سلام عمر في قمر من حديد
آخر تحديث 15:46:46 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

سلام عمر في 'قمر من حديد'

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - سلام عمر في 'قمر من حديد'

ينتمي الرسام العراقي سلام عمر (مقيم في بيروت بعد اقامات قلقة في الدوحة ودمشق) الى فئة من الرسامين لا تظهر كثير اهتمام بالتشبه بالواقع، من غير أن تخفي رغبتها في التماهي مع الطبيعة باعتبارها مصدر الهام. ولأن هذا الرسام لا يقلد الواقع ولا يستلهمه فما من شيء في رسومه يمكن أن يقودنا الى الخارج، خارج اللوحة، الا في حدود ضيقة، تفرضها المواد المستعملة، التي هي مواد مجلوبة من الطبيعة.في أعماله التي غالبا ما تزاوج بين النحت الجداري والرسم ينبعث الجمال فجأة أمامنا باعتباره صنيعة ذاته. الفكرة التي تستسلم لإرادتها المستقلة. أشياء متقنة الصنع نراها ونُبهر بها كما لو أنها قد انبثقت أثناء لحظة النظر، من غير أن تمهد لظهورها. لذلك يعنى سلام عمر (1960) بالتقنية، من جهة المهارة، وهو ما تعلمه من حرفته الاولى حفارا (رسام كرافيك). التقنية بالنسبة له هي الحل الذي يتيح له احتواء المادة والتحايل عليها واللعب بعناصرها وتقديمها بطريقة تزيح عنها شروط طبيعتها القديمة وأشكالها المكرسة بصريا. في إمكانه أن يزعم أنه لا يرى العالم إلا من خلال أعماله، وعليك أن تصدقه. هذا رسام تكمن قوته في ادائه الشخصي، لا في مصادر الهامه. "من أين تنبعث تلك الاشكال؟" لا بد أن يتساءل المرء وهو يرى أشكالا تنحو منحى طبيعيا، غير أنها ليست من الطبيعة بشيء ولا تذكر بها. غالبا ما يستأنف عمر الرسم من لحظة تحول اسلوبي، لا لشيء إلا لأنه في كل مرة يحاول الرسم فيها يكتشف أن أداءه كان قاصرا عن اللحاق بخياله، الذي ينتمي في جزء عظيم منه إلى خيال الطبيعة. لذلك فإن الرؤى البصرية التي تنطوي عليها رسومه غالبا ما تكون نتاج ذلك الحس المغامر الذي يملي عليه شروط التحدي والمواجهة مع الطبيعة ومن خلالها في الوقت نفسه. لا يرسم سلام عمر ما يراه جميلا، بل ما يراهن على أنه سيكون كذلك حين ينتقل الى سطح اللوحة. يمكنه ان يقول دائما ان خزانة الرسم لم تفرغ بعد. هناك لقى كامنة في مكان ما يسعى الرسام الى التقاطها. من وجهة نظره فان هناك دائما حلولا جمالية متجددة لما يكون مستعصيا من صلة، صارت تلتبس وتتعقد بين الرسام والعالم المحيط. حلولا يخترعها الرسام في مختبره. سيكون علينا والحالة هذه أن نتحدث عن أعمال فنية مختبرية. ومن هنا تنبعث تلك الصرامة التي تتميز بها تلك الاعمال. صرامة تفرضها التقنية على الحواس لتحضر مشدودة ومتوترة، من غير أن ترهن خواصها لأي نوع من التلوين الغنائي أو الزخرفي. أحيانا يكرر سلام عمر مفرداته، غير أنه يعمد إلى تدمير ذلك الوهم البصري الذي ينتج عن التكرار. يضرب الايقاع في لحظة غير متوقعة، بما يجعل حركة الأشكال تخف إلى درجة التلاشي. ربما لانه يكره الرتابة التي تميل إليها العين تلقائيا وتستجيب إلى نتائجها الجمالية. ولأن أشكاله لا تسعى إلى تبرير وجودها جماليا، فإنه غالبا ما يفاجئنا بأشكال تقاوم طبيعتها الانسيابية.لا يضع هذا الرسام وحداته على سطح اللوحة بناء على الحاجة التصويرية لذلك السطح، بل تظهر تلك الوحدات استجابة لحاجة داخلية تمليها رغبة الرسام في خلق فضاء تعبيري مختلف.سلام عمر في كل مرحلة من مراحله الفنية هو سواه دائما. الرسام الذي انتقل من التجريد البارد إلى رسوم الأيقونات ومن ثم إلى مقاربة الطبيعة من خلال استعمال موادها المباشرة هو رجل تحولات، مزاجه الشخصي المضطرب يقود إلى تنوع لا حصر له في الأشكال كما في التقنيات ومن خلالهما في المواد والخامات. في سلسلة أعمال الاخيرة التي تحمل عنوان "قمر من حديد" يملي الرسام على المشاهد رؤية جديدة للفضاء، باعتباره مرآة لما يجري تحت الأرض.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلام عمر في قمر من حديد سلام عمر في قمر من حديد



GMT 11:16 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

صلاح محسن يشعر بالسعادة لارتدائه الفانيلة الحمراء

GMT 11:56 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات بتراجع أعداد الدب القطبي بنسبة 30% بسبب تقلص الجليد

GMT 23:53 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحواض السمك تجلب الهدوء وتضفي جمالًا على حديقتك

GMT 17:42 2013 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

الاحتفال بذكرى رحيل عمار الشريعى بإذاعة الشرق الأوسط

GMT 04:41 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الربيع يحل قبل 3 أسابيع في الولايات المتحدة الأميركية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates