ينتظر اليمنيون، عامًا جديدًا يرون فيه النور والخلاص من الحرب التي تشهده البلاد، سيودّعون 2017 بكثير من المآسي حيث خسر الآلاف من المدنيين حياتهم وسقط الآلاف من الجرحى خلال المواجهات بين قوات الجيش اليمني مسندوة بالتحالف العربي من جهة ومليشيات الحوثيين مدعومة بقوات صالح من جهة أخرى.
وشهد 2017، الكثير من التغيرات الكبيرة العسكرية والسياسية وكان أهمها خلال الأيام السابقة مطلع الشهر الجاري، حيث شكل مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الحدث الأكبر الذي شهدته اليمن خلال هذا العام الأمر الذي قلب المسار السياسي والعسكري لصالح الحكومة الشرعية والتحالف العربي، وقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، في منزله بشارع صخر بحي حدة جنوب العاصمة صنعاء، شمال اليمن، في مواجهات عنيفة مع مسلحي جماعة الحوثيين عقب الانتفاضة ضد الحوثيين التي اعلنها صالح في الرابع من ديسمبر الجاري .
وعوّل التحالف العربي الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن، كثيرا على إعلان صالح الحرب على الحوثيين، وبارك تحركات حزبه (المؤتمر الشعبي العام ) فيما بدا أن العلاقة بين الرجل والسعودية، قد عادت لسابق عهدها قبل أن تسوء إبان تحالفه مع الحوثيين، وأكّد وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، أنّ مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح من شأنه أن يؤدي على المدى القصير إلى تردي الوضع الإنساني في اليمن .
وصرح ماتيس للصحافيين، على متن طائرة عسكرية وهو في طريقه لواشنطن عائداً من رحلة قصيرة إلى الشرق الأوسط وجنوب آسيا، أنه "من المبكر جداً معرفة تأثير مقتل صالح على مسار الحرب الدائرة في اليمن"، وقال إن "مقتل صالح إما قد يدفع الصراع باتجاه مفاوضات سلام تدعمها الأمم المتحدة أو تحوله إلى حرب أكثر شراسة".
وحذر أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من انفجار الأوضاع الأمنية في اليمن بعد مقتل صالح، وحمل أبو الغيط الحوثيين مسؤولية ما لحق بالبلاد من دمار منذ عام 2014، واصفا إياهم بـ"الميليشيات الإرهابية". وقال أبو الغيط في بيان نقله المتحدث باسم الجامعة العربية "إن اغتيال علي عبد الله صالح على يد الميلشيات الحوثية يُنذر بانفجار الأوضاع الأمنية في هذا البلد المنكوب، وكذا بتدهور الأوضاع الإنسانية التي تشهد بالفعل تردياً خطيراً"، وقتل 230 شخصا خلال الاشتباكات العنيفة بين قوات صالح والحوثيين جنوب العاصمة صنعاء شمال اليمن.
وتصاعدت حده الخلافات والتهديدات بين صالح والحوثي قبل مقتله إثر اتهام الأخير للرئيس اليمني السابق بـ"الاتفاق سرا" مع التحالف العربي بقيادة السعودية للانقلاب على الحوثيين وإدخال أنصاره القبليين إلى العاصمة صنعاء، بغرض السيطرة عليها وفك الارتباط مع الجماعة، وكان علي عبد الله صالح قد أجبر بوساطة خليجية على التنحي عن الحكم في العام 2012 بموجب خطة انتقالية بوساطة خليجية في أعقاب احتجاجات حاشدة على حكمه الذي امتد لعقود وحصل "صالح" على حصانة من الملاحقة القضائية بموجب الاتفاق وظل لاعبا سياسيا قويا من وراء الكواليس.
وشهد الوضع السياسي اليمني تحول جديد بعد أن نكل الحوثيين بشريكهم السياسي (حزب المؤتمر ) وقتل قائده صالح ليكتشفوا انهم أصبحوا منعزلين سياسيا عن العالم، وشنت جماعة الحوثيين حملة اعتقالات وتصفيات واسعة بحق قيادات ومنتسبي حزب المؤتمر جناح صالح والتي لازالت تتواصل حتى اليوم.، وبحسب الصحافي المقرب من صالح كامل الخوداني، فإن هناك 3000 من قيادات حزب المؤتمر تم اعتقالهم خلال الأسبوعين الماضيين كما تم تصفية اكثر من 1200 آخرين ونهب العديد من المنازل التابعة إلى صالح وقيادات حزبه.
وغادر موظفو السفارة الروسية العاصمة صنعاء والإيرانية أيضا عقب مقتل الرئيس صالح، إضافة إلى السخط الشعبي الذي عرفه الحوثيون عقب الانتفاضة التي شهدتها العاصمة صنعاء مطلع الشهر الجاري الأمر الذي أوضح للجماعة حجم السخط الشعبي من تصرفاتها وانتهاكاتها منذ سيطرتها على المدينة مطلع العام 2015، ويأتي هذا بالتزامن مع تحالفات جديدة تقودها الشرعية وحزب الإصلاح اليمني مع دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية، فقد تحول الخصمان اللدودان حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) والإمارات العربية المتحدة إلى تحالف جديد في المعركة التي يخوضها التحالف ضد الحوثيين.
