أكّد خبراء في الدفع الإلكتروني أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في البنوك الإماراتية تشهد انتشاراً متزايداً بهدف جعل الخدمات المصرفية أكثر أماناً ولمنع الجرائم المالية وخلق قيمة مضافة للعملاء.
ولفت الخبراء في تصريحات خاصة لـ«البيان الاقتصادي» أن من أبرز التحديات التي تواجه المؤسسات اختيار وتنظيم قاعدة البيانات، بالإضافة إلى ضرورة استمرار الاستثمار والجهود، مشيرين إلى أن الشركات التي تتطلع إلى دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها بحاجة إلى إحداث تحول كامل في عقليتها لتحقيق فهم شامل لقيمة الذكاء الاصطناعي واغتنام فوائده، إلى جانب تعزيز انسجام جميع الأطراف المعنية داخلياً وخارجياً مع رؤيتها وفق أعلى درجات الانسيابية.
كذلك يجب على المؤسسات ضمان قدرتها على استقطاب الكوادر البشرية الماهرة والمؤهلة والحفاظ عليها، علاوة على المواهب اللازمة لدفع عجلة التحول المطلوب.
مركز للتميّز
وقال عبد الله قاسم، الرئيس التنفيذي لإدارة العمليات في مجموعة بنك الإمارات دبي الوطني، إن البنك يعمل على تأسيس مركز للتميز في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة، يتضمن إنشاء منصة بيانات مؤسسية في إطار مسيرة التحول الرقمي التي رصد لها البنك استثماراً قدره مليار درهم، وتطبيق حالات استخدام عالية الأثر عبر مجموعة من المجالات، مثل المبيعات، والخدمة، والعمليات، والامتثال، والمخاطر، إضافة إلى توفير المهارات المتميزة في الذكاء الاصطناعي واستقطاب الكوادر البشرية الموهوبة عبر إجراءات التوظيف الموجهة والشراكات.
وتندرج هذه الجهود في إطار استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 التي اعتمدتها حكومة الدولة الرشيدة، لاستخدام أنظمة متكاملة قائمة على البيانات لتقديم حلول فعّالة، وتأسيس حاضنات للابتكارات القائمة على الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى استقطاب وتدريب المواهب لتولي وظائف المستقبل.
خارطة طريق
وأضاف القاسم أنه في إطار جهوده المتواصلة لتعزيز التفاعل مع العملاء، استثمر بنك الإمارات دبي الوطني في إنشاء خارطة طريق لتطوير منظومة خدمات مصرفية قائمة على المحادثات باستخدام الذكاء الاصطناعي سعياً إلى تبسيط التفاعل مع العملاء.
وتبلورت أولى نتائج هذه الجهود في مبادرة «إيفا» (المساعدة الافتراضية من بنك الإمارات دبي الوطني)، أول مساعدة افتراضية صوتية قادرة على التحدث بلغات المحادثة الطبيعية، وتستخدم «إيفا» مزايا المحادثة بالذكاء الاصطناعي مثل تمييز الطلبات المقصودة وفهم اللغات الطبيعية لتفسير طلبات العملاء وتوجيههم بذكاء نحو حل مؤتمت لها.
وتعتبر «إيفا» أول مساعد افتراضي في المنطقة يتحدث اللغة الإنجليزية، وأول مساعد يتحدث اللغة العربية على مستوى العالم.
تعاون
ولفت القاسم إلى أن التعاون الذي تم مؤخراً بين بنك الإمارات دبي الوطني و«أمازون ويب سيرفيسز» يهدف إلى تسخير خدمات تعلم الآلة التي توفرها بهدف تقديم تجربة مصرفية مصممة خصيصاً لتلبية متطلبات كل عميل.
وسيستفيد بنك الإمارات دبي الوطني أيضاً من الخدمات التي تقدمها أمازون ويب سيرفيسز (AWS) مثل تحليل البيانات وإنترنت الأشياء ومعالجة اللغات الطبيعية وتقنيات متقدمة أخرى في إطار جهود البنك المستمرة لتعزيز التواصل والتفاعل مع العملاء وتبسيط الخدمات المصرفية.
وأضاف: «سيستفيد بنك الإمارات دبي الوطني من خدمة «Amazon SageMaker»، وهي خدمة تمكن بناء وتدريب ونشر نماذج تعلم الآلة، وخدمة «Amazon Personalize» التي تمكن من تطوير توصيات فردية لإطلاق تطبيقات مصرفية جديدة للأفراد بحسب متطلبات العملاء.
ويستخدم بنك الإمارات دبي الوطني «Amazon Polly»، وهي خدمة قائمة على الحوسبة السحابية تستخدم تقنيات التعلم المتعمق لتحويل النصوص المكتوبة إلى مقاطع صوتية أقرب إلى المخاطبة، وذلك في مركز الاتصال الآلي التابع للبنك بهدف تعزيز تفاعل العملاء من خلال تقديم تجارب مصرفية صوتية واقعية. وعلاوة على ذلك، سيتعاون البنك مع أمازون ويب سيرفيسز لتحسين عمليات الابتكار لديه.
