القاهرة - صوت الامارات
صدر عن دار المدار الإسلامى فى بيروت ترجمة عربية لكتاب للعالم التركى شوكت باموك المتخصص فى التاريخ الاقتصادى عنوان الكتاب "التاريخ المالى للدولة العثمانية"، قام بترجمة الكتاب الدكتور عبد اللطيف حارس، الكتاب أهم ما فيه هو كشف المؤلف عن التدفقات المالية من القاهرة لإسطنبول كجزء من ضريبة فرضتها الدولة العثمانية على مصر بعد دخول السلطان سليم الأول القاهرة.
يرى المؤلف أن مصر تمتعت ولقرون عديدة، بتدفق كميات كبيرة من الذهب من تكور (مالى – النيجر- تشاد) كما كان الجغرافيون العرب يطلقون على منطقة شبه الصحراء الأفريقية الممتدة من السودان الحالى فى الشرق إلى السنغال فى الغرب. هذه التدفقات استمرت خلال القرن الخامس عشر ودعمت إنتاج الأشرفى المملوكى وهو دينار ذهبى ضرب فى عهد الأشرف برسباى، وقد أدى استمرار تدفقا الذهب من الجنوب إلى تحويل القاهرة إلى واحدة من المراكز الرئيسية للنقد الذهب فى الإمبراطورية العثمانية خلال القرن السادس عشر. وكان للقطع الذهبية العثمانية المسكوكة فى مصر.
وكانت الدفعات السنوية من مصر إلى الخزينة الإمبراطورية فى إسطنبول هى الآلية الرئيسية لنقل النقود الذهبية المضروبة فى القاهرة إلى باقى أنحاء الإمبراطورية، إضافة إلى شحنات السكر، والأرز، والقهوة، والسلع الأخرى إلى العاصمة، كانت القاهرة ترسل إلى إسطنبول دفعات نقدية كبيرة كل سنة تسمى، إرسالية إلى الخزينة، أى تحويل نقدى إلى الخزينة. خلال القرن السادس عشر تراوح هذا المبلغ بين 400.000 إلى 500.500 قطعة ذهبية، أى حوالى 16 إلى 20 مليون بارة وذلك بحسب سعر الصرف السائد 40 بارة لكل سلطانية.
وكان هذا مبلغًا ضخمًا بالنسبة لمقاييس القرن السادس عشر كما كان يشكل دعمًا أساسيًا الدخل السنوى للخزينة الإمبراطورية، حتى عندما كانت الدولة فى أوج نفوذها. ويقدم ستانفورد شو وصفًا للتطور الأولى لهذه الدفعات.
هذا النمط من المدفوعات وتدفق المسكوكات الثمينة تغير بشكل كبير خلال القرن السابع عشر. فقد بدأت التحويلات السنوية إلى إسطنبول ترسل بأكثريتها فضة. ويوحى هذا التحول أن تدفق الذهب من الجنوب قد قل بعد القرن السادس عشر، إن لم يكن قبل ذلك، وسببت الاضطرابات السياسية والإدارية انخفاض العائدات المصرية وانحسار سيطرة اسطنبول على مصر، ولسنوات طويلة، وحتى الربع الأخير من القرن السابع عشر، لم يرسل منها أى شيء إلى العاصمة. ثم إن النقود الذهبية المصرية من القاهرة استعادت شهرتها فى إسطنبول فى أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر، مما يوحى بعودة تدفق الذهب من الجنوب إلى مصر حوالى هذا الوقت إن لم يكن قبل ذلك.
الكتاب شابه نقص فى الاستعانة بالعديد من الدراسات العربية، ولعل أبرزها كتاب الدكتور أحمد الصاوى (النقود المتداولة فى مصر فى العصر العثماني)، وهو مصدر ثرى بالمعلومات حول النقد فى خلال هذه الحقبة، هذا يعنى غياب الباحثين المصريين عن الساحة العلمية الدولية
أرسل تعليقك