حذّر الخبراء العسكريون من اتجاه روسيا إلى الدخول في مواجهة مع الغرب، لا تقل خطورة عن أزمة الصواريخ الكوبية، مؤكدين أنها تخوض الحرب الباردة من جديد.
وأوضح الجنرال الروسي يفجيني بوجينيسكي، قائلًا إنه "إذا ما تحدثنا عن المرحلة الراهنة ومقارنتها بفترة الحرب الباردة، نجد أنفسنا في مرحلة ما بين تشييد جدار برلين، وأزمة الصواريخ الكوبية." وأضاف المسؤول الروسي، والذي يشغل حاليًا منصب رئيس مركز شرطة التدخل السريع، أن "العالم يتأرجح على حافة الحرب، دون آليات لإدارة المواجهة".
وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريباكوف، أن موسكو ستثأر إذا ما اتجهت الولايات المتحدة نحو المضي قدمًا في فرض عقوبات جديدة على روسيا، بسبب قيام القوات الروسية بقصّف مدينة حلب.
وأعلنت صحيفة "تيليغراف" البريطانية، صدور قرار من قبل الكرملين الروسي، بقطع التواصل الدبلوماسي مع الولايات المتحدة على الأقل حتى نهاية الانتخابات الرئاسية الأميركية، والمقررة في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، على أمل أن تكون العلاقات أفضل مع الإدارة المقبلة.
وتأتي الخطوة الروسية بعد إقدام وزير الخارجية الأميركي جون كيري، على إلغاء التنسيق بين بلاده والجانب الروسي بشأن الصراع في سورية، متهمًا الحكومة الروسية بتمزيق أشهر من العمل الدبلوماسي في سورية. وألقى عدد من المسؤولين الروسيين، باللوم على الولايات المتحدة بسبب تراجعهم عن العديد من الالتزامات المتفق عليها، وأن الرئيس الروسي أوضح نطاق المواجهة بين بلاده والولايات المتحدة، عندما وبخ مراسل روسيا، وسأله حول السبب الذي أدى إلى انهيار العلاقات بين البلدين بسبب سورية.
وكشف بوتين أن الأمر لا يتعلق بسورية، وإنما يرجع بالأساس لرغبة دولة واحدة في فرض قراراتها على العالم كله. واقترب بوتين كثيرًا من الإعلان الرسمي للحرب الباردة، عندما قرر في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، إلغاء صفقة لإعادة معالجة البوليتونيوم، بسبب السياسات غير الودية التي تنتهجها الولايات المتحدة.
وبيّن الخبير الروسي فيودور لوكيانوف، والذي يشغل منصب رئيس مجلس روسيا للسياسات الخارجية والدفاعية، أن تمزيق الصفقة يعكس حجم الغضب الروسي، وترتبط خطورة الخطوة الروسية بالأمن النووي". وأوضحت الصحيفة البريطانية أن اللقاء الذي جمع بين الرئيس الروسي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الأسبوع الماضي، في برلين، ربما يعكس الرغبة الروسية في ترك الباب مفتوحًا على المستوى الدبلوماسي مع عدد من الحكومات الغربية.
وأشار الخبراء إلى أن الهدف الروسي، يتمثل في الأساس في تحقيق صفقة كبرى يمكنها إعادة الأمور إلى وضعها الصحيح، بعد التسوية المجحفة التي تمت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. وأوضحت الصحيفة البريطانية أنه لا يوجد إجماع حول ماهية الصفقة التي ترغب روسيا في إبرامها في المرحلة الراهنة، وأن هناك مطالبات يطرحها العامة بشأن عدم قبول الدور الذي يقوم به حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وأعرب عدد من الخبراء الروس عن مخاوفهم حيال انهيار التواصل الدبلوماسي بين الولايات المتحدة وروسيا في المرحلة المقبلة، لأنها ربما ستدفع في اتجاه حرب في الوكالة بين البلدين، أو ربما تتطور الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك، إذا ما وصل الحال إلى حرب مباشرة بين روسيا والقوى الغربية. وأوضحت "تيليغراف" أن بؤر التوتر المحتملة تشمل بحر البلطيق، وأن كلا من روسيا و"الناتو" تبادلا الاتهامات بحشد القوات هناك، وكذلك منطقة شرق أوكرانيا، وتواصل الحكومة الروسية دعمها للجمهوريات الانفصالية دونيتسك ولوهانسك.
وتظل سورية هي البؤرة الأكثر اشتعالًا، وهو الأمر الذي بدا واضًحا في تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، والمدعوم من قبل موسكو، قائلًا إن الصراع في بلاده يتخذ منحى المواجهة المباشرة بين روسيا والولايات المتحدة.
والحكومة الروسية على ما يبدو تتجه بقوة نحو توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، بحيث لا يقتصر الأمر على سورية، فقد أرسلت روسيا 500 جندي إلى القاهرة للقيام بتدريبات عسكرية مشتركة مع الجيش المصري هذا الأسبوع. وتتجه روسيا إلى إعادة افتتاح عدد من القواعد العسكرية التابعة لها في كل من كوبا وفيتنام.
وأكد عدد من الخبراء ذوي العلاقة الوثيقة بسياسات موسكو الخارجية، أن هناك قلق روسي من جراء الانغماس في صداقات مكلفة، على غرار تلك التي عقدتها روسيا إبان حقبة الاتحاد السوفيتي.
أرسل تعليقك