أقيمت ندوة الثقافة والعلوم، أمسية ثقافية بعنوان "الأدب الخليجي: المفهوم والسمات"، قدمها الدكتور سعد البازعي مساء أمس الأول الاربعاء.
تناول البازغي، فيها مصطلح الأدب الخليجي، فلاحظ أنه لا تنطبق عليه شروط الاصطلاح ومنها، غير التوافق، أي قدرتها على تفسير ما يراد منها أن تفسره.
مع ذلك يرى أن المصطلح لا يخلو على قصوره من فائدة، وهى أنه يساعد على رؤية هُوية تتنامى في منطقة مهمة وكبيرة من الجزيرة العربية.
ربما هذه الهوية لم تترك أثرها العميق بعد على ما نسميه أدب المنطقة أو ما يسمى بالأدب الخليجي، لكنها ستفعل مثلما فعلت الهويات السياسية التي طرأت عبر قرن من الزمان فجعلتنا نتحدث عن أدب سعودي وإماراتي وبحريني، لأن استشعار الكتاب على اختلافهم بالانتماء إلى بقعة من الأرض وإلى كيان سياسي محدد ومجتمع يأتلف ضمن ذلك الكيان ينشئ هوية يصطبغ الأدب بصبغتها تدريجيًا.
ويكون المصطلح قادرًا على تفسير جزء من الظاهرة الأدبية، ولكنه لا يستطيع رسم ملامحها أو سماتها.
وهذا يفسر محاولات الدكتور البازعي في البحث عن مصطلحات أخرى، كثقافة الصحراء، ليشير إلى الحنين الذي ربط بعض الإنتاج الأدبي، بالثقافة التي ابتعدوا عنها بمجيء المدنية، (الحنين إلى ثقافة البدوي، ثقافة البر والرمال والأهازيج).
واعتبر أنّها صورة رومانسية تبتعد عن قسوة الواقع الصحراوي، إلا أن قارئ الأدب، سيشعر أن تلك الصورة على رومانسيتها جاءت نتيجة لمواجهات ثقافية أثرت في هوية أبناء المنطقة سلبًا، دفعت بهم إلى التمسك ببعض ثوابت الحياة أو البيئة بوصفها مستندًا لهوية مستقرة أو واضحة المعالم.
كما وصف الشاعر السعودي، محمد الثبيتي نفسه بالبدوي، وهو أبعد ما يكون عن البداوة في أسلوب حياته وثقافته، أو حين تتحدث شاعرة مثل سعدية مفرح في الكويت عن الصحراء والخيام ونقاء البداوة، أو حين نجد ما يشبه ذلك لدى شاعر عماني مثل سيف الرحبي أو أحمد راشد ثاني في الإمارات أو علي الشرقاوي من البحرين أو غير هؤلاء من شعراء المنطقة، فإن الهاجس الذي ينبغي أن نلمسه هو هاجس الهوية والانتماء وليس الصدور الفعلي عن المكان.
ذلك الهاجس، ترك أثره ليس فقط على الجانب الموضوعي أو الثيمي في الشعر، وإنما أيضًا على جماليات اللغة والصورة والإيقاع.
وأضاف، بأنّه لا يظن أن من المصادفة أنّ يكون بعض ذلك الشعر من أبرز ما أنتجته منطقة الخليج في العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل، وبعض ذلك الشعر صار من مكونات الشعر العربي المعاصر.
وما يُقال عن الشعر يمكن أن يُقال عن السرد، فالقصة القصيرة ثم الرواية حاليًا تمثل حضورًا لافتًا وقويًا في المشهد السردي العربي المعاصر، وهو يمثل إضافة نوعية، ويحمل سمات مختلفة.
وذكرعن سمات الأدب الخليجي، أنّها تعيدنا مرة أخرى إلى سؤال الهوية وإلى المصطلح، الذي يتلخص في الأتي، ما هي الإضافة الإبداعية التي مثلها أدب هذه المنطقة؟ وكيف انعكس ذلك جماليًا أو أدبيًا على النصوص بحيث يمكن لأحد أن يقول، هذا أدب من تلك المنطقة وليس من غيرها؟ وإذا ماتحفظ البعض، من منطلق أنه يقيد الإبداع ضمن بيئة معينة، فأذكّر بالمقولة الشائعة: إن العالمي ينطلق من المحلي.
وأوضح أنّ التميز يأتي من قدرة الكتاب على قراءة العالمي في المحلي، واستلهام البيئة القريبة بقضاياها ذات البعد الإنساني، والتعبير عن ذلك بلغة وأبنية شعرية أو سردية أو مسرحية يستطيع الآخرون من غير أبناء البيئة أن يتواصلوا معها ويتذوقوا الجميل المؤثر فيها.
ويضيف البازعي أنّ من أهم القضايا التي تحولت إلى سمة رئيسة في أدب المنطقة، هي قضية التحضر، أو قضية المرور عبر برزخ الحداثة من مجتمعات بدوية أو زراعية أو بحرية بسيطة وشبه متحضرة إلى مجتمعات تعيش إشكاليات التحديث في القرن العشرين ثم الواحد والعشرين.
ومن ناحية البعد الجغرافي، صرح بأنّ منطقة الخليج منطقة صحراوية أولًا وريفية وبحرية ثانيًا، وأدب المنطقة مضطر للتعامل مع هذا الواقع لأن البيئة تفرض نفسها سواء وعى الكاتب ذلك أم لم يعه، لكن الكتاب المتميزين بالوعي وبالإمكانات الأدبية الخلاقة وأعون دائمًا بتلك الإشكالية، وإن تعاملوا معها بطرق مختلفة.
أرسل تعليقك