جمال المرأة سلاح بثلاثة أبعاد هم ضرورة وخطورة وفصام
آخر تحديث 23:34:17 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

جمال المرأة سلاح بثلاثة أبعاد هم ضرورة وخطورة وفصام

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - جمال المرأة سلاح بثلاثة أبعاد هم ضرورة وخطورة وفصام

جمال المرأة
القاهرة - صوت الامارات

تنص المرجعية التلفزيونية على أن البشرة الفاتحة والعيون الزرق والملابس الضيقة عنوان المرأة الجميلة الأنيقة. ووفق الموروث المأخوذ من «ستي» و «نينة» و «ستات» العائلة جميعهن، فإن المرأة البيضاء ذات تقسيمات الجسد المثالية والبشرة الملساء وحدها من تجتذب عريساً مميزاً وتستحوذ على قلب زوج المستقبل وعقله على رغم أنوف المنافسات.

أما جمل الأفلام الشهيرة ومقاطع المسلسلات المعروفة، فتشير سواء تلميحاً أو مباشرة، إلى أن المرأة شديدة الجمال أو رشيقة القوام ذات حظوظ أفضل واختيارات أوسع ومجالات أرحب ممن هن أقل منها حظاً من حيث الشكل والمظهر. وأخيراً وليس آخراً، تفرض المجلات النسائية وصفحات الجرائد الأسرية والبرامج الأنثوية مفهوماً عن المرأة باعتبارها ذات مقاسات مقاربة لـــ «أيزو» مارلين مونرو، حيث 37-22-35، وكل ما عداها فهو أقرب ما يكون إلى كيس البطاطا أو عبوة «اللبخ».

«مدام لبخ» كما أرّخ لها عبدالسلام النابلسي حيث عشرة قناطير لحم إضافة لمثلها من الشحم، هي كابوس الواقع الذي تعيشه مصريات كثيرات. رحلة أبدية حيث التشتت التام بين واقع مرّ وحلم جميل، وجهود مضنية في محاولة للإفلات من قدر حلة محشي منصوص عليها في عقد الزواج في مواجهة خضروات مسلوقة ومعها تفاحة خضراء منصوص عليها في برامج الرشاقة والجمال. هي تناهض علم الوراثة وتحارب قيود التحرّكات خارج البيت وتصارع عدد ساعات اليوم التي لا تكفي المهام والواجبات والمسؤوليات، في محاولة للإفلات من مصير سمنة محتوم وواقع لون معروف وحقيقة ملمح لم ولن يتغير، إلا بمشارط الجراحين ومقصاتهم.

جراح لمياء ح. (40 سنة) لم تندمل بعد. هي جراح معنوية وبعض منها مادي. فهي ذات بشرة سمراء وملامح مصرية صميمة لا علاقة للأنف القوقