تكوين الأديب يحتاج إلى إبداع الإنسان وكثرة مطالعته
آخر تحديث 16:14:23 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

تكوين الأديب يحتاج إلى إبداع الإنسان وكثرة مطالعته

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - تكوين الأديب يحتاج إلى إبداع الإنسان وكثرة مطالعته

حسنات الإنترنت سهولة الانتشار لما يكتب
دبي – صوت الإمارات

من حسنات الإنترنت سهولة الانتشار لما يكتب، وإمكانية أن يقرأه ويعلّق عليه عدد لا نهائي من القراء، وهو وضع مغرٍ لكل من يهتمون بنشر أفكارهم بين الناس، وخاصة الكتاب، ومما يزيد من إغرائه أنه وسيلة انتشار لا تكلف أي مصروفات مادية بعكس الورق، لكن هذا الانتشار في بعض الأحيان مخادع، يجعل الكاتب المبتدئ ينظر إلى حجم التعليقات والاستحسانات المجامِلة التي يتلقاها من "أصدقائه" كأنها حكم نقدي بجودة إنتاجه، وبالتالي يعتبر نفسه قد وصل القمة، ويعتقد أن خربشاته الطفولية في فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، المقلدة لغيره، والخالية من كل قيمة أدبية أو فكرية، هي إبداع أدبي، ويسعى إلى نشر ما يكتبه بشكل رسمي، في كتاب أو نشريّات محكّمة أو مواقع مسؤولة، ويبذل في ذلك كل جهد، حتى يخرج على الناس بكتاب "شعري" أو "نثري"، وتقام له الاحتفالات، ويصبح شاعراً مبدعاً أو روائياً راسخاً.

وكان في الزمن الشعري العربي الأول مدرسة شعرية سمي أصحابها ب"عبيد الشعر" اعتمدوا في صناعة الشعر -إضافة إلى الموهبة- على أمرين: أولهما رواية الشعر عن من سبقوهم من الشعراء والتتلمذ عليهم، وثانيهما تنقيح قصائدهم، ومراجعتها طويلاً حتى يستقيم عودها، ويبدو رونقها، فيخرجوها للناس، وقد يأخذ التنقيح سنة بأكملها، حتى سميت قصائدهم بالحوليّات، وقد كان أصحاب هذه المدرسة كلهم شعراء مبدعون من طراز أول، وبعبارة النقاد الأقدمين، كانوا "فحولاً"، ويبدأ هؤلاء بأوس بن حَجَر الذي كان تلميذه زهير بن أبي سلمى وكان من تلاميذ زهير ابناه كعب وبُجيْر، والشاعر الحطيئة، وأخذ عن كعب ابنه المضرب، وظلت السلسلة تطول يأخذ اللاحق فيها عن السابق، ما يعني أن مطالعة الشعر والخبرة بأساليبه تسبق التصدي لإنتاجه، ثم التصدي لإنتاجه يحتاج إلى تدرب وممارسة طويلة لكي يستطيع من يراوده أن يصل منه إلى شيء يحسن السكوت عليه، وحتى لا يقع في مساوئ التقليد، الذي يأخذه في دروب بعيدة عن الإبداع.

ومن الأفكار الشائعة لدى الأجيال الناشئة من الأدباء أن نترك قراءة السابقين حتى لا نقع أسرى لإنتاجهم، ونصبح مقلدين لهم، وهذه الفكرة خاطئة، لأنّ تكوين الأديب لا يمر إلاّ عبر قناة المطالعة، والإبداع الإنساني -إذا ما استعرنا له مقولة مارتن هيدغر عن الحقيقة- يمكن أن نقول إنه "جدلية فتجاوز"، هو جدلية بالاشتباك الفكري والخيالي واللغوي مع النصوص السابقة، ومحاورتها عبر القراءة، وتجاوز بإبداع نص جديد خاص بنا، لا يحاكي تلك النصوص السابقة، بل يحمل طابع الجدة، فالتجاوز "الإبداع" لا يحصل إلاّ بعد النظر في السابق والتمرس بتقنياته، لكي ننطلق منها لتقنيات جديدة، ولا مندوحة للأديب عن أن يقرأ ويقرأ ثم يقرأ لمن سبقوه ثم يكتب.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تكوين الأديب يحتاج إلى إبداع الإنسان وكثرة مطالعته تكوين الأديب يحتاج إلى إبداع الإنسان وكثرة مطالعته



GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 06:02 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

أميركية ينمو في رأسها قرن عاشت به لمدة عام

GMT 12:07 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

"Pixel 3" قفزة في تطوير صناعة الهواتف

GMT 08:39 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد عن الرواية المصورة التي ظهرت في السبعينات

GMT 18:00 2013 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

توقيع رواية "باب الليل" للروائي وحيد الطويلة

GMT 18:30 2013 الأحد ,23 حزيران / يونيو

اصدار رواية"امرأة غير قابلة للكسر" لمحمد رفعت

GMT 21:39 2014 السبت ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إتهام جامعة هارفرد العريقة في التمييز العنصري بها

GMT 10:04 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

افتتاح معرض الصُّور النَّادرة "الأقصر في 100 عام"

GMT 17:56 2015 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة مروة جمال تطلق أغنيتها الجديدة "مفيش مستحيل"

GMT 07:53 2013 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

معرض للرسام الاميركي أندي وورهول في بلجيكا عن الموت والحياة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates