ذكرت مصادر مطلعة في صنعاء، أن قيادة الميليشيات "الحوثية" تخطط لإجراء انتخابات تكميلية في دوائر النواب المتوفين، إضافة إلى دوائر عدد من النواب الذين التحقوا بالحكومة الشرعية، وذلك بالتزامن مع حركة اتصالات مكثفة تجريها الجماعة مع قيادات موجودين في الخارج، تتوسل إليهم فيها العودة إلى صنعاء مقابل إغراء بالمال والمناصب.
أقرأ أيضًا : القوات اليمنية تحرز تقدّمًا جديدًا وتسيطر على جبل "كرس وهّاب" وقريتين مجاورتين
وجاء تحرك الجماعة الحوثية، كما يبدو، بعد أن فقدت ورقة النصاب القانوني من النواب، إثر التحاق أغلبهم بالحكومة الشرعية، وعلى وقع الاستعدادات الحثيثة التي تجري للترتيب لانعقاد البرلمان اليمني تحت مظلة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، بعد أن بلغ عددهم النصاب اللازم للانعقاد، بعدد 140 نائباً من مختلف الأحزاب والكتل النيابية.
ويبلغ عدد أعضاء البرلمان اليمني 301، من بينهم نحو 26 متوفياً، وهو ما يعني اكتمال النصاب القانوني الذي يتيح للشرعية في اليمن إعادة تفعيل المؤسسة التشريعية، للقيام بأدوارها الرقابية على الأداء الحكومي، والمصادقة على القوانين والمعاهدات والاتفاقات الدولية، إلى جانب بقية الصلاحيات الممنوحة للبرلمان بموجب الدستور اليمني.
وفي سياق التحركات الحوثية في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة لاستعادة ورقة البرلمان، أفادت المصادر بأن الجماعة تخطط عبر لجنة الانتخابات التي قامت بتعيين أعضاء جدد فيها لإجراء انتخابات تكميلية، تشمل دوائر المتوفين من النواب في مناطق سيطرتها، إلى جانب دوائر النواب الذين تزعم أنهم ارتكبوا جرم الخيانة، لهروبهم من صنعاء والتحاقهم بصف الشرعية.
وأوعزت الجماعة إلى قيادتها المحليين منذ أكثر من أسبوع لتنظيم حشود في دوائر النواب الملتحقين بالشرعية، من أجل الضغط عليهم، ودعوتهم للعودة إلى صنعاء تحت حكم الميليشيات والتخلي عن الشرعية، وسط تلميحات فهم منها أن الجماعة تمنحهم فرصة قبل أن تدعو إلى إجراء انتخابات في دوائرهم، باعتبار أنها دوائر شاغرة، طبقاً للفهم الذي تسعى الجماعة إلى تكييفه قانونياً عبر اللجنة العليا للانتخابات.
وبدأت الجماعة قبل نحو أسبوع عمليات تحشيد السكان من أتباعها في محافظة ذمار، في اجتماع في دائرة النائب في البرلمان مستشار الرئيس اليمني عضو وفد الشرعية إلى مشاورات السويد عبد العزيز جباري، حيث خرج المجتمعون في اللقاء الذي حضره محافظ الجماعة في ذمار محمد حسين المقدشي ببيان يدعو جباري للعودة إلى صنعاء لممارسة مهامه النيابية ممثلاً عن أبناء الدائرة 195، وهو الاجتماع الذي كان قد رد عليه جباري في حينه، من خلال بيان على صفحته في "فيسبوك"، ضمَّنه الاعتذار من أبناء دائرته، والتأكيد على عودته إلى صنعاء بعد القضاء على مشروع الجماعة الحوثية، واستعادة الدولة ومؤسساتها.
ودعت الجماعة أتباعها في الدائرتين 208 و209 في مديرية "عتمة" للاحتشاد في اجتماع خلص إلى مناشدة النائبين في البرلمان عبد الوهاب معوضة وعبد الله النعماني من أجل العودة إلى صنعاء، واستئناف أدوارهما النيابية تحت سلطة الميليشيات وخدمة لأهدافها.