وشكل بعض قيادات الحراك الجنوبي المجلس الانتقالي برئاسة محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي لحكم الجنوب اليمني خلال الأيام المقبلة، ويسعى المجلس الانتقالي إلى انفصال الجنوب اليمني وتكوين دولة ما تسمى بالجنوب العربي برئاسة عيدروس الزبيدي، وبسبب الانشقاقات السياسية التي يشهدها الحراك الجنوبي بسبب مناهضة بعض القيادات للوجود الإماراتي الداعم للمجلس في مدينة عدن.
وأسفر التفكك العسكري في صفوف الحوثيين وانقلاب أنصار صالح إلى صفوف الشرعية إلى تمكين قوات الجيش من السيطرة على ثلاث مديريات على الساحل الغربي لليمن بعد أن كان الحوثيون يسيطرون عليها منذ ثلاثة أعوام، إضافة إلى السيطرة الكاملة على محافظة شبوة شرقي اليمن والتي كانت تشهد معارك كر وفر دون أن يحقق أي صرف تقدم على الأرض خلال الأعوام الماضية.
وتمكنت القوات الحكومية التابعة للحكومة الشرعية مسنودة بطيران التحالف العربي التقدم في مختلف جبهات القتال والسيطرة على 85% من الأراضي اليمنية، وسط مليون حالة محتملة للإصابة بالكوليرا خلال اقل من عام بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي ، في حين يعاني أكثر من 80% من السكان من نقص الغذاء والوقود والمياه النظيفة والرعاية الصحية، موكدة أن اليمن يعاني أسوأ أزمة إنسانية بسبب الحرب التي تعيشها اليمن.
وسجلت منظمة الصحة العالمية 2219 حالة وفاة منذ بدء تفشي وباء الكوليرا في أبريل/نيسان الماضي، ويشكل الأطفال قرابة ثلث حالات الإصابة بالعدوى، وقالت منظمة الصحة العالمية في الثالث من ديسمبر/كانون الأول إن تفشيا جديدا للكوليرا قد يضرب اليمن خلال أشهر بعد إغلاق التحالف العربي بقيادة السعودية المنافذ الجوية والبرية والبحرية ما أدى لانقطاع الوقود عن المستشفيات وتوقف ضخ المياه وعدم وصول المساعدات إلى أطفال يتضورون جوعا.
وتعد اليمن أسوأ بيئة في الوقت الحالي للعيش فيها بحسب الأمم المتحدة بسبب الحصار والحرب وانتشار الأوبئة والمجاعة،وحذّر مسؤول كبير في الأمم المتحدة من أن اليمن يواجه أكبر مجاعة في العالم منذ عقود "ستخلف ملايين الضحايا" ما لم تُستأنف المساعدات له، وحثّ مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، التحالف الذي تقوده السعودية على رفع الحصار عن البلد الذي مزقه الصراع.
ويواصل التحالف العربي بقيادة السعودية غاراته الجوية على مناطق الحوثيين، ما أسفر عن مقتل 136 مدنيا منذ 6 ديسمبر/ كانون الأول، حسب مسؤول في مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وشددت المملكة العربية السعودية حصارها على اليمن ردا على إطلاق الحوثيين لصاروخ باليستي على مطار الملك خالد في الرياض، وقالت المملكة إنها تسعى إلى منع تهريب الأسلحة لكن الأمم المتحدة حذرت من أن هذه القيود قد تؤدي إلى "أكبر مجاعة يشهدها العالم منذ عقود" وتقول الأمم المتحدة أيضا إن اليمن يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويحرم أكثر من 14 مليون شخص من إمدادات المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي وانتشار القمامة في اليمن.
وقال تقرير وكالة (بروتكشن كلاستر) في اليمن التي ترأسها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن مجمل عدد الغارات الجوية في الأشهر الستة الأولى من 2017 بلغ 5676 مقابل 3936 غارة خلال عام 2016 كله، وأظهرت الإحصاءات أيضا زيادة متوسط الاشتباكات الشهرية بين الأطراف المتحاربة 56 في المئة عن العام الماضي.
وعاد تنظيم القاعدة "داعش" تنفيذ هجماته المتتالية على مواقع عسكرية في مدينة عدن جنوب اليمن خلال العام 2017 ، ما اسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات الأمن وكذلك المدنيين، واستغل التنظيم التوترات الأمنية والسياسية بين قوات هادي والقوات الموالية للإمارات في مدينة عدن وغيرها من المناطق الجنوبية في تنفيذ الهجمات الإرهابية مستهدفا رجال الدولة وقوات الأمن والمدنيين، وتبنت القاعدة الهجوم على مقر البحث الجنائي الذي اقتحمته في 5 من نوفمبر الماضي والذي اسفر عن مقتل وإصابة 90 من قوات الحزام الأمني، والذي يعد اكبر هجوم لها خلال الأشهر الأخيرة عقب عمليات مداهمات لقوات الحزام الأمني لتصفية أماكن يتمركز فيها التنظيم في محافظات لحج وابين والضالع وعدن وشبوة وحضرموت .
وشنت مقاتلات الجو من دون طيار الأمريكية عشرات الغارات الجوية إلى جانب انزال بري لمحاربة تنظيم القاعدة فرع شبه الجزيرة العربية والذي تعده اخطر أنواع التنظيم، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف التنظيم وكذلك مقتل العشرات من المدنيين،وشنت القوات الأميركية اكثر من 120 غارة جوية ضد جهاديين في اليمن هذا العام في اطار حملة تعززت مع وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة الأميركية، بحسب ما اعلن مسؤولون أميركيون .
أرسل تعليقك