الباحثون عن الذهب يدمرون ماضي السودان الذي لا يقدر بثمن
آخر تحديث 13:50:28 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

الباحثون عن الذهب يدمرون ماضي السودان الذي لا يقدر بثمن

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - الباحثون عن الذهب يدمرون ماضي السودان الذي لا يقدر بثمن

الذهب
القاهرة - صوت الامارات

 عندما توغل فريق من علماء الآثار السودانيين الشهر الماضي في صحراء السودان وصولاً إلى موقع جبل المراغه الأثري ظنوا أنهم ضلوا الطريق لأن الموقع اختفى.لكن الحقيقة أن الباحثين عن معدن الذهب النفيس دمروا الموقع الذي يعود تاريخه إلى ألفي عام باستخدام آليات عملاقة علا هديرها صاخباً في الموقع الواقع على بعد 270 كلم شمال الخرطوم.وقالت اختصاصية علم الآثار السودانية حباب ادريس أحمد وهي لا تزال تحت الصدمة: "هدفهم الوحيد من الحفر هنا الحصول على الذهب. لقد قاموا بعمل جنوني ولكسب الوقت استخدموا جرافات ثقيلة".وقد عملت الاختصاصية في الموقع في عام 1999 مع بعثة من متحف جامعة بوسطن الأميركية، وزاد من الصدمة التي اعترت الفريق عند بحثهم عن مصدر الهدير الذي يشق صمت صحراء بيوضه أنهم شاهدوا آليتي حفر وخمسة رجال يعملون عليها، بعد أن انتهوا من حفر حفرة بعمق 17 متراً وعرض 20 مترا.وشاهدوا على الأرض آثار عجلات سيارات وأخرى أعمق لشاحنات أكبر قامت بنقل معدات الحفر وكذلك الردم.لم يبق تقريباً شيء من الموقع الذي يعود الي عهد مملكة مروي التي استمرت على مدى 700 عام من سنة 350 قبل الميلاد إلى سنة 350 ميلادية، وكان عبارة عن مستوطنة صغيرة او نقطة مراقبة لتأمين حدود المملكة.وقال مدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف، حاتم النور "الحفر تم تحت جنون الثراء والبحث عن الكنوز ولأن الأرض مكونة من الحجر الرملي النوبي ومغطاة بطبقة من الصدأ فان جهاز كاشف المعادن الذي يستخدمونه يصدر صوتا لان الحجر يحتوي على معدن الحديد، فيظنون أن هناك ذهباً وهكذا يواصلون الحفر".
إطلاق سراح
وعدا عن "الجرح" الذي فتحوه في أرض الموقع التاريخي فانهم أخذوا الصخور الأسطوانية القديمة التي شيدت بها أعمدة المكان ووضعوها فوق بعضها البعض ليجعلوها أعمدة وضعوا فوقها سقفاً وحولوها إلى غرفة للطهي وتناول الطعام.لكن الصدمة لم تتوقف عند هذا الحد، فعندما اقتيد "لصوص الذهب" إلى قسم الشرطة، لم تمض سوى ساعات قليلة حتى أطلق سراحهم.وقال أستاذ علم الاثار بجامعة وارسو والخبير السابق في هيئة الآثار السودانية، محمود الطيب "كان يجب حبسهم في السجن ومصادرة آلياتهم. هذا هو القانون"، ولكن أفرج عنهم دون توجيه تهمة لهم بل حتى تمكنوا من استعادة أدوات الحفر.وأضاف الطيب أن "المجرم الحقيقي هو رب العمل، ولكن يبدو أن له علاقات مع جهات عليا".
ويحذر اختصاصيو علم الآثار السودانيون من أن هذه الحادثة ليست الوحيدة، وإنما هي جزء من عمل منظم لنهب المواقع الاثرية.فمن بين مئات القبور العائدة إلى حقب مختلفة على جزيرة صاي الواقعة داخل مجرى نهر النيل ويبلغ طولها 12 كيلومتراً، نُبش عدد كبير منها ولا سيما تلك العائدة إلى العصر الفرعوني ودمرت أو خُربت، ويعتقد أن صائدي الذهب هم من يقفون وراء ذلك.وفي أماكن نائية، اختفت مئات المقابر والمعابد التاريخية جراء البحث عن المعادن النفيسة.ويأتي السودان في المرتبة الثالثة من بين منتجي الذهب في قارة إفريقيا خلف جنوب افريقيا وغانا. وقد بلغ إجمالي عائداته من المعدن النفيس العام الماضي 1,22 مليار دولار ( حوالي 1,3 مليار يورو)، وفق البنك المركزي.
