أكد وزير الخارجية المصري الأسبق،محمد العرابي، رئيس ائتلاف "تحيا مصر" إن دولة الإمارات أصبحت اليوم نموذجا يحتذى به في قبول الآخر، فالمجتمعات العربية بحاجة ماسة إلى هذه النقطة، فالعديد من المجتماعات تواجه هذه الأزمة، كما أن حالة التدني الأخلاقي أصبحت أخطر الأمراض التي تهدد مجتمعاتنا، ولكن في الإمارات فإن الأخلاق هي أساس التنمية، وقبول الطرف الآخر أساس السلام المجتمعي الذي تنعم به الدولة.
وأشار العرابي على هامش محاضرة نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أمس الأول الاربعاء بعنوان " النظام الإقليمي العربي في ضوء قرارات القمة العربية السادسة والعشرين"، إلى أنه يستشرف بأن هناك بداية بلورة لنظام عربي جديد، بدءا في اليمن مرورا بقرار مجلس الأمن، وينص على التعاون المشترك بين مصر والإمارات والسعودية، وكل هذه الموضوعات تشير إلى دلائل حقيقية على بداية إيجابية لإقامة نظام عربي جديد.
وأوضح أن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، من المراكز التي لها مصداقية عالية جدا، ونحن بحاجة إلى مثل هذه المراكز التي تمثل بوتقة تنصهر فيها الأفكار، ثم تقدم هذه الأفكار للحكومات فيما بعد، وهذا ما تعانيه بعض المجتمعات العربية بأن هناك فجوة كبيرة ما بين مؤسسات الفكر في العالم العربي ومتخذي القرار.
وعن قراءة الغرب لموقف العرب في شأن "عاصفة الحزم" لفت إنها كانت صدمة ومفاجأة استراتيجية كبيرة للغرب الذي كان لديه إحساس بأن الجسد العربي ربما يكون جسدا ميتا، ولكن أصبح عكس ذلك تماما، وأصبح العرب لهم كلمة، وموقف صارم، ليس موقفا عسكريا فحسب، بل إنما موقف سياسي واقتصادي. فلذلك الغرب لم يتوقف عند العمل العسكري فقط، بل توقف عند سرعة رد الفعل العربي والنواة الصلبة التي تكونت من دون أية مشاورات أو تأخر، فالقمة العربية جاءت مجرد تثبيت لقرار عربي أتخذ.
وأكد العرابي يوجد إدراك أن المخاطر عابرة للحدود، ولا توجد دولة باستطاعتها الادعاء بأنها في مأمن من الإرهاب "العابر للحدود" والتصدي لهذه المخاطر يجب أن يقوم على قواعد عربية متينة تساعد على التماسك والترابط والالتزام بها.
وأشار برأيه الشخصي إلى أننا تأخرنا كثيرا كعرب في تشخيص العلة، والخطوة الأولى السليمة للعلاج هي أخذ الدواء، وفرضت الظروف علينا أن نرى العلة بشكل جيد، والتناول العربي القادم يجب أن يكون شاملا بما يعني الاهتمام في الإنسان العربي بتنميته وتعليمه وصحته، والاهتمام بالتكامل الاقتصادي.
وعن القمم الاقتصادية أوضح إن أول قمة اقتصادية عقدت في عام 2009 بالكويت، والثانية في عام 2011 في مصر، والثالثة كانت في السعودية عام 2013، ولكن هذه القمم الثلاث الاقتصادية لم تضع خارطة طريق لفكرة التكامل الاقتصادي العربي، ونحن بحاجة بأن نتناول المشاكل العربية بشكل شامل أمنيا وسياسيا واقتصاديا.
وأضاف أنا متفائل بما يجري في مصر واستعادتها لدورها في المنطقة، وعودتها السريعة لاستئناف هذا الدور، ولا ننكر أو نتجاهل المساندة الخليجية لمصر الفترة الماضية، وستسير على خطاها، وستقوم بدورها التاريخي الجغرافي، الذي رسم لها، ولذلك لديّ تفاؤل كبير.
وفيما يتعلق بالسياسة الداخلية في مصر، بين أن كل القوى سياسية في مصر تدعو لسرعة لإصدار القانون الجديد للانتخابات، وأن يكون القانون دستوريا، لتجنب تعرض المجلس القادم للحل نتيجة عدم الدستورية، لأن ذلك في حد ذاته سيكون علامة لا تليق بجمهورية مصر، وهناك بوادر تشير إلى أن القانون سيصدر قريبا وإن الانتخابات النيابية ستكون قبل شهر رمضان المبارك.
وأضاف أن القوى السياسية الحالية في مصر، أثبتت -للأسف- بأنها ليست على مستوى خطورة الوضع، ومصداقيتها تتردى في نظر المصريين، فنحن اليوم بحاجة إلى حياة سياسية جديدة، ووجوه جديدة لم تحرق في السوق السياسي، وهناك في مصر توجد قدرات وإمكانات كبيرة جدا، ولكن لم تجد مكانها الصحيح في الحياة السياسية، ومن واجبنا اكتشافها وتشجيعها ووضعها على الطريق الصحيح، وتقديم النخبة الجيدة للمجتمع المصري، وأضاف " عندي يقين بأن المصريين سيحسنون اختيار ممثليهم في البرلمان المقبل.
واستهل العرابي حديثه في المحاضرة، بتأكيد الدور المهم الذي تقوم به مراكز البحوث والدراسات في عملية صنع القرار، مشيرا إلى الأولوية القصوى لتجسير الفجوة بين هذه المراكز من ناحية، وعملية صنع القرار في العالم العربي من ناحية أخرى، مؤكدا المكانة المهمة التي بات يشغلها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية كواحد من أهم المراكز البحثية في المنطقة العربية.
أرسل تعليقك