يرسم فنانون شباب في غزة لوحة تشكيلية على جدار من بقايا مسجد مدمر في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ويقولون ان هذا الفن يمنحهم شعورا بالحرية والانتصار على الحصار وظروف القطاع القاسية.
وتختصر هذه اللوحة التي تختلط فيها الالوان الصارخة مع الهادئة معاناة شبان غزيون يبحثون عن المستقبل بعد الحرب ولا يستطيعون السفر في ظل الاغلاق شبه الدائم لمعبر رفح الحدودي مع مصر وصعوبة التنقل بسبب الحصار الاسرائيلي.
الفنان الشاب نعيم صمصوم الذي يهوى الرسم والكتابة على الجدران يقول "اشعر بالحرية واجد نفسي وانا ارسم على الجدران" مضيفا "نريد ان نوصل رسالتنا التي تحكي نبض الناس باننا نحب الحياة، كفى موت ودمار".
وتمتلئ اللوحة الجدارية بمعاني الفرح من خلال رسم عدد من الاطفال يلهون ويلعبون بالبالونات وطائرة ورقية بعيدا عن نيران تشتعل بجانب صاروخ اطلقته طائرة حربية اسرائيلية وكتب اعلى اللوحة "نعشق الحياة"
ويشير صمصوم الى ان هذا الاسلوب القديم الجديد مستوحى من فنانين غربيين "يعبرون عن ارائهم بحرية على واجهات محطات القطارات في اوروبا".
وعلى جدار جامعة "الازهر" المطل على شاطئ البحر غرب مدينة غزة رسم ناشطون لوحة للرئيس الراحل ياسر عرفات بجانب مؤسس حركة حماس الشيخ احمد ياسين واعلى الصورة كتبت عبارة "نعم للوحدة الوطنية".
وانتشر فن الكتابة والرسومات على الجدران كاسلوب نضالي للاعلان عن الاضرابات والاحتجاجات ضد اسرائيل في اول انتفاضة شعبية فلسطينية عام 1987.
ويقول فايز السرساوي رئيس جمعية الفنانين التشكيليين في غزة "هذا الفن رائع وقليل التكلفة وسهل الوصول للناس" مبينا في الانتفاضة الاولى كان الشعار "اكتب واهرب، اما الان فالابداع حاضر في رسومات وكتابات الفنانين خصوصا بعد الحرب بتحويل واجهات البنايات الى لوحات فنية جميلة تسر الناظرين".
ويشرح صمصوم "احب الكتابة والرسم على الجدران في الليل لانني اشعر انني حر وانني املك الدنيا رغم انني احيانا اواجه مشاكل عندما يراني عناصر الامن ومعي بخاخ البوية (طلاء الالوان) يستجوبونني ولا يقتنعوا".
ويخرج صمصوم مع صاحبه مهند لممارسة هوايتهما في تحويل ما يجول بخاطرهما الى رسومات وكتابات على جدران الحي في المخيم.
وعلى واجهة مقر للشرطة اصيب باضرار في الحرب على طريق صلاح الدين الرئيسي في غزة يبدو رسم ملون لطفل كانه يطير من الفرح وهو يلوح بيديه بجانب عبارة "نعم للحرية".
ويبين الفنان الغرافيتي مصعب ابو دف "تعلمت الكتابة والرسم على الجدران لانها شكل من اشكال الحرية لانها تسمح لك بالتعبير عن نفسك والحديث عن المكان الذي تعيش فيه".
ويضيف "غزة مخنوقة يتم فيها تدمير كل شيء ونحن بامس الحاجة للتعبير عن مشاعرنا وارائنا".
وفي غاليري "شبابيك" بحي الرمال الراقي غرب غزة تتوزع لوحات رسمها فنانون شباب على الجدران حيث يزور المكان طلبة جامعيون وفنانون.
باسل المقوسي الفنان التشكيلي ومدير شبابيك يقول "الكتابة على الجدار كان ابسط وسيلة للوصول الى الناس دون ان تضع نفسك في الكثير من الخطر عندما كان توزيع منشورات يتطلب كثير من الوقت والجهد والخوف ما قد يكلفك حياتك".
ويؤكد "الغرافيتي على الجدران اسلوب ابداعي نضالي فيه حرية التعبير ويمكن قراءتها من قبل الناس باستمرار وتخليد سير الشهداء" لافتا "اصبح الغرافيتي بالنسبة للبعض وسيلة لكسب المال من خلال الرسم والاعلانات وبالنسبة لآخرين فهي وسيلة للتعبير والمقاومة".
وتختلط الرسومات والكتابات السياسية والاعلانية حيث يمكن ملاحظة رسومات وعبارات تهنئة او اعلان عن سلعة.
ورسمت لوحة اعلانية لمتجر بيع وصيانة غسالات على حائط في حي الشيخ رضوان شمال غزة كتب
واخرى لمكتب سيارات اجرة.
وعلى جدار منزل قريب متضرر جزئيا رسم شبان من حماس صاروخا من نوع ام 75 لحظة اطلاقه من مقاتلين من كتائب القسام الجناح العسكري لحماس على مدن اسرائيلية فيما اخرون يمسحون بالطلاء الابيض شعارات قديم على حائط قريب.
وبالقرب من رسم لاطفال يرقصون وقف الفنان والرسام احمد الشيخ ويقول "نقوم بالرسم لاجل رسم البسمة على وجوه الاطفال بهدف ان تكون الجدران والمنطقة اجمل وخاصة الان لاننا خرجنا من حرب قاسية خلفت دمارا كبيرا". واضاف "نريد رسومات وكتابات باشكال رائعة لنرى كل شيء جميل في عيون الاطفال".
وتغطي الجدران في مناطق مختلفة في انحاء القطاع كتابات باشكال متنوعة ورسومات من صور السياسة الى رسائل الحب والسلام الى جانب عشرات اللوحات التي تحكي عن قصص الحرب الاخيرة.
ويقول صمصوم "ترى تفاعلا قويا في وسائل التواصل الاجتماعي" مضيفا "الاحتلال الاسرائيلي يمارس القمع ومنعنا من السفر والحصار والاضطهاد لذلك قررت ان استخدم الكتابة على الجدران للحديث عن كل ما يحدث في مجتمعنا الفلسطيني".
وينشر الناشط خالد ابو شاويش على صفحته على موق فيسبوك صورة غرافيتي لاسم "غزة" باشكال متعددة لاقت اعجاب مئات الناشطين.
وكتب شبان على جدار مزقته قذائف الدبابات الاسرائيلية في الحرب وسط حي الشجاعية المدمر "الشعب الفلسطيني يصنع نصره" اسفل لوحة لشاب يلوح بعلم فلسطين.
وكان شابان يقومان بطلاء الابيض فوق شعارات قديمة كانت تحمل اسم "الجبهة الشعبية" على جدار مدرسة بجانب مبنى مستشفى مدمر شرق الشجاعية قبل ان يبدأ اخرون بوضع عبارات جديدة "عائدون" وسط رسومات لنازحين هربوا من الحي وقت الحرب.
ويقول نعيم "نامل ان يقرأ العالم رسائلنا ويفهم معاناتنا واننا احرار نحب الحياة لكن هل من مجيب؟".
أرسل تعليقك