دولة الإمارات العربية المتحدة، تتبوأ المرتبة الأولى عربياً في مؤشر الابتكار لعام 2019، وهذا نتيجة حرصها الحثيث على الاهتمام بالعلوم العصرية بهدف فتح الأبواب لاختصاصات جديدة أمام طلبة الجامعات من الجيل الناشئ، وهم يندفعون عاماً بعد عام لاختيار مساقات علمية مغايرة بعيدة عن المألوف تعنى بمجال الفضاء والروبوت ومهارات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز وسواها من المسميات الحديثة، التي دخلت بقوة إلى الميادين الأكاديمية بدءاً من المراحل الثانوية وحتى الشهادات العليا، حيث يأتي ذلك جنباً إلى جنب مع الاستعداد الرقمي لمواكبة استراتيجية 2021 ورؤية 2030، والارتقاء إلى مصاف الدول الرائدة علمياً، والتي أحدثت الإمارات بريقاً لافتاً ضمنها.
لا يقتصر دور الإمارات على تبني الخطط الأكاديمية التي من شأنها تحفيز الحس العلمي لدى الطلبة، وإنما تستضيف على مدار السنة أهم الفعاليات الدولية ذات الصلة لزيادة الاطلاع على آخر المستجدات التقنية في علوم الابتكار، بينها مسابقة «تحدي محمد بن زايد العالمي للروبوت 2020»، التي يتم تنظيمها كل عامين وتشارك فيها مجموعة فرق محلية وعالمية من أفضل الجامعات والمختبرات البحثية التي تتنافس لإثبات مهارات خارقة، تتمثل في الاستعانة بالروبوتات لتسهيل حركة الطائرات من دون طيار، وتنمية أعمال البناء وإطفاء الحرائق وسرعة الاستجابة في حالات الطوارئ، وكلها جهود تبذل لتحقيق التطور التكنولوجي والتأكيد على المكانة المرموقة التي تحظى بها محافل الابتكار في الإمارات، لتوفير البيئة الأمثل وإبراز التكنولوجيات المتقدمة مما يعود بالنفع العام.
روبوتات ذكية
بالاطلاع على اهتمام الطلبة بالمساقات الجامعية الحديثة التي تعنى بمجالات التكنولوجيا والابتكار، تحدث الطالب حمدان الكتبي المتخصص في علوم التكنولوجيا الرقمية من جامعات اليابان، عن فخره بالعمل كمهندس في قسم الابتكار بهيئة «ديوا». وذكر أنه تمكن بالتعاون مع زملائه من تصميم «طائرة من دون طيار» للعمل على الإمساك بالأشياء المستعصية عن بُعد، والاستفادة منها في المطارات، موضحاً أن الفكرة يمكن تطويرها لتكون على شكل طائرة مضادة لطائرة أخرى تعمل بالمفهوم نفسه، بحيث يتاح في الحالات الحرجة تسخير العلم لخدمة المجتمع والأغراض الضرورية التي تسهل الحياة بأقل قدر من العناء والخسائر البشرية والمادية.
وذكر سلطان عبدالله الشحي، طالب هندسة إلكترونية وكهربائية في جامعة خليفة، أن العلوم لم تعد تقتصر على البيانات التقليدية المتعارف عليها، وإنما دخلت في أجواء الواقع المعزز بأكثر من خيار، وهذا ما جعله يختار العمل في مجال الطاقة النووية في شركة «نواه» للطاقة، تماشياً مع التوجه الحالي للذكاء الاصطناعي والتخصصات العميقة التي تتيح عدة احتمالات في آن، وشرح الفرق بين عمل الروبوتات، والتي تعمل إما بالتعليمات اليدوية وإما بأنظمة التحكم عن بُعد، والتي تعرف بالروبوتات الذكية القادرة أوتوماتيكياً على تحليل الموقف واتخاذ الإجراء اللازم، وهو غالباً ما تقوم به طائرات إطفاء الحرائق التي يديرها الروبوت المدرب على الحركة والتحسس والتنفيذ في المكان والوقت المناسبين.
