لا شك أن الانتاجات الفنية تساير التطورات التكنولوجية وتتماشى معها، وآخرها ما بات يعرف بالإنتاج الحديث عبر "الويب"، ويبدو أن هؤلاء يحزمون أمتعتهم ويهاجرون إلى العالم الافتراضي لعرض أفكارهم، يشاركهم في الهجرة كل صاحب موهبة في التمثيل، وكل مالك فكرة يريد تحريرها من واقعه الضيق إلى أفق الانترنت الواسع، وكل من لديه هاجس الفن بأشكاله المتعددة .
انطلقت ظاهرة "الويب دراما" في لبنان في عام 2011 مع شريط "شنكبوت" إخراج أمين درة، إنتاج شركة "بطوطة فيلمز" (كاتيا صالح) بالتعاون مع صندوق التنمية في محطة "بي بي سي" المستوحى اسمه من الشبكة العنكبوتية . جال الشريط بأجزائه الخمسة وحلقاته ال150 العالم وحصد مجموعة كبيرة من الجوائز من خلال مشاركته في المهرجانات العالمية وآخرها جائزتا "laweb fest" و"emi" العالمية ليصار لاحقاً إلى عرضه عبر "النت" . ونظراً لنجاحه ومشاهدته من قبل الآلاف فقد طُلب للمشاركة في المهرجانات العالمية .
بعد "شنكبوت" توالت مسلسلات الانترنت التفاعلية فانطلق "ويب دراما" جديد بعنوان "beirut i love you" عبر موقع "lbc" الالكتروني ويتناول قصة حياة الشباب في العشرينات من العمر تنتابهم حالات من الفرح والحزن جراء الأوضاع التي يعيشونها وتختلف طباعهم وطرق تفكيرهم، أحدهم ضائع وآخر مهووس بالنظافة وهناك من يفكر كثيراً في كل خطوة يقوم بها وآخر فاسق .
تعاون فريقا "شنكبوت" و"beirut i love you" مع موقع "ياهو" مكتوب لإنتاج شريط "فساتين" (10 حلقات) عبر "بطوطة فيلمز" ل كاتيا صالح، عن فكرة مونيا عقل وسيريل عريس وسيناريو باسم بريش، وهارديغ تروشاجريان، عن تحديات ثلاث نساء: "عليا" مطلقة وأم لطفل، "لما" زوجة أحد الأثرياء و"كرمى" العالقة بين حبيبها وأهلها الرافضين له لاختلاف طائفته . يأخذ المسلسل طابعاً تفاعلياً فالنسوة صديقات، وقد فاز بجوائز عدة في المهرجانات منها جائزة لجنة التحكيم في "Marseille web festival" .
"ويب دراما" "ممنوع" (10 حلقات) شريط ثالث يتناول الرقابة في لبنان، وتعريتها وفضحها اللبنانية وتجاوزاتها لحرية التعبير . كما كتبها نديم لحود وصورتها نينا نجار ويعرض على الشبكة العنكبوتية مع مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية "سكايز" .
آخر أعمال الويب دراما هو "أول الغيث" (15 حلقة) تناول فيه المخرج رودريغ جمال أوضاع الشباب في ظل تداعيات الربيع العربي والتطرف والجشع والسلطة وسوء استخدام الدين، والاتجار بالأعضاء البشرية . . .
المنتجة الأبرز في مجال "الويب دراما" كاتيا صالح أكدت أن الشباب فرضوا هذا النوع من الأعمال التي تحكي عنهم وتتوجه لهم . اضافت: في العمل الأول الذي قدمناه "شنكبوت" نحكي عن بيروت والناس الذين يتقاطعون ليحكوا مشاكلهم ومواقفهم، ثم تابعنا طرح قضايا المخدرات والعاملات الأجنبيات والسلم الأهلي والسلام وأحلام الفتيات وغيرها من الموضوعات التي عالجناها تباعاً وتفاعل معها الناس .
وانتهت للقول: "الشباب الذين يقصدون النت بدل التلفاز يجدون في الويب دراما لسان حالهم" .
المخرج أمين درة الذي تسلم جائزة أفضل مخرج في مهرجان لوس انجلوس عن فئة مسلسلات الانترنت التفاعلية، قال "هذه الظاهرة تعني لي الكثير، فأنا أحب الويب دراما حيث العلاقة قوية ومباشرة مع المشاهدين الذين يتفاعلون مع العمل ويعلقون على أحداثه وشخصياته"، ولفت إلى أن "مستقبل "الدراما ويب" سيكون واعداً ولابُدّ أن يحظى باهتمام الكثيرين" .
ميرفا القاضي تلعب دور مايا في "فساتين" رأت أن هذا النوع من العمل يثير الحماس لأنه مسجل بحيث يمكن مشاهدته عدة مرات، إضافة إلى إمكانية إعطاء آراء المشاهدين به مباشرة .
مونيا عقل صاحبة فكرة "فساتين" اعتبرت أن "الهدف الأساس للعمل هو إلقاء الضوء على واقع النساء في العالم العربي . وأضافت: "ما شجعني على إنتاج ويب دراما هو أننا نتجه نحو عالم الانترنت وشاشة الكومبيوتر هي الأساس ومستقبل الدراما سيكون عبر الويب .
وافقتها الرأي مايا غصن منتجة "أول الغيث" واعتبرت أن تجربة الويب ناجحة جدا . . "وأول الغيث" نجح لأنه لامس قضايا لم يسبق أن قدمت لبنانياً في الدراما . لكن من الضروري دخول المعلن إلى هذه السوق لتحقق الجهات المنتجة مردوداً مالياً يوازي ميزانية العمل ويحقق هامشاً ولو بسيطاً من الربح لاستمرار التجارب" .
حسن عقيل الذي أدّى دور "سليمان" في "شنكبوت" يقول "إننا بحاجة لتخصيص ميزانية للانتاجات الرقمية في لبنان وإلى ضرورة تسهيل تجربة المستخدم اللبناني مع الانترنت من خلال دعم البنى التحتية للاتصالات وتوفير "داتا" سريعة بأسعار مخفضة وإعطاء سوق الهواتف المحمولة أولوية للخروج بمحتوى يعبّر عن المجتمع المحلي" .
أرسل تعليقك