يمثل الجدار العازل الذي شرعت القوات التركية في بنائه حول مدينة عفرين السورية أحدث فصل في خطة تهدف إلى ضمها إلى تركيا، وبينما تتذرع أنقرة بالاعتبارات الأمنية، يقول محللون إنها تطبق السيناريو القبرصي في الأراضي السورية.
وقالت مصادر محلية "إن القوات التركية نفذت خلال الأسابيع القليلة الماضية عمليات هدم وجرف واسعة النطاق لمنازل وأملاك المدنيين في قرية جلبل، استكمالُا لأعمال بناء الجدار العازل، بدءا من قرى مريمين شمالا إلى كيمار جنوبا، فبلدة جلبل في الجنوب الغربي، لعزل مدينة عفرين عن مناطق شمال حلب.
وتشمل الخطة بناء نحو 70 كيلومترا من الجدار في المنطقة داخل الأراضي السورية، مع أبراج المراقبة التي تكون على اتصال مباشر مع نقاط عسكرية للقوات التركية في إدلب القريبة من عفرين.
وذكرت المصادر، أن القوات التركية أتمت بناء 564 كيلومترا من الجدار المقرر على طول الحدود مع سوريا، على أن يصل طول هذا الجدار إلى 711 كيلومترا بعد الانتهاء من القسم المتبقي قرب عفرين.
وقال مدير مؤسسة كرد بلا حدود كادار بيري لموقع "سكاي نيوز عربية"، "إن هناك عمليات تهجير لأكثر من 300 ألف مواطن من سكان عفرين، بينما جرى جلب مرتزقة وتوطين عائلاتهم".
أقرا أيضًا: التحالف الدولي يضغط عسكرياً على عناصر "داعش" في دير الزور للاستسلام
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن القوات التركية طردت قسما من أهالي عفرين، بهدف "إحلال مجموعات إرهابية مكانها"، كما "عملت على قطع أشجار الزيتون وتهديم العديد من البيوت والاستيلاء على ما تبقى منها".
وكانت تركيا أطلقت عملية عسكرية واسعة برا وجوا في عفرين التي تقطنها أغلبية كردية في مطلع عام 2018، لطرد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، التي تقول أنقرة إنها على صلة بمسلحي حزب العمال الكردستاني المصنف لديها إرهابيا.
تغييرات ممنهجة
واعتبر الخبير في الشئون التركية والكردية خورشيد دلي الجدار التركي العازل جزء من "عملية ممنهجة لتغيير البنية الديمغرافية وإحلال عناصر مرتبطة بتركيا في هذه المناطق، وتغيير هوية المدينة".
وأضاف دلي "إن الدليل على النوايا الاحتلالية التركية، هو شق طرق مباشرة بين عفرين والداخل التركي، بالإضافة إلى إقامة بنية أساسية تركية للخدمات والإعمار والاتصالات والتعليم".
وقال دلي "إن المشاريع التي يقومون بها لا توحي بأنها إجراء مؤقت".
السيناريو القبرصي
وأكد دلي أنه بينما تعلن تركيا مرارًا أن أهدافها في الأراضي السورية هو التصدي للمجموعات الكردية وحماية حدودها، إلا أن التاريخ القريب والبعيد يفصحان عن شيء يناقض ذلك تماما.
وأوضح أنه قبل شهرين، تحدث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار عن تبعية عفرين للأراضي التركية، وفقا للميثاق الملي الذي استندت له تركيا لإثبات أنها لم تخسر عفرين في الحرب العالمية الأولى وأنها ضمن حدودها، لكنها ظلمت في التنازل عنها بموجب اتفاقية لوزان عام 1923.
ويقول دلي "إن تركيا تسعى إلى التذرع بالحجج الأمنية كما فعلت تماما قبل غزو قبرص عام 1974".
وتحركت قوات عسكرية تركية واحتلت شمال قبرص بدعوة حماية الأتراك هناك، ردا على دعم المجلس العسكري اليوناني للانقلاب على نظام الحكم في قبرص ، لكنها أسست وضعا جديدا تم على أساسه تقسيم قبرص وإعلان جمهورية في الشمال موالية لتركيا.
ويتفق بيري على أن التجربة القبرصية حاضرة في التحركات التركية في عفرين، قائلا:" كما فعلت سابقا.. نحن نشهد قبرص جديدة في سوريا".
ودعا الناشط الكردي الدولة السورية إلى التحرك رسميا في مجلس الأمن من أجل مقاومة الممارسات التركية.
وأضاف دلي أن وجود تفاهمات دولية غير معلنة قد يعيق محاولات تجريم التحركات التركية، قائلًا "إن روسيا والولايات المتحدة توافقتا على الصمت تجاه ما تفعله تركيا".
وأكد أخيرًا أن هناك موافقة ضمنية من القوى الكبرى من أجل إرضاء الأتراك في مقابل صفقات أخرى تتجاوز الأزمة السورية.
وقد يهمك أيضًا:
مقتل "الداعشي" الإندونيسي محمد سيف الدين في سورية
العملية العسكرية ضد "داعش" في جيبه الأخير توقع 32 شهيداً وجريحاً مدنيًا
أرسل تعليقك