علقت مؤسسات ثقافية عدة فعالياتها المختلفة، حداداً على أرواح شهداء الواجب الذين قضوا دفاعاً عن الحق، وأثناء تأدية واجبهم المنوط بهم، ضمن تحالف «إعادة الأمل» باليمن الشقيق.
وفي حين توقفت ورشة تدريبية في الفنون المسرحية، كانت تنظمها جمعية المسرحيين في الدولة، أصدرت الجمعية نفسها بياناً نعت فيه الشهداء، في حين أعلن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات تعليق أنشطته، وألغيت فعاليات من مؤسسات مختلفة كانت مقررة على مدى اليومين الماضيين.
وقال رئيس مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك، إن شهداءنا البواسل ساروا على نهج العطاء الضارب قدماً في تاريخ الدولة، ويزين النسق القيمي للإماراتي في شتى المحافل، مضيفاً «مع تنوع مناحي التضحية، فإن الشهداء جادوا بأسمى ما يمكن تقديمه في أي مضمار، وهي دماؤهم الزكية وأرواحهم الطاهرة».
وأضاف «من يغص في تاريخنا سيعلم أن السلمية شيمة إماراتية خالصة، لكن الهبة والفزعة في نصرة المظلوم، وإحقاق الحق، تبقى حاضرة في موضعها، وهي هبة تتكامل مع الأيادي البيضاء التي تمدها الدولة في شتى المحافل، لذلك فإن مشاعر الفخر بصنيع أبنائنا هي التي تسود الجميع الآن، رغم عظم التضحية التي لم يضن بها البواسل على وطننا الغالي».
وتابع بن دلموك أن «الموروث والتغلغل في ثراء الهوية الوطنية، ليس بعيداً عن التنشئة الوطنية، وغرس قيم المواطنة الإيجابية، فالتراث قاعدة شاملة لبناء الحاضر، وقراءة تحدياته وفق أسس راسخة، ومواصلة البناء عليها من أجل المستقبل، بوعي شامل لتحدياته».
من جانبه قال رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي، إن «دور الثقافة والمثقف يبقى حاضراً بشكل أقوى في المراحل المفصلية في تاريخ الأمم والشعوب»، مضيفاً: «المؤسسات الثقافية مدعوة لأن تقرأ الواقع قراءة عميقة، وتعي تحدياته، من أجل أن تتفاعل مع ما يحدث على الأرض برؤى واعية كي تسد الطريق على أصحاب الأصوات النشاز».
وأضاف «يجب أن توظف الثقافة لخدمة الوطن، وتكون عضداً لما ترتئيه القيادة الحكيمة، وينبغي تلاحم الشعب مع تلك الرؤية الحكيمة في نصرة المظلوم والدفاع عن قضايا الوطن، فبلاد العزة والحق دوماً ما تهب لنصرة المظلوم، وهو دور سام من دون شك لحقلي الثقافة والإبداع، في وطن العزة والكرامة والأبطال، الذي تقوده قيادة حكيمة نعتز ونثق بحسن قيادتها».
وتابع «في ختام عزائي للقيادة الحكيمة وشعب الإمارات العظيم، وذوي أسر الشهداء، يحضرني قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي أكد أننا أمة لا تتراجع عن الحق ولا تبيت على الضيم».
ورأى مدير إدارة الأنشطة الثقافية في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، د.حبيب غلوم، أن الثقافة تبقى في الوقت الراهن في صدارة المشهد، وأن دور المثقف لم يتراجع في أزمان الشدة، مضيفاً أن «الثقافة هي التي تعلم الإنسان، ليس فقط أن يكون مواطناً إيجابياً، تعلو لديه قيم المواطنة الصالحة، بكل ما فيها من بذل وعطاء ووفاء وتضحية، بل أيضاً تعلمه الأهم، وهو لماذا يضحي».
وأضاف غلوم أن «البنية الثقافية للمجتمع هي حائط الصد الحقيقي ضد كل الأخطار التي تواجه المجتمع، فهي حافظة الوعي ومربية النفوس على كبار الشيم، لذلك نجد المثقفين في طليعة المشهد حينما تكون الأمة في مراحل مفصلية مؤثرة».
ورأى أن المعركة الأساسية مع قوى الشر والضلال الآن تبقى معركة فكرية في المقام الأول، مضيفاً «نحن فخورون بشهدائنا، رغم لوعة وجسامة التضحية، لكن ما قدموه وما يقدمه أقرانهم تحت لواء قيادتنا الحكيمة يبقى درءاً لمخططات خبيثة، تحول دون استفحالها هذه الماء الزكية».
من جهته، أكد المستشار الثقافي لهيئة دبي للثقافة والعلوم، الدكتور صلاح القاسم، أيضاً على مشاعر الزهو والاعتزاز بعطاء الشهداء البواسل، مضيفاً «قدم الشهداء البواسل أسمى النفيس، وهي أرواحهم ودماؤهم الزكية، واستجابوا لنداء الواجب، وصوت الحق، وكانوا مثالاً للعطاء في أنبل الميادين، لتظل سيرتهم شاهداً على معاني الوفاء والولاء والإخلاص للوطن».
وشدد القاسم على أهمية الفعل الثقافي والإبداعي، والتوعية المجتمعية التي تحافظ على لحمة المجتمع، وتقيه شرور الفتن، وتحافظ على تماسكه في وقت المحن والشدائد، كما في وقت الرخاء والاستقرار، مضيفاً «تلعب الثقافة دوراً رئيساً في الهوية الوطنية التي تجلت في أروع صورها، ليس في تضحيات شهدائنا الأبرار فقط، بل أيضاً في الهبة المجتمعية التي رافقت أنباء استشهادهم وما تلاها، وما عكسته من وعي مجتمعي رفيع، وإدراك حقيقي للواقع، والأهم الحس الوطني الذي يجعل الجميع خلف راية الوطن بحكمة قيادتنا الرشيدة».
أرسل تعليقك