دبي - صوت الامارات
استعرض المصوّر البريطاني دون ماكلين، أهم اللحظات التي مرّت في حياته المهنية كمصوّر صحافي واكب أفظع الحروب وأشرسها، لخص فيها مسيرة تمتد إلى أكثر من ستة عقود من التصوير، وذلك في جلسة عُقدت ضمن فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الدولي للتصوير "اكسبوغر 2017" الذي اختتم فعالياته مساء (السبت) في مركز إكسبو الشارقة.
ووثّقت عدسة ماكلين الكثير من اللحظات بالغة الأهمية في تاريخ الإنسان، إذ شهدت كاميرته حروب فيتنام، وكمبوديا، والصراعات في إيرلندا الشمالية، والحرب الأهلية الطاحنة التي دارت رحاها في لبنان، ولم يتوانى عن إظهار الويلات التي تحملها الحرب على النفس البشرية، مستعرضاً الجراح التي لا تُظهرها الكاميرا، حرصاً منه على أن تكون صورته بمثابة الناقل الحقيقي لما يدور بالفعل في الجانب الآخر من الحرب.
وبدأ ماكلين الجلسة بالحديث عن مسيرته مع التصوير الفوتوغرافي التي بدأها من العاصمة البريطانية لندن، التي التقط فيها أول صورة ساهمت في وصوله إلى صحيفة (الأوبزيرفر)، والتي كانت لعصابة إجرامية، بعدها أصبح يلتقط صوراً لفقراء من الحيّ، حيث كانت الفكرة بالنسبة له تدور حول إظهار الواقع الذي يعيشه المجتمع، ليصور لقطةً عبّر عنها بالقول: "كانت أول صورة لي آنذاك هي توثيق لحظة من جريمة، خفت كثيراً، لكنني سرعان ما تيقنت أن هذا واجبي، وفيما يتعلّق بالفقر لم يخطر ببالي أنني أقوم بترجمة صورية لمؤلفات تشارلز ديكنز
. لقد صدمت".
وتابع: "حاولت سرد قصة مدينتي، ولم أكن وقتها أتّبع أي تعليمات علمية أو أكاديمية في مهنة التصوير الفوتوغرافي، ولم أقرأ من قبل حول مهارات التصوير أو كيفية التصوير، واستمر بي الحال في التقاط الصور للفقراء والمشردين، وكنت دائماً أسأل نفسي بعد كل صورة، كيف يوجد هذا العدد من الفقراء ودولتنا من أغنى الدول؟".
وواصل ماكلين، حديثه مستعرضاً أوقات الحروب قائلاً: "لقد هبّت علينا رياح الحروب فجأة ومن دون سابق إنذار، هناك أنواع من الحروب تقتلك من الداخل، كنت أريد أن أصوّر المشهد بما يملك من تفاصيل، دون أي مواربة أو خوف أو كذب، فذهبت بالفعل إلى مناطق الاشتباك في بلاد كثيرة، وما رأيته تركت الصور وحدها تتحدث عنه".
وأكمل: "وجدتُ الخطرَ مُحمّساً، فقد ذهبت إلى بلاد لا أعرف بها أحداً، لم يكن لي آنذاك شأن في السياسة، لم أقف إلى جانب أحد، فقط كنتُ منحازاً للمعاناة البشرية التي تصوغ المفاهيم كلها في المستقبل، تحملت مشاهدة كثيرة من الدماء، لكن ما آلمني على الدوام هو ذلك الشيء الذي لم أستطع لمسه، أو الإمساك به، الكامن في نفوس وعيون الناس".
وأشار ماكلين في نهاية استعراضه لباقة متنوعة من الصور التي تتشابه جميعها في وحدة اللون "أبيض وأسود"، إلى أن جميع ما مرّ به على الصعيد الإنساني كمصوّر، لا يمكن تلخيصه بكتاب أو جملة، لكن هناك عوامل كثيرة يمكن لها أن تشير بوضوح إلى معايير مهمة لمعرفة الحقيقة، أو في أقل تقدير أن ننتصر للمظلوم عندما ينعدم الصوت.
وفي نهاية الجلسة، كرّم الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مجلس الشارقة للإعلام، ماكلين، بهدية تقديرية، تقديراً لمسيرته الحافلة بالعطاء، ولإنجازاته التي باتت مثالاً وطريقاً يحتذى لجموع المصورين الصحافيين الباحثين عن توثيق الحقيقة، والدفاع عن معاناة الناس بالطريقة المثلى التي تخدم الأجيال في المستقبل.
أرسل تعليقك