مساقات حديثة
وقال الطالب راشد الياسي إنه اختار التخصص في علوم التكنولوجيا الحديثة ومجال تجهيز الروبوتات، لأهميتها في رصد المركبات الجوية ذاتية التحكم والدخيلة في محاولة لتشغيلها وإيقافها حسب الرغبة وما يوفره الذكاء الاصطناعي، وأوضح أن هذه الاختصاصات تساعد على تحديد أشكال مختلفة من مجسمات العمارة، وكذلك التقاطها ونقلها وتجميعها لبناء هياكل محددة مسبقاً في الأماكن المفتوحة.
وذكر أن المساقات الحديثة تساعد على التعرف إلى أفضل طرق إطفاء الحرائق داخل المباني الشاهقة في المناطق الحضرية، حيث يتم تصميم أفضل الروبوتات لإتمام المهام الصعبة وكافة التحديات بأسلوب يضمن الحركة السريعة للتنقل أثناء المناورات الجوية وفي الأماكن الديناميكية الصعبة وغير المنظمة.
إطفائية إلكترونية
لفت الطالب حسين مهدي من جامعة الطيران، إلى أن التجربة الأكثر إبداعاً بالنسبة له، هي تصميم إطفائية إلكترونية، وتزويدها بالعلوم الضرورية التي تشبه تطوير المهارات لدى الطفل في سنواته الأولى. وأشار إلى عدد من التعاليم المطلوبة، وبينها القدرة على النظر والتنبه إلى مصدر الخطر والتحرك باتجاهه، ويتم ذلك بعد تزويد الروبوت بكاميرا حرارية تكشف اللهيب عن بُعد، وتساعد هذا الجهاز الذكي على البدء بعملية إخماد الحريق والدوران بحسب الحاجة تماماً كما يفعل الإنسان أثناء عمله على الأرض.
خدمة الإنسانية
من جهته، تحدث الدكتور فهد المسكري مدير «تحدي محمد بن زايد العالمي للروبوتات» وأستاذ مساعد في قسم هندسة الفضاء بجامعة خليفة، عن أهمية الاطلاع على كل جديد في مجال الذكاء الاصطناعي، وقال إن دولة الإمارات قطعت شوطاً كبيراً بالوصول إلى مستوى الدول المتقدمة والانتقال من مرحلة استهلاك التقنيات إلى مرحلة إنتاجها، معتبراً أن التطور الحاصل والمطلوب، يأتي نتيجة تضافر الجهود بين توجهات الحكومة والأدوار الجدية التي يلعبها كل من طلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه والأساتذة الجامعيين على اختلاف تخصصاتهم.
وشدد المسكري على تفعيل دور شركات القطاع الخاص العالمية لتقديم الدعم اللازم لتمويل الأبحاث والمنح الدراسية لطلبة الدراسات العليا، واستقدامهم من مختلف البلدان ومساعدتهم على العمل داخل الإمارات وتمويل مشاريعهم، بهدف تعزيز خدمة الإنسانية والعلم والفكر البشري، مؤكداً أن العمل حالياً يجب أن ينصب على إيجاد آلية لتصنيع هذه التقنيات وبيعها وخوض التدريب على الصناعة في المجال التكنولوجي، وعدم الاكتفاء بتطوير التقنيات الحديثة والروبوتات البسيطة.
جامعة بحثية عالمية
تتربع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا على قائمة الجامعات المحلية التي تتبنى ضمن أولوياتها مفاهيم الابتكار، وهي جامعة بحثية عالمية المستوى تركز على إعداد قادة ومفكرين مبدعين في مجالات العلوم التطبيقية والهندسية، وتهدف إلى دعم اقتصاد المعرفة الذي يشهد نمواً متسارعاً في البلاد من خلال ترسيخ مكانتها كمؤسسة أكاديمية ترتقي إلى مصاف الجامعات الرائدة على مستوى العالم.
قد يهمك ايضا
الكشف عن تقنيتين تؤسسان لجيل فائق الدقة من "التعلم العميق"
أرسل تعليقك