قصص خيالية ذهبية
في السابق كان الناس يبحثون عن الذهب في مدينة أم درمان على الضفة الغربية لنهر النيل بعد أن يلتقي نهرا النيل الأزرق والأبيض ويكونا نهر النيل.وقال محمود الطيب وهو يستعيد ذكريات طفولته في مدينة أم درمان "في زمن سابق اعتدنا ان نرى الناس يستخدمون مناخل صغيرة مثل التي تستخدم في المنازل لغربلة دقيق الطحين، لغربلة طين النهر بحثاً عن ذرات من الذهب الذي كانوا يعثرون على كميات ضئيلة جداً منه".ولاحقا في أواخر تسعينيات القرن الماضي، اعتاد الناس مشاهدة اختصاصيي علم الآثار والباحثين يستخدمون كواشف لأغراض البحث العلمي ويحفرون، ولانهم لم يعتادوا على ثقافة البحث العلمي فقد ظنوا انهم يحفرون بحثاً عن الذهب.وأضاف "كلما بدأنا بالحفر في مكان ما، كان الناس يأتون ليسألونا إن كنا عثرنا على الذهب. وإذا كانت الأماكن الأثرية تمثل في الموروث الشعبي مواقع دُفن فيها الذهب فذلك بسبب القصص الخيالية التي يرويها الناس في ما بينهم".
غير مكتشف
ويعتقد اختصاصيو علم الآثار أن عدد الأهرامات التي بنيت خلال حقب تاريخية مختلفة في السودان أكثر من تلك التي بنيت في مصر ولكن أغلبها غير مكتشف.وتصنف اليونسكو موقع جزيرة مروي الأثري على بعد 200 كلم من جبل المراغه على لائحة التراث العالمي.وما يشكل خطراً على التراث السوداني هو أن مسؤولين محليين يشجعون العاطلين عن العمل ليجربوا حظهم في العثور على كنوز مندثرة، فيما يستخدم المستثمرون آليات ثقيلة للبحث عنها.وقال حاتم النور إن "من بين نحو ألف موقع أثري معروفة أو لا يعرف عنها الكثير في السودان، دمر نحو مئة منها أو تعرضت للتخريب بسبب البحث عن الذهب".وأضاف "هناك رجل شرطة واحد لتأمين ما بين 30 إلى 40 موقعاً وهؤلاء الشرطيون ليست لديهم الخبرة ولا أدوات الاتصال او المواصلات المناسبة".ومثل النمل، يبحث أناس في مئات المواقع البعيدة سواء المدافن أو المعابد أملاً في العثور على كنز يحسنون به وضعهم المعيشي في بلد يعاني من ضائقة اقتصادية وتمزقه النزاعات الأهلية والقبلية، وفق الاختصاصيين.ويقول الطيب إن الوضع خارج عن السيطرة ويرى أن المشكلة "لا تتعلق بتوفير رجال شرطة لكن كيف تتعامل مع تراثك وتاريخك وتحافظ عليه. هذه هي المشكلة الحقيقية والتراث والآثار ليست ضمن أولويات الحكومة، هذا ما هو عليه الوضع".


قد يهمك ايضا :

علماء الآثار يكتشفون كنيسة بيزنطية مُزيّنة بالفسيفساء من 1500 عام في القدس

علماء الآثار يكتشفون أقدم لؤلؤة في العالم تعود إلى العصر الحجري في أبوظبي

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الباحثون عن الذهب يدمرون ماضي السودان الذي لا يقدر بثمن الباحثون عن الذهب يدمرون ماضي السودان الذي لا يقدر بثمن



GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates