القاهرة - اكرم علي
أعلن التليفزيون المصري وفاة العالم أحمد زويل في الولايات المتحدة الأميركية، بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز الـ70 عامًا، بعد أن عانى من ورم سرطاني في النخاع الشوكي.
وكشف مسؤول في قنصلية مصر في لوس أنجلوس أن العالم المصري أحمد زويل، توفى، الاثنين، حسب توقيت الولايات المتحدة بعد تعرضه لانتكاسة صحية. وأوضح المسؤول في تصريحات خاصة إلى "صوت الإمارات"، أنه تم بدء إجراءات نقل الجثمان إلى القاهرة حيث من المتوقع أن يصل مصر الثلاثاء، حسب سير الإجراءات الخاصة بنقل الجثمان وسفره إلى مصر.
وأشار المسؤول إلى أنه تم التواصل مع أسرة العالم المصري أحمد زويل لبدء إجراءات نقل الجثمان ودفنه في مصر تنفيذًا لوصيته، موضحًا أن السلطات الأميركية تجري الإجراءات بأسرع وقت ممكن تقديرًا لمكانة الدكتور أحمد زويل وما يليق به. وأكد المسؤول أن الدكتور زويل كان يرتب الحضور لمصر الأيام المقبلة، لزيارة مدينة زويل لمتابعة العمل بها بالتنسيق مع القنصلية.
ونعى المستشار الإعلامي للعالم المصري، شريف فؤاد، الدكتور أحمد زويل، والذي وافته المنية، الثلاثاء، عن عمر ناهز الـ 70 عامًا. وأضاف فؤاد، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "هنا العاصمة"، مع الإعلامية لميس الحديدي، على قناة "سي بي سي"، " أنا في حالة ذهول وحالة زويل الصحية كانت قد تحسنت مؤخرًا، ونحاول تحقيق أمنيته بالدفن في مصر".
وأشار إلى أنه لم يعرف حتى الآن سبب الوفاة على وجه الدقة ، ولكن كل ما يعرفه أن أمنية الراحل الأخيرة هي أن يُدفن في مصر، حيث كان كل ما يطمح فيه هو رؤية مصر متقدمة علميًا، وتابع "زويل كان عنده حنين مرضي إلى مصر وكان يحبها بشكل كبير للغاية وكانت في مخيلته حتى لحظاته الأخيرة".
وقدّم الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعازيه إلى أسرة الراحل العظيم وذويه وكافة تلاميذه ومحبيه من أبناء الوطن وخارجه، قائلًا "إن مصر فقدت اليوم ابنًا بارًا وعالمًا نابغًا بذل جهودًا دؤوبة لرفع اسمها عاليًا في مختلف المحافل العلمية الدولية، وتوَّجها بحصوله على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 تقديرًا لأبحاثه في مجال علوم الليزر واكتشاف الفيمتو ثانية. وقد كان الفقيد حريصًا على نقل ثمرة علمه وأبحاثه التي أثرت مجاليّ الكيمياء والفيزياء إلى أبناء مصر الذين يتخذون من الفقيد الراحل قدوة علميةً عظيمة وقيمة إنسانية راقية؛ فحرصت مصر على تكريمه بمنحه وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى ثم قلادة النيل العظمى التي تُعد أرفع وسام مصري".
وأضاف "سيظل الفقيد رمزًا للعالِم الذي كرس حياته بشرفٍ وأمانة وإخلاص للبحث العلمي، وخيرَ معلمٍ لأجيال من علماء المستقبل الذين سيستكملون مسيرة عطائه من أجل توفير واقع أفضل للإنسانية، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم أسرته وذويه وجميع تلاميذه ومحبيه في مصر والعالم الصبر والسلوان".
وأكد اللواء صلاح عزازي، مدير عام مدينة زويل، أنه تلقى اتصالًا هاتفيًا من رئاسة الجمهورية، لمتابعة إجراءات ومراسم دفن جثمان الدكتور الراحل أحمد زويل، مشيرًا إلى أن رئاسة الجمهورية أبلغته بإعداد جنازة عسكرية للدكتور زويل، فور وصول الجثمان من الولايات المتحدة الأميركية إلى القاهرة، لافتًا إلى أن الجثمان سيصل الخميس أو الجمعة المقبل. ومنحت "قلادة النيل"، زويل جنازة عسكرية بحضور رئيس الجمهورية أو من ينوب عنه.
ولد أحمد حسن زويل في 26 شباط/فبراير 1946، في مدينة دمنهور، وهو عالم كيميائي مصري وأميركي الجنسية حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 1999 لأبحاثه في مجال كيمياء الفيمتو حيث قام باختراع ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة الليزر في زمن مقداره فيمتو ثانية وهكذا يمكن رؤية الجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية، وهو أستاذ الكيمياء وأستاذ الفيزياء في معهد كاليفورنيا للتقنية.
وفي سن 4 أعوام انتقل مع أسرته إلى مدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ، ونشأ وتلقى تعليمه الأساسي. والتحق بكلية العلوم في جامعة الإسكندرية بعد حصوله على الثانوية العامة وحصل على بكالوريوس العلوم بامتياز مع مرتبة الشرف عام 1967 في الكيمياء، وعمل معيدًا في الكلية ثم حصل على درجة الماجستير عن بحث في علم الضوء.
وسافر إلى الولايات المتحدة في منحة دراسية وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا في علوم الليزر. ثم عمل باحثًا في جامعة كاليفورنيا، بركلي (1974 – 1976). ثم انتقل للعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) منذ 1976، وهي من أكبر الجامعات العلمية في أميركا. حصل في 1982 على الجنسية الأميركية. تدرج في المناصب العلمية الدراسية داخل جامعة كالتك إلى أن أصبح استاذًا رئيسيًا لعلم الكيمياء بها، وهو أعلى منصب علمي جامعي في أميركا خلفًا للينوس باولنغ الذي حصل على جائزة نوبل مرتين، الأولى في الكمياء والثانية في السلام العالمي.
وابتكر أحمد زويل نظام تصوير سريع للغاية يعمل باستخدام الليزر له القدرة على رصد حركة الجزيئات عند نشوئها وعند التحام بعضها ببعض. والوحدة الزمنية التي تلتقط فيها الصورة هي فيمتو ثانية، وهو جزء من مليون مليار جزء من الثانية.
وحصل أحمد زويل على جائزة نوبل في الكيمياء، في يوم الثلاثاء 21 تشرين الأول/أكتوبر 1999، عن اختراعه لكاميرا لتحليل الطيف تعمل بسرعة الفيمتو ثانية، ودراسته للتفاعلات الكيميائية باستخدامها، ليصبح بذلك أول عالم مصري وعربي يفوز بجائزة نوبل في الكيمياء، وليدخل العالم كله في زمن جديد لم تكن البشرية تتوقع أن تدركه لتمكنه من مراقبة حركة الذرات داخل الجزيئات أثناء التفاعل الكيميائي عن طريق تقنية الليزر السريع.
وأعربت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم أنه قد تم تكريم الدكتور زويل نتيجة للثورة الهائلة في العلوم الكيميائية من خلال أبحاثه الرائدة في مجال ردود الفعل الكيميائية واستخدام أشعة الليزر حيث أدت أبحاثه إلى ميلاد ما يسمى بكيمياء الفيمتو ثانية واستخدام آلات التصوير الفائقة السرعة لمراقبة التفاعلات الكيميائية بسرعة الفيمتو ثانية. وأكدت الأكاديمية السويدية في حيثيات منحها الجائزة لأحمد زويل أن هذا الاكتشاف قد أحدث ثورة في علم الكيمياء وفي العلوم المرتبطة به، إذ أن الأبحاث التي قام بها تسمح لنا بأن نفهم ونتنبأ بالتفاعلات المهمة.
وكرمته مصر بعدة جوائز، منها وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الرئيس المصري الأسبق حسنى مبارك في العام 1995، وقلادة النيل العظمى أعلى وسام مصري، كما أطلق اسمه على بعض الشوارع والميادين، وأصدرت هيئة البريد طابعي بريد باسمه وصورته، ومنحته أيضا جامعة الإسكندرية الدكتوراه الفخرية وتم إطلاق اسمه على قاعة الأوبرا.
وورد اسمه في قائمة الشرف في الولايات المتحدة التي تضم أهم الشخصيات التي ساهمت في النهضة الأميركية، كما جاء اسمه رقم 18 من بين 29 شخصية بارزة باعتباره أهم علماء الليزر في الولايات المتحدة، وتضم هذه القائمة اينشتاين وجراهام بل. وفي نيسان/أبريل 2009، أعلن البيت الأبيض عن اختيار أحمد زويل ضمن مجلس مستشاري الرئيس الأميركي للعلوم والتكنولوجيا، والذي يضم 20 عالمًا مرموقًا في عدد من المجالات، كما تم تعيينه كمبعوث علمي للولايات المتحدة لدول الشرق الأوسط.
ونشر زويل أكثر من 350 بحثًا علميًا في المجلات العلمية العالمية المتخصصة، كما أصدر عددًا من المؤلفات بالعربية والإنجليزية منها "رحلة عبر الزمن .. الطريق إلى نوبل" و"عصر العلم" في العام 2005، و"الزمن" في العام 2007، و"حوار الحضارات" في العام 2007.
وكان للدكتور أحمد زويل مشاركة فعالة خلال أحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك وأسفرت عن العديد من التغيرات الدستورية والحكومية، كما كان أحد أعضاء لجنة الحكماء التي تشكلت من مجموعة من مفكري مصر لمشاركة شباب الثورة في القرارات المتخذة بشأن تحسين الأوضاع السياسية والقضاء علي رموز الفساد في مصر، كما تبنى مبادرة لإنشاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا من أجل تنفيذ مشروعه القومي بترسيخ قواعد العلم الحديث في مصر، وتطوير المنظومة التعليمية في مصر.
أرسل تعليقك