وكان النائب عبد الوهاب معوضة، المحسوب على كتلة حزب "المؤتمر الشعبي"، قد خاض حرباً ضروساً مع أتباعه ضد الميليشيات الحوثية التي اقتحمت مديرية عتمة، قبل أن تتغلب الجماعة عليه لفارق الإمكانيات والتسليح، وهو الأمر الذي دفعه إلى الإفلات من مناطق سيطرة الجماعة، والالتحاق بركب الحكومة الشرعية.
وفي محافظة المحويت، حشدت الجماعة، السبت الماضي، العشرات من أتباعها ومن السكان المحليين في مديرية الرجم، للمطالبة المزعومة بعودة النائب في البرلمان عن الدائرة 240، محمد يحيى الشرفي، إلى صنعاء، وعدم الاستمرار في تبعيته للحكومة الشرعية، إلى جانب إغرائه وبقية النواب بالاستفادة مما تزعم الجماعة أنه "عفو عام" صدر من زعيمها في حق من يريد العودة إلى صنعاء، والرضوخ لسلطات الجماعة، والتسليم بحكمها الانقلابي.
وبحسب مصادر نيابية في صنعاء، استمرت الجماعة الحوثية خلال الفترة الأخيرة في إلزام رئيس البرلمان يحيى الراعي، هو ومن بقي معه من النواب، بعقد الجلسات، رغم افتقادها للمشروعية القانونية لجهة عدم اكتمال النصاب، واقتصار عدد الحاضرين في الجلسات على نحو 40 نائباً، إلى جانب لزوم آخرين منازلهم بسبب تقدمهم في السن وإصابتهم بالأمراض، أو عدم رغبتهم في الظهور علناً لدعم الميليشيات.
وكانت الجماعة، بحسب مصادر في حزب "المؤتمر الشعبي العام"، قد حذرت العشرات من النواب، بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح على يد ميليشياتها قبل أكثر من عام، من مغادرة صنعاء، وهددتهم بنهب أموالهم، وحبس أقاربهم، وتفجير منازلهم، إلا أن العشرات منهم تمكنوا من الإفلات، وانضموا إلى الشرعية.
وكشفت مصادر سياسية وحزبية يمنية لـ"الشرق الأوسط" أن عدداً من قيادات الميليشيات الحوثية في صنعاء يجرون منذ مدة اتصالات مكثفة، بعضها مباشر وبعضها غير مباشر، بقيادات موالين للشرعية، في مساع من الجماعة لتفكيك جبهة الحكومة المعترف بها دولياً. وأفادت المصادر بأن الجماعة الحوثية تحاول في اتصالاتها إغراء قيادات حزبيين وناشطين بالأموال والمناصب وضمان سلامتهم وسلامة أموالهم وأقاربهم، مقابل عودتهم إلى صنعاء، ومباركة الحكم الانقلابي للميليشيات، أو لزوم الحياد وعدم دعم الشرعية في أسوأ تقدير.
وأكد ناشط سياسي يمني بارز لـ"الشرق الأوسط"، أن قادة حوثيين حاولوا منذ مدة إغراءه بالعودة إلى صنعاء، مقابل تعيينه في منصب كبير، وضمان سلامته، إلا أنه رفض العرض الحوثي، مفضلاً البقاء في الصف المناوئ لحكم الجماعة.
ذكرت مصادر حزبية وسياسية يمنية أن الجماعة نجحت حتى الآن في تحييد كثير من القيادات الحزبيين والسياسيين الموجودين في الخارج، وبينهم نواب وقادة عسكريون، حيث ضمنت عبر اتصالات غير مباشرة معهم عدم مشاركتهم في مهاجمتها إعلامياً، أو التحريض ضد وجودها الانقلابي في أوساط أتباعها، مقابل التزامها بعدم النيل من ممتلكاتهم أو تعقب أقاربهم.
ويرجح كثير من المراقبين أن الجماعة الحوثية تراهن على إطالة أمد الحرب، واستطالة بقائها في الانقلاب لأطول مدة، لجهة ما يمنحها ذلك من فرصة تثبيت سلطاتها، وتغيير هوية البناء الاجتماعي والثقافي للمجتمع اليمني، وصولاً إلى زعزعة قناعات المجتمع بقدرة الشرعية، والتحالف الداعم لها، على حسم المعركة، وإنهاء الانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة.
