اعتبر رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة، أن «عدوه هو الإبقاء على الوضع القائم في ليبيا»، وذلك غداة لقائه المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، بينما أعلنت حكومة «الوفاق الوطني» التي يترأسها فائز السراج عن تشكيل لجنة مع مجلسي «النواب والدولة» لإبرام هدنة في مدينة سبها، التي تشهد توتراً أمنياً منذ الأسبوع الماضي في جنوب البلاد.
وقال سلامة، الذي بحث مع عبد الرحمن العبار، عميد بلدية بنغازي، مسألة إعادة إعمار المدينة، مخاطباً أعضاء من مجلس النواب الذين التقاهم، الجمعة، «إن أي مبادرة تصدر عنكم من أجل إنهاء الوضع القائم، ولتحقيق توافقات هي محل ترحيب وضرورية».
وكان سلامة وحفتر قد أصدرا بيانين منفصلين حول اجتماعهما، الذي جرى بينهما مساء أول من أمس في مقر حفتر بمدينة الرجمة خارج بنغازي، لكنهما لم يكشفا عن تفاصيل المحادثات. واكتفى الطرفان بالقول إنهما بحثا العملية السياسية والتطورات الراهنة، وأقرا بأن خطة الأمم المتحدة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية العام الحالي تصطدم بعوائق.
في غضون ذلك، أعربت بعثة الأمم المتحدة عن قلقها البالغ إزاء التصعيد العسكري في سبها بجنوب ليبيا، وقالت في بيان «يجب وقف الاستخدام العشوائي للأسلحة في المناطق المكتظة بالسكان»، مشيرة إلى مقتل ما لا يقل عن 6 مدنيين، وإصابة تسعة آخرين بجروح في مدينة سبها.
ومن جهته، أعرب المجلس الرئاسي في بيان له عن «بالغ الأسف لتطورات الموقف في مدينة سبها، وما تشهده من اشتباكات وتقاتل بين أخوة ليبيين، في خرق لما توصلوا إليه من اتفاق للمصالحة، قبل أن يطالب بوقف فوري لإطلاق النار».
وأضاف المجلس «أنه يقف على مسافة واحدة بين جميع الأطراف، ويدعوهم إلى الاحتكام للعقل، والعودة إلى نهج الحوار والتفاهم، ومن المؤسف والمحزن والمدان أن يقتل الليبيون بعضهم بعضاً»، مبدياً حرصه الشديد على أمن واستقرار الجنوب، ومحاربة أي مجموعات من خارج البلاد، وأعرب عن ثقته «في رجاحة أهلنا في سبها وباقي مدن جنوبنا الليبي، وقدرتهم على تغليب مصلحة الوطن على ما عداها، لنجتاز سوياً ما تمر به بلادنا من أزمات». وكان السراج، الذي التقى أعضاء من مجلس النواب عن مناطق الجنوب للتشاور، والعمل على إنهاء الاقتتال الدائر في مدينة سبها، قد شدد على أن تحقيق الأمن والاستقرار في الجنوب يعد أولوية بالنسبة للمجلس الرئاسي وحكومته، موضحاً أن المجلس يقف على مسافة واحدة تجاه جميع الأطراف، وأنه يتوجب العمل الجماعي على قطع الطريق أمام مثيري الفتن.
بدورها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها سلمت إمدادات طبية تكفي لضمان استقرار نحو 50 جريحاً في مدينة سبها، عقب الاشتباكات التي اندلعت هناك.
وقالت اللجنة، في بيان مقتضب، إنها تذكر جميع المشاركين في القتال بأن المستشفيات والعاملين الطبيين، بالإضافة إلى سيارات الإسعاف والمرضى، يخضعون لحماية القانون الإنساني الدولي.
وتشهد مدينة سبها، الواقعة على بعد 800 كيلومتر جنوب غربي العاصمة الليبية طرابلس، انفلاتاً أمنياً غير مسبوق منذ أيام، وذلك بسبب اشتباكات بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو غير العربية، سقط على أثرها عدد من القتلى والجرحى، حيث هاجم مسلحو التبو مقر اللواء السادس بوسط سبها التابع لقوات حكومة السراج، الذي ينحدر أغلب عناصره من قبيلة أولاد سليمان، بعد مقتل أحد مسلحي التبو على يد قوة تابعة للواء.
من جهة ثانية، أعلن ناثان سيلز، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، أن «بلاده تعول على حكومة السراج في محاربة الإرهاب، وفرض سلطة القانون في ليبيا، مجدداً تأييد بلاده لها».
وقال سيلز، في تصريحات لقناة ليبية محليةـ مساء أول من أمس، إن «الولايات المتحدة تعمل بشكل دائم على برامج تدريبية في مجالات عدة، كان آخرها دورة تدريبية لمسؤولي الطيران المدني الليبي حول كيفية تعقب الإرهابيين خلال سفرهم، وذلك بالاعتماد على برنامج جديد اعتمدته الدول التي شاركت في المؤتمر الدولي حول حشد جهود تطبيق القانون لهزيمة (داعش)».
وقد تزامنت هذه التصريحات مع تصريح أليستر بيرت، وزير شؤون الدولة البريطاني لـ«الشرق الأوسط»، الذي أبلغ أحمد معيتيق، نائب السراج، بعد أن اجتمع به في العاصمة البريطانية لندن، أن بريطانيا تدعم جهود ليبيا كي تصبح أكثر استقراراً وشمولية وازدهاراً.
في سياق آخر، أنهى 50 متدرباً ليبياً مؤخراً برنامجاً تدريبياً مكثفاً للتخلص من المتفجرات بطرق آمنة، ضمن برنامج تدريبي للتخلص بأمان من مخاطر المتفجرات، بما في ذلك العبوات الناسفة. وفي هذا السياق قالت وزارة الخارجية البريطانية في «تغريدة» لها عبر وقع «تويتر» إن بريطانيا تدعم برنامجاً للحد من مخاطر المواد المتفجرة، ومُخلفات الحرب في ليبيا، الهدف منه تعزيز القُدرات الليبية على التصدي لمخاطر المُتفجرات بطريقة آمنة، وتسيير عودة النازحين إلى مناطقهم.
أرسل تعليقك