تعزيزالخدمات
من جانبه قال ماثيو كولبروك، الرئيس الإقليمي للخدمات المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في بنك «إتش إس بي سي»، إنه من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، فإن بنك «إتش إس بي سي» يقوم اليوم بربط التقارير المعمقة المجمعة من البيانات غير المنظمة المأخوذة من الاستطلاعات والشكاوى وجمعها في أدوات الخدمة الذاتية الخاصة بالموظفين.
وأضاف: «على سبيل المثال، تقوم أداة RM 360 المستخدمة لدينا بجمع المعلومات المتناثرة المتعلقة بملف العميل وتفاعلاته مع البنك تحت سقف واحد وفي ملخص بسيط، حتى يتمكن مديرو العلاقات المصرفية لدينا من خدمة عملائنا بشكل أفضل وأكثر كفاءة. ومن خلال فهمنا لمصادر البيانات والتقنيات التحليلية الجديدة، فإننا نقوم بتعزيز فهمنا لاحتياجات العملاء بشكل أعمق ومساعدتهم بشكل أفضل، بالإضافة إلى خلق قنوات جديدة لتوليد الإيرادات.
ونحن نستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحويل البيانات إلى إشارات سلوكية، بحيث إذا اختار العملاء تلقي الرسائل، فسيتم تزويدهم باقتراحات حول كيفية توفير المال أو الاستفادة من أموالهم بشكل أكبر».
نماذج
وحول نماذج تطبيق الذكاء الاصطناعي في البنك، أفاد كولبروك: «على سبيل المثال، أخبرونا عملاءنا في الإمارات بأنهم يجدون صعوبة في تتبع واستبدال الخصومات والمكافآت على عروض الطعام، حيث إنها غالباً ما تتضمن تسجيل الدخول إلى حساب منفصل، وبناءً عليه قمنا في الإمارات بإطلاق برنامج «تشات بوت» chatbot الذي يوفّر إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع موظفي خدمة العملاء، وهو يعتبر الأول من نوعه بالنسبة لبنك «إتش إس بي سي» عالمياً، ويُظهر التطبيق للعملاء عروض البنك عبر تطبيق «فيسبوك ماسنجر».
ويشتمل البرنامج على خصائص محادثة متقدمة، ما يسهل على العملاء إمكانية التفاعل معنا وكأنهم يتحادثون مع أصدقائهم، وبالتالي لن يفوت على العملاء أي من العروض الرائعة التي نقدمها لهم بفضل أحدث ابتكاراتنا».
وحول الفوائد المتوخاة من توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز مهارات الموظفين، قال كولبروك: «لا تقتصر تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) والتدريب الآلي (ML) على مساعدتنا في الاستفادة بشكل أكبر من البيانات لنصبح المكان الأفضل للعملاء لإجراء معاملاتهم المصرفية، بل إنها توفر لموظفينا فرصاً رائعة لتعلم مهارات جديدة.
تحديات
وحول التحديات التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في البنوك بشكل عام، قال كولبروك: «تتميز أنظمة البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي بالإمكانات الهائلة التي توفرها لتحسين فهمنا للعملاء وخدمتهم بشكل أفضل، إلا أنه مع زيادة استخدام الوسائل التقنية والبيانات، يتم إثارة المزيد من المخاوف المتعلقة بالخصوصية والأمان.
ويمثل الأمن الإلكتروني وحماية أصول العملاء وخصوصية البيانات أولوية أساسية بالنسبة لنا، وسيبقى مجالاً رئيسياً للاستثمار والتطوير. فعلى سبيل المثال، كان بنك «إتش إس بي سي» من أوائل البنوك على مستوى العالم باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والتدريب الآلي في مكافحة الجرائم المالية.
ومن خلال استخدامنا للأنظمة الذكية الآلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، قمنا بزيادة سرعة ودقة عملية التدقيق الخاصة بالعقوبات في معاملات الدفع الخارجية، ما أدى إلى تقليل أوقات إنجاز المعاملات وتحسين تجربة العملاء مع الاستمرار في حماية العملاء والبنك من المجرمين الماليين.
توازن دقيق
تحقيق التوازن الدقيق بين الابتكار التكنولوجي وتخفيف المخاطر هو أحد المتطلبات الرئيسية للبنوك التي ترغب في تحقيق الازدهار في مجال الاقتصاد الرقمي في المستقبل. وسيتطلب التنظيم استخدام تقنيات أفضل.
ومن المهم وجود لجنة تشرف على سلامة السلوكيات المتبعة في البيانات الضخمة وحوكمة نموذج التدريب الآلي. كما سيكون هناك حاجة إلى تنسيق دولي أكبر بكثير للاستفادة من التقنيات الجديدة التي لا حدود لها على الإطلاق بشكل أفضل
قد يهمك أيضًا:
أصغر خبير ذكاء اصطناعي بالعالم يصف الإمارات بأنها نموذجًا فريدًا
"أوبو" تضخ 1.43 مليار دولار للاستثمار في الأبحاث والتطوير خلال 2019
أرسل تعليقك