كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أنَّ بلاده مقبلة على مرحلة شائكة بتأليف حكومة ائتلافية بعدما كان حزب "العدالة والتنمية" يهيمن علي البرلمان بغالبية كبيرة استمرت لثلاثة عشر عامًا، وانتهت من قبل إرادة الناخبين التي رفضت تنامي الحكم الاستبدادي، مضيفًا أنَّ رأي المواطنين هو فوق كل شيء. كان الحزب الحاكم خسر عشر نقاط جعلت الحزب الموالي للأكراد يشارك في البرلمان للمرة الأولى.
وتغيرت لغة خطاب أردوغان التي كانت تتسم بالتشدد وقت قيام الحملة الانتخابية إلى لغة أخرى يغلب عليها طابع الاسترضاء بعد ظهور نتائج الانتخابات، إذ جاء في كلمته "أنَّه لا يوجد حزب فاز بالهيمنة المطلقة على الحكم" داعيًا جميع الأحزاب إلى العمل من أجل الحفاظ على بيئة من الثقة والاستقرار في البلاد.
ومن المقرر أن تُعقد خلال الأسابيع المقبلة محادثات تأليف حكومة ائتلافية بعد أن وقفت أصوات الناخبين حائلًا ضد خطط الرئيس لتغيير الدستور وبسط أكثر لنفوذه، في حين منحت الأقلية الكردية الكبيرة التي تمثل 20% من نسبة السكان أكبر نسبة أصوات حصلت عليها علي مدار تاريخها في السياسة الوطنية ما كان بمثابة ضربة قوية لحزب "العدالة والتنمية" منذ توليه السلطة في العام 2002.
وشهدت الانتخابات تقدمًا واضحًا لحزب "الشعب الديمقراطي" اليساري، وهو الحزب الجديد الذي يمثل الأكراد ولكنه أيضًا يشمل الليبراليين، إذ حصل على 12% من الأصوات وما يقرب من 80 من إجمالي 550 مقعدًا، فيما عمت الاحتفالات مدينة "دياربكر"، ذات الغالبية الكردية الواقعة جنوب شرقي البلاد، حيث جابت السيارات شوارع المدينة مع إطلاق الأعيرة النارية في الهواء بعد أن أعطت نتائج التصويت تمثيل حقيقي لهم في البرلمان.
وتُعد الانتخابات التي أجريت الأحد الأولى من أربع انتخابات عامة، التي نري فيها تراجع عن دعم أردوغان، في الوقت الذي شهد فيه حزب "العدالة والتنمية" هبوطًا حادًا في عدد الأصوات لم يشهده منذ انتخابات العام 2011 التي كانت قد حصلت فيها علي ما يقرب من نصف عدد أصوات المواطنين، ومن ثم فالحزب عليه تأليف حكومة ائتلافية أو الدعوة لانتخابات جديدة.
واستبعد نائب رئيس الوزراء للحكومة، نعمان كرتوملوس، فكرة إجراء انتخابات جديدة، مبديًا ثقته في أن حزبه سيشكل ائتلاف مع واحد من الأحزاب الثلاثة الأخرى بعد المرشح اليميني الأوفر حظًا وهو حزب "الحركة القومية" الذي تزداد إمكانية وجوده ضمن التحالف.
ومن جانبه؛ أوضح ممثل الحزب "الشعبي الديمقراطي" اليساري، الذي كان بمثابة مفاجأة البرلمان، صلاح الدين دميرتاز، خلال مؤتمر صحافي، عُقد في إسطنبول مساء الأحد، أنَّه لا توجد إمكانية للتحالف مع حزب "العدالة والتنمية"، مضيفًا أنّ الحزب سيشكل معارضة قوية في البرلمان، وأنَّ نتائج الانتخابات قد وضعت حدًا لجميع الخطط نحو رئاسة تنفيذية.
وعلى جانب آخر؛ دعت الصحف الموالية للحكومية إلى عقد انتخابات مبكرة، الأمر الذي أكده نائب رئيس حزب "العدالة والتنمية"، رئيس اللجنة البرلمانية لصياغة الدستور، برهان كوزو، مشيرًا إلى أنَّ الانتخابات تعكس ضعف النظام البرلماني ومن ثم فلا مفر من عقد انتخابات مبكرة، مضيفًا أنَّ الحل الوحيد يكمن في وجود رئاسة تنفيذية، مع إمكانية الدعوة في أي وقت خلال الخمس وأربعون يومًا المقبلة لعقد انتخابات جديدة.
يُذكر أنَّ نتائج التصويت في الانتخابات البرلمانية بناءً على 99,9% من الأصوات، شهدت تحقيق رقم قياسي جديد في عدد النساء الذين حصلوا علي مقاعد في البرلمان والتي قدرت وفقًا لإحصائية غير رسمية بإجمالي 96 امرأة برلمانية في الوقت الذي شهدت فيه انتخابات العام 2011 اشتراك 79 امرأة.
وكشفت النتائج أيضًا عن احتلال حزب "العدالة والتنمية" الصدارة، يليه حزب "الشعب الجمهوري"، الذي حصل على 25% من الأصوات، ثم حزب "الحركة القومية"، الذي حصل على 16,5%، وفي المرتبة الرابعة جاء حزب "الشعب الديمقراطي"، بحصوله علي 13% من الأصوات.
وقُدرت نسبة المشاركة بنحو 86%، وبناءً على النتائج فسوف يحصل حزب "العدالة والتنمية" على 258 من إجمالي 550 مقعدًا في البرلمان، فيما سيحصل حزب "الشعب الجمهوري" على 132 مقعدًا، بينما حزب "الحركة القومية" سيحصل على 81 مقعدًا، ويحصل حزب "الشعب الديمقراطي" على 79 مقعدًا.
أرسل تعليقك