محمود درويش باقٍ في حضرة الغياب
آخر تحديث 23:34:17 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

محمود درويش باقٍ "في حضرة الغياب"

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - محمود درويش باقٍ "في حضرة الغياب"

محمود درويش باقٍ "في حضرة الغياب"
دبي -صوت الإمارات

ليس ضرورياً أن تقرأ السيرة الذاتية للشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي صادف أمس الذكرى الثامنة لرحيله، حتى تعرف حياته، فقد كان راوياً جيداً لتفاصيلها بين ثنايا شعره، حيث أتت قصائده محملة بوجع الغياب والرحيل، وتحتفي بفلسطين، التي كانت أول الحب وآخره. قدم في مسيرته الشعرية قصيدة التفعيلة بما يشبه السيمفونية، فكانت لغته تحمل من البساطة بقدر ما تحمل من البلاغة، في موسيقى تعبيرية تجعل صاحب "في حضرة الغياب" حاضراً حتى في غيابه، وأثره لا يزول.
بالعودة إلى الحياة التي عاشها محمود درويش، وهروبه من فلسطين إلى جنوب لبنان، حيث وصل أولاً إلى بلدة رميش، ثم انتقل منها إلى جزين، وبعدها إلى الدامور، حين كان في السادسة من عمره، ليعود بعد ذلك إلى بلده فلسطين عن طريق التهريب، ارتسمت هنا في هذه التجربة وحالة اللجوء الذاكرة الأولى والصورة الأولى عن مفهوم اللجوء والغربة والوطن. انعكست هذه المفردات في القصائد التي قدمها عن فلسطين، فهو يتغنى بالوطن، والأرض التي عليها ما يستحق الحياة، كما وصفها، بالقول "على هذه الأرض سيدة الأرض/‏‏ أم البدايات أم النهايات/‏‏ كانت تسمى فلسطين/‏‏ صارت تسمى فلسطين.‏ سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة". هنا تحضر الطبيعة في قصائده التي تحكي عن فلسطين، فالأرض والعشب والغيوم والياسمين، مفردات تبرز عشقه للوطن، هذا الأسلوب هو الذي قاد الشاعر أندريه فلتر إلى القول عن درويش "ثمّة لحظات في التاريخ، لحظات مضطّربة وقاسية في معظم الأحيان، تبدو يائسة، ولا مخرج منها، عندما يلتقي مبدع شعباً بأسره فيغدو ترجمانه، حيث تخترع لغته الكلمات، الأجراس التي لا يتوقفّ دويّها و إلهامُها وقدرتها على الحشد وإدامة اليقظة".
وكانت في حياة درويش الذي توفي في أميركا عن 67 عاماً، مجموعة من المحطات، بدأت مع موسكو التي قصدها للدراسة في معهد العلوم الاجتماعية، عام 1970، وأمضى فيها سنة، ثم انتقل بعدها إلى القاهرة، التي وصفها بكونها من أهم الأحداث في حياته، ليغادر إلى بيروت التي أمضى فيها تسع سنوات، وتحدث عنها بعد أن تركها، بالقول "عندي مرض جميل اسمه الحنين الدائم لبيروت". بعد ذلك انتقل إلى تونس وباريس، فيما كانت محطاته الأخيرة بين عمان ورام الله، إذ بعد أن اتخذ قرار الخروج من فلسطين، كان عليه في هذه المرحلة اتخاذ قرار شجاع بالعودة إلى جزء من فلسطين، وكانت عودته إلى رام الله. وقدم في الفترة التي عاشها بين عمان ورام الله مجموعة من الدواوين التي تركت أثراً مميزاً في مسيرته، ومنها "الجدارية"، و"حالة حصار"، و"لا تعتذر عما فعلت"، و"كزهر اللوز أو أبعد"، و"في حضرة الغياب"، و"أثر الفراشة".
لم تغب المرأة عن شعر درويش الذي ترجم إلى 22 لغة، فقد تغنى بها، فهي الحبيبة التي يدعو إلى انتظارها، كما أنه تحدث بلغتها، وعن أحوالها، فكان يتقن التعبير عن مشاعرها وهواجسها، فكتب "لا أَنام لأحلم قالت لَه/‏‏ بل أَنام لأنساكَ.‏ ما أطيب النوم وحدي/‏‏ بلا صَخَب في الحرير، اَبتعدْ لأراكَ/‏‏ وحيدا هناك، تفكٌر بي حين أَنساكَ". حب المرأة كان يدمجه مع عشق الأرض في ما يكتب، فتصبح قصائده منفتحة على التاريخ. أما البيت، حيث كان يكتب شعره، فكانت تربطه به علاقة خاصة، حيث تآلف مع الوحدة وربى العزلة، وعقد صداقة حميمة معها، فقد تزوج مرتين وانفصل، وأمضى بقية حياته وحده.
وغادر محمود درويش إلى أميركا كي يجري عملية عام 2008، وانتابه الشعور بأنه لن يعود. هكذا رحل العاشق الوحيد، بعد أن كتب الكثير في الشعر، بقليل من الكلام، وأبقى اللغة تشكو غيابه، وفي حنين دائم إليه.
 

 

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمود درويش باقٍ في حضرة الغياب محمود درويش باقٍ في حضرة الغياب



GMT 09:29 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

بيت الشعر بالمغرب يحتفل بسنة محمود درويش

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates