تماسكت أسعار النفط أمس، لتحتفظ بمكاسب حققتها في الوقت الذي يهدد فيه الصراع بين القوات العراقية والكردية الإمدادات من شمال العراق في حين يتزايد التوتر السياسي بين الولايات المتحدة وإيران.
وبعد تداول النفط في نطاق محدود نسبياً لأشهر عدة دعمت خلالها تخفيضات في الإنتاج تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» أسعار الخام، في حين كبح زيادة الإنتاج الأميركي الأسواق، تحركت الأسعار مرتفعة بشكل كبير هذا الشهر. وبحلول الساعة 0730 بتوقيت جرينتش، صعد خام القياس العالمي مزيج برنت خمسة سنتات إلى 57.87 دولار للبرميل، مرتفعاً بواقع الثلث تقريباً عن مستوياته في منتصف العام. ولم يسجل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي تغيراً يذكر ليستقر عند 51.78 دولار للبرميل.
وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، إن نسبة التزام منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» بتعهداتها لخفض إنتاج النفط تبلغ نحو 86%. وقال بيرول لـ«رويترز» على هامش منتدى عالمي في سيؤول «التزامهم يبلغ نحو 86 %، أعلى مما كان في السابق. والأمر يرجع إليهم فيما إذا كانوا سيستمرون في هذه الخطة في نوفمبر المقبل أم لا. إذا فعلوا ذلك، فقد نري خلال العام القادم، استعادة الأسواق لتوازنها، في الوقت الذي مازلنا نرى فيه كمية كبيرة من المخزون في الأسواق تزيد عن المعدلات المتوسطة التاريخية».
وأضاف بيرول، رداً على سؤال حول الصراع في العراق بين الحكومة والأكراد وقرار الولايات المتحدة عدم التصديق على اتفاقها النووي مع إيران، إن من السابق لأوانه تقييم أثر تلك المخاطر الجيوسياسية على أسواق النفط، قائلاً «من المبكر للغاية أن نقول كيف ستستمر تلك التطورات الجيوسياسية وأن نحدد مدى أثرها على أسعار النفط». وأضاف «تلك المسائل تذكرنا بأن النفط والأوضاع الجيوسياسية مترابطان جدا وسيظلان كذلك، لذا، يظل أمن النفط أمراً حيوياً لجميع الدول».
من ناحية أخرى، قال بنك جولدمان ساكس، إنه من المحتمل أن يتعرض إنتاج النفط من إقليم كردستان العراق للخطر بفعل المواجهة مع العراق، إلا أن التوترات بين الولايات المتحدة وإيران تظل تهديداً أكبر وأطول زمنياً للإمدادات العالمية. وعادت علاوة المخاطر إلى أسواق النفط لتعزز الأسعار في الوقت الذي يهدد فيه تصاعد الصراع في العراق الإمدادات كما تلوح في الأفق توترات بين الولايات المتحدة وإيران.
وقال البنك في مذكرة «في حالة إيران، لا يوجد على الأرجح تأثيرات فورية على تدفقات النفط وتظل هناك ضبابية شديدة تكتنف احتمال إعادة فرض عقوبات أمريكية ثانوية. إذا حدث هذا، فإننا نتوقع أن تتعرض عدة مئات الآلاف من البراميل من صادرات النفط الإيراني إلى الخطر فوراً».
ويوم الجمعة الماضي رفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب التصديق على التزام إيران بالاتفاق النووي تاركا أمام الكونجرس مهلة 60 يوماً لأخذ قرار بشأن المزيد من الإجراءات ضد طهران. لكن جولدمان قال إنه في غياب دعم من دول أخرى، يبدو من المستبعد أن يتراجع الإنتاج مليون برميل يومياً إلى المستويات المسجلة قبل رفع العقوبات الغربية عن البلاد.
وقال البنك «في حالة كردستان، فإن إنتاج حقل كركوك النفطي البالغ 500 ألف برميل يوميا يتعرض للتهديد مع تقارير أولية تشير إلى توقف إنتاج 350 ألف برميل يومياً، على الرغم من أن هذا يظل أمراً غير واضح». لكنه أضاف أن انخفاض تكاليف الإنتاج وارتفاع العائد لكل برميل قد يحفزان الجانبين على الإبقاء على تدفق النفط.
وقال «لكن، هذا لا يستبعد حدوث اضطراب مستمر للإنتاج فيما نشير إلى أن العراق عرضة لمخاطر نزولية أقل (بالنظر إلى صادراته الجنوبية) بالمقارنة مع حكومة إقليم كردستان إذا تعطلت التدفقات إلى جيهان في تركيا وارتفعت أسعار النفط العالمية».
وبخصوص الأثر المحتمل لتزايد التوترات الجيوسياسية على الأسعار، قال البنك إن توقف إنتاج 500 ألف برميل يومياً لمدة ثلاثة أشهر أو 250 ألف برميل يومياً لمدة ستة أشهر يمكن أن يدفع أسعار خام القياس العالمي مزيج برنت للصعود بواقع 2.50 دولار للبرميل. وقال البنك «لذا فإن رد الفعل المحدود للسوق حتى الآن ينسجم مع الضبابية الشديدة التي تكتنف التعطل المحتمل للإنتاج، مع ترجيح حدوث تحركات أكبر فقط في حالة تعطل فعلي في الإنتاج، من وجهة نظرنا».
وأشار البنك إلى أن رد فعل الأسعار على ذلك التعطل المحتمل قد يتسبب في تعزيز وضع تزيد فيه أسعار خام برنت للتسليم الفوري عن أسعار التسليم الآجل وقد يسرع ذلك عودة فائض المعروض العالمي إلى الوضع الطبيعي. وأضاف أن تزايد المخاطر الجيوسياسية بجانب تحسن الطلب والالتزام بالاتفاق الذي تقوده أوبك لخفض الإنتاج يمثل تهديداً لتوقعاتها بأن يبلغ سعر البرميل 58 دولاراً في عام 2018.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل من المتوقع أن يواصل الارتفاع للشهر الحادي عشر على التوالي مع استقرار أسعار الخام الأميركي حول 50 دولاراً للبرميل. وأضافت الإدارة، في تقرير، أن إنتاج النفط الصخري من المتوقع أن يرتفع بمقدار 82 ألف برميل يومياً إلى 6.12 مليون برميل يومياً.
أرسل تعليقك