خرجت الدراما الاجتماعية السورية للموسم الرمضاني الحالي من رحم الحرب الإرهابية على سورية منطلقة إلى مواضيع وقضايا أشمل ومستوحية من العلاقات الإنسانية والعاطفية والصراعات الاجتماعية محور قصصها إضافة إلى تجسيدها للروايات درامياً.
ويبدو أن خروج الدراما السورية من دائرة دراما الحرب هو محاولة لكسر تلك السمة التي طبعتها السنوات الماضية بطريقة تجمع بين التشويق وتحقيق المتعة الدرامية.
وكلما ابتعدت الدراما عن الحرب اقتربت من الحب أكثر كما تجلى ذلك في مسلسلات عديدة بعضها اعتمد أسلوب اللوحات مثل ومضات تأليف رنيم الباشا وإخراج سارة الزير وبطولة مجموعة من الفنانين منهم يزن السيد ودانا جبر حيث تطرقت كل لوحة لثنائية الرجل والمرأة وما فيها من صراعات ومشاعر شك وغيرة وأثر الخيانة في إنهاء أجمل العلاقات.
وتجلى الحب أيضاً في مسلسل عن الهوى والجوى إخراج فادي سليم وبطولة نخبة من النجوم أمثال غسان مسعود ومنى واصف ويتناول الحب بين مرحلة البداية والسطوع ومرحلة الحزن والأسى الذي يتركه في النفس لدى انتهاء العلاقة.
المزج بين الحب والأدب الروائي ظهر في مسلسل (أثر الفراشة) المستوحى من رواية غابرييل ماركيز الشهيرة (الحب في زمن الكوليرا) وهو من تأليف محمود عبد الكريم وإخراج زهير قنوع وبطولة سمر سامي وعبد الهادي الصباغ ونورا رحال وبيار داغر والمسلسل يقدم رؤية سورية لرواية ماركيز ويطرح الحب بشكله العميق والإنساني.
وبعيداً عن الحب حفلت دراما هذا العام بمسلسلات تناولت صراعات اجتماعية وعالم الجريمة منها هوا أصفر من تأليف يامن الحجلي وعلي وجيه وإخراج أحمد إبراهيم أحمد ولعب أدواره الرئيسية سلاف فواخرجي ووائل شرف ومن لبنان يوسف الخال ليجسد المسلسل شخصيات امتهنت الإجرام واستهانت في سبيله بكل القيم وسعت لنشر الفساد على أوسع نطاق لتحقيق مآربها.
ويحفل مسلسل غفوة القلوب تأليف هديل إسماعيل وإخراج رشاد كوكش بالعديد من الأحداث المشوقة في طابع بوليسي فالمسلسل الذي يلعب أدواره الرئيسية الفنانون أحمد الأحمد وحسام تحسين بك ونظلي الرواس يحكي عن جريمة قتل يتم تصويرها وتتم عمليات مفاوضات بين أسرة القاتل وشخص وقع التسجيل في يده.
ويقدم مسلسل ناس من ورق منحى جديداً في تجسيد الدراما للعلاقات الاجتماعية بين الناس بصورها واتجاهاتها فالعمل الذي كتبه أسامة كوكش وأخرجه وائل رمضان ويؤدي أدواره الرئيسية الفنانون سلمى المصري وفايز قزق يخلط التراجيديا بالكوميديا ويقدم في كل حلقة قصة مسرحها شقة سكنية يستأجرها كل مرة مجموعة مختلفة من الأشخاص.
أما المسلسلات التي تعاطت مع الأزمة فجاءت أقل عدداً من السنوات الماضية واستخدم بعضها الأحداث الحالية كخلفية للعمل ومنها ترجمان الأشواق للمخرج محمد عبد العزيز الذي اشترك في كتابته مع بشار عباس.
ويجد الناقد والصحفي ماهر منصور أن دراما ترجمان الأشواق تنطوي على كم من المشاهد المنفردة الفريدة والعميقة والكثير من الحوارات الموحية والمؤثرة لكنه يرى أن وجود تلك المشاهد الفريدة وسط مشاهد تزيينية أحياناً كان استنزافاً لشحنتها العاطفية مع بطء في سرد أحداثه والخيارات المتعلقة ببنية حكايته دون أن يقلل هذا من مستوى العمل ولا قيمته الفكرية والجمالية.
ترجمان الأشواق الذي يجمع ثلاثة من مخضرمي الدراما السورية هم عباس النوري وغسان مسعود وفايز قزق وتقف إلى جانبهم الفنانة شكران مرتجى جعلنا بحسب منصور نقف أمام عين سينمائية تعشق الصورة وتقع على ممثلين يعرفون قيمة الكلمة.
وحول مستوى الدراما الاجتماعية لهذا العام ككل يبين منصور أنها قدمت طيفاً واسعاً من الموضوعات على امتداد فترة زمنية من ثمانينيات القرن الفائت إلى يومنا هذا وضمن أنماط فنية مختلفة ومستويات فكرية متعددة وكأحد مؤشرات استرداد الدراما السورية لعافيتها وعودتها إلى مكانتها الفنية في المشهد الدرامي العربي وإلى أصولها الفكرية حتى في المسلسلات التي تناولت الحرب في سورية وآثارها.
قد يهمك ايضا:
شخصية "الطيبة المثالية" تُسيطر على الدراما المصرية في رمضان
نقل سولاف فواخرجي للمستشفى بعد حادث أليم
أرسل تعليقك