كوميرت غاضب من مسرحية الانسحاب الحوثي من الحديدة
لم يكمل الجنرال الهولندي باتريك كوميرت، رئيس لجنة إعادة الانتشار في الحديدة، 15 يوماً من التعامل مع الحوثيين، حتى خرج بيان عن الأمم المتحدة يعبر عن خيبة أمل يشعر بها لعدم وصول الأطراف إلى خطوات لبناء الثقة.
وأحرج الحوثيون الجنرال عندما توجّه السبت الماضي إلى أحد الأعضاء الحوثيين في اللجنة التي يترأسها، بنية إجراء نقاشات، فوجد نفسه محوطاً بالكاميرات والمصورين؛ في مسرحية تم حجز تذكرة مجانية له فيها، فكان وثلة من أعضاء فريقه الجمهور الوحيد الذي حضر العرض الحوثي الذي لا يوجد له نص قانوني، ولا يمثّل أي التزام باتفاقية استوكهولم.
ويقول البراء شيبان، الباحث السياسي اليمني، إن الحوثيين أكدوا ما كان مؤكدا لدى معظم اليمنيين، فاتفاق التهدئة اتضح أنه كان مرحلة لإعادة ترتيب صفوفهم، والمسرحية الهزلية أيضا أكدت ذلك... المفارقة الوحيدة أنها كانت بحضور كومارت، وهم يستفيدون من فكرة أن هذه الشخصيات ما زالت حديثة العهد في التعامل معهم، وهم يحاولون الاستفادة الآن من فكرة أن هؤلاء (كومارت ومارتن غريفيث المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن) لم يعرفوهم حق المعرفة بعد.
ويشي بيان صدر عن الأمم المتحدة بغضب عارم لدى الجنرال، الذي قال إنه «يرحب بالجهود المبذولة لبدء تنفيذ اتفاقية استوكهولم»، ولم يرحب بإجراء الحوثيين الذي حاولوا استغلال وجوده لشرعنة خطوتهم في تسليم الميناء لأنفسهم ولقوات خفر سواحل مزيفة؛ بحسب مقابلات أجرتها «الشرق الأوسط» مع يمنيين في الحكومة وناشطين.
وشدد الجنرال كوميرت أثناء وجوده في الميناء على أن تنفيذ تدابير بناء الثقة والاتفاق ينبغي أن يكون متزامناً، وأكد على أن أي إعادة انتشار لن تكون ذات مصداقية إلا إذا تمكنت جميع الأطراف والأمم المتحدة من الملاحظة والتحقق من أنها تتماشى مع اتفاق استوكهولم طبقا لبيان صادر عن الأمم المتحدة أمس، وهو التعليق الذي حذفته القنوات ووسائل الإعلام الحوثية من المقاطع التي روجتها منذ يوم السبت.
تقول المصادر إن الجنرال طلب ذلك خلال اجتماع انفرادي مع قيادات حوثية وأخبرهم بأن خطة إعادة الانتشار لا بد من أن تكون مراقبة، منسقة، ويتم التأكد منها بناء على آليات يتم تقديمها ومناقشتها والاتفاق عليها، ويراقبها الطرفان والأمم المتحدة.
ويؤكد ذلك ما ورد في بيان الأمم المتحدة بأن رئيس لجنة إعادة الانتشار يرغب في عقد اجتماع في 1 يناير/كانون الثاني المقبل؛ لمناقشة خطط إعادة الانتشار والرصد وآلية التنسيق لوقف إطلاق النار وضمان تحقيق إعادة انتشار ذات مصداقية.
قد يهمك أيضًا :
الأمم المتحدة تعلن موافقة الأطراف اليمنية على فتح الممرات في "الحديدة"
ممثلو الحكومة الشرعية اليمنية في اللجنة المشتركة المعنية بإعادة الإنتشار والإشراف على تنفيذ اتفاق السويد يغادرون مدينة الحديدة.
أرسل تعليقك