدوريات الأمنية وربطها مع غرفة العمليات لتلقي البلاغات والشكاوى، إلى جانب التعاون مع أجهزة الأمن الأخرى في القيادة العامة للشرطة لرصد ومتابعة الأوضاع الأمنية في مختلف مناطق الإمارة وبالأخص الأحياء السكنية التي تشهد كثافة سكانية، إلى جانب توفير الحماية الأمنية اللازمة للمنازل والمجمعات السكنية والتجارية والأسواق وغيرها للحيلولة دون تعرضها للسرقة في غياب أصحابها أثناء السفر.
أرسل تعليقك