تولّى الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، زمام الحكم في المملكة السعودية بعد رحيل الملك فهد بن عبد العزيز وفي أعقاب سلسلة هجمات متطرفة استهدفت المؤسسات العامة والمجمعات السكنية، واستطاع خلال فترة وجيزة من الحكم أن يبسط الأمن ويكافح الجماعات المتطرفة بجهود ذاتية ومحلية.
ومن أبرز الانجازات التي حققها ابن عبد العزيز في ملف مكافحة التطرف، إنشاء المركز الدولي لمكافحة "الإرهاب"، الذي دعا إليه دول العالم، واستضافت المملكة مؤتمرًا خاصًا به عام 2005 بعد فترة وجيزة من توليه الحكم، وتوجّت الدعوات بإنشاء المركز دولي عام 2011.
ودعم الملك الراحل المركز الدولي بـ10 ملايين دولار في العام الأول من إنشائه، كما خصَّص عام 2013، 100 مليون دولار لصندوق المركز، لاسيما بعد تنامي موجات التطرف عالميًا.
وكان ابن عبد العزيز حريصًا على معالجة الظاهرة من جانبين، الأول سياسة اللين والعفو، والجانب الآخر بالتجريم والقانون. كما أصدر أمرًا بتجريم القتال في الخارج والتحريض عليه، خصوصًا بعد الأحداث التي شهدتها الدول المجاورة مثل العراق وسورية وتوجه الكثير من الشباب السعودي للمشاركة في تلك المعارك.
كما أسس منظومة متكاملة لمكافحة التطرف، حيث سنَّ أنظمة خاصة لغسيل الأموال ومكافحة التطرف ومحاصرة الجماعات المتطرفة بمنع التمويل عنها وفرض عقوبات مشددة. ووصف الملك الراحل، المتطرفين بقوله "إنَّ الإرهابيين مجرمون سفاحون تجردوا من كل القيم"، مؤكدًا أنَّ المملكة ستواجه التطرف مهما كان بعيدًا أو طال الزمن من أجل القضاء عليه.
وحاز الملك الراحل لقب سادس أقوى الشخصيات تأثيرًا في العالم، وفق تصنيف مجلة "فوربس" الأميركية في عام 2011، نظرًا لجهوده المبذولة دوليًا وإقليميًا، خصوصًا فيما يتعلق بالأزمة الإيرانية من جهة، ومحاولته رأب الصدع دائمًا بين الدول العربية، التي انتهت بإعلانه نهاية الخلافات العربية العربية في مؤتمر القمة العربية الاقتصادية المنعقدة في الكويت بتاريخ 19 كانون الثاني/ يناير 2009.
وكان موقفه حازمًا ضد من يحاول زعزعة الأمن في مصر ودعا إلى الوقوف في وجه كل من يحاول المساس بها في رسالة قوية لدعم القيادة المصرية والهجوم على جماعة "الإخوان المسلمين"، كما نادى بشعب مصر والأمتين العربية والإسلامية مع أشقائها من الشرفاء وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية.
وشهدت المملكة السعودية في عهد الراحل، سلسلة عمليات متطرفة، استهدفت في 18 حزيران/ يونيو 2005، المقدم مبارك السواط من جهاز المباحث العامة في ضاحية الشرائع في مدينة مكة المكرمة على يد اثنين من المتطرفين، أطلقوا عليه نحو 20 رصاصة من سلاح ناري، وأردوه قتيلًا.
كما أحبطت السلطات الأمنية محاولة فاشلة استهدفت معامل "بقيق" لتكرير النفط شرق السعودية، في الـ24 من شباط/ فبراير2006، حيث حاول انتحاريون تفجير سيارتين كانوا يستقلونها، قبل أن تتمكن حراسات المعامل من قتلهم، واستشهد خلال دلك رجلا أمن.
وتعرضت القنصلية الأميركية في 12 أيار/ مايو، في جدة إلى إطلاق نار من مسلح، قبل أن تتمكن سلطات الأمن من إلقاء القبض عليه، بعد أن أصابته.
كما شهدت مختلف المدن السعودية، عشرات المداهمات الأمنية والمواجهات مع المتطرفين، نتج عنها مقتل عدد من رجال الأمن، فضلًا عن أعداد كبيرة من المسجلين على قائمة التطرف.
بينما شهد عام 2009 محاولة اغتيال فاشلة للأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية السعودية سابقا، حيث نفذها عبد الله طالع العسيري الذي كان يشكّل الرقم 85 على قائمة المطلوبين أمنيًا، واستخدم فيها تقنية الجوال في محاولة الاغتيال الفاشلة قبل أن يُقتل.
أيضًا في عام 2009 شهد أحد المنافذ الحدودية في منطقة جازان، مواجهة مع تنظيم "القاعدة" حينما حاول اثنان من المدرجين على قائمة الـ85 التسلل إلى الأراضي السعودية متنكرين بزي نسائي قبل أن تجهز عليهما السلطات الأمنية.
وفي 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، قتل اثنان من أفراد حرس الحدود في كمين نُصب لإحدى الدوريات الأمنية في محافظة شرورة جنوب البلاد على الحدود مع اليمن، كما شهد منفذ الوديعة على الحدود السعودية اليمنية أعمالًا متطرفة تبناها تنظيم "القاعدة" وذلك في 3 حزيران/ يوليو 2014، وكان يوم نهار الجمعة في رمضان.
وأسفرت الهجوم المتطرف على المنفذ، تبادل إطلاق نار بين خمسة أشخاص من "القاعدة ورجال حرس الحدود، حيث هرب 3 من التنظيم و بقي اثنان داخل غرفة، حيث هبَّ رجال الحدود إلى القبض عليهم، و فاجؤوهم بأحزمة ناسفة وتفجير أنفسهم، و قد توفي 5 من رجال الحدود.
وأسفرت آخر الهجمات المتطرفة التي تعرضت لها المملكة في عهد الملك الراحل، عن قتل رجلي أمن سعوديين فجر الاثنين الموافق 5 كانون الثاني/ يناير 2015، في هجوم نفذه متطرفون ضد دورية أمنية على الحدود الشمالية للسعودية مع العراق.
أرسل تعليقك