مسقط _ صوت الإمارات
سيحمل روّاد بعثة فضائية، طائرة “درون”، وكثيرا من مركبات الروبوت، وبيتا قابلا للنفخ مقاوما للانبعاث الحراري، وبعض المعدات العلمية المصممة للبحث عن أي أثر للحياة فوق سطح كوكب المريخ، فعلى بعد أكثر من 3000 ميل، تحديدا في أستراليا، ستقوم بعثة علمية بعمل محاكاة تخيلية، مع مراعاة التأخير لمدة عشر دقائق، هي الفارق الزمني بين المدة التي يستغرقها إرسال الإشارة إلى المريخ، والمدة التي يستغرقها إرسال الإشارة إلى مكان التجربة على الأرض.
وسيقضي رواد الفضاء 3 أسابيع في عزلة شبه كاملة، إلا أنهم سيخضعون إلى مراقبة عن كثب من قبل فريق عمل يضم 50 شخصا، منهم بوني بوسيلت، الطبيبة بالقوات الجوية البريطانية، والتي تلقت تدريبات العام الماضي لتصبح أول طبيبة بريطانية مختصة في طب الفضاء، وسيتولى نحو 60 باحثا فحص كل ما يحدث في موقع الاختبار، الذي تبلغ مساحته 120 ميلا، بدءا من تسلسل الحمض النووي الشاذ إلى بوادر حدوث تضارب في الأصوات، عندما يتحدث رواد الفضاء إلى بعضهم.
وتعد تجربة “أمادي 18” الأشجع على الإطلاق في سلسلة التجارب التي تحاكي مغامرة الحياة فوق سطح المريخ، بعد أن سبقتها تجارب فوق سطح نهر جليدي متجمد بجبال الألب، وتجربة داخل كهف مفتوح بجنوب إسبانيا، وأخرى في الصحراء المغربية، وصرحت رئيسة المنتدى الإسباني للفضاء ومديرة المشروع، غرنوت غرومر، إنّه “نقوم هنا على الأرض بجمع كل ما يخص كوكب المريخ، نحاول في كل مرة أن نتطور ونتحسن لنقترب من محاكاة الواقع، نريد أن نفهم قدرات وحدود معداتنا وما يحتاج الناس لفعله عندما يصلون إلى هناك، فتلك هي أكبر مهمة قمنا بها على الإطلاق”، ولا يستطيع علماء الفضاء محاكاة جاذبية كوكب المريخ بسهولة، رغم أنها لا تتعدى ثلث الجاذبية على كوكب الأرض، ولا محاكاة الأمطار المتواصلة للإشعاعات المجرّية التي ترتطم بسطح المريخ، وفي ظل درجات حرارة تتراوح بين 16 إلى 27 درجة مئوية (60 – 80 فهرنهايت)، فإن الشتاء بمدينة ظفار العمانية يبدو أكثر اعتدالا منه في كوكب المريخ.
وتعتبر سلطنة عمان أنسب الأماكن لإجراء تلك التجربة، فقبابها الملحية وصخورها الرسوبية وقيعان أنهارها الجافة، تبدو قريبة الشبه ببيئة الكوكب الأحمر، كذلك من غير المرجح أن يصادف رواد الفضاء أي نوع من الحياة المحسوسة في عمان، باستثناء العقارب الغريبة والجمال، ومن ضمن أهم المعدات التي سيحملها الفريق خلال الرحلة، جهاز سيقوم بقياس وإرسال التسلسل الجيني إلى فريق من البيولوجيين بقيادة جولي بلومرت، وهي باحثة تعد لدرجة الدكتوراه في التطور البيئي التجريبي في جامعة “أنزنبرك” في النمسا، وبحسب جولي “في حال تبين وجود حياة على كوكب المريخ، وثبت اعتمادها على الحامض النووي، فسيعني ذلك أن لها تاريخا بعيدا، وأن طريقتنا في الاختبار ستجدي معها، ومن المحتمل أن تكون الحياة فوق المريخ معتمدة على جزيئات شبيهة بالحامض النووي أو غيره من الأحماض النووية، وهو ما يجب أن نتحقق منه أيضا، ولذلك فإن ثبتت صحة هذه الطريقة في المريخ، حتى وإن لم نعثر على الحامض النووي، فسنجد شيئا آخر لا يقل عنه غرابة وتشويقا”.
واستطردت جولي، “أعتقد أن هذا هو جوهر تلك التجربة على سطح المريخ وغيره من الكواكب، من يعلم ما سنكتشفه هناك؟"، ولا يزال موعد الرحلة الحقيقية إلى كوكب المريخ غير معلوم، فقد أعلنت وكالة “ناسا” للفضاء عن عزمها إرسال طاقم إلى الكوكب الأحمر في الثلاثينات من القرن الحالي، غير أن كثيرين في مجال الطيران يتشككون في جاهزية الوكالة للقيام بتلك الرحلة في هذا الوقت.
أرسل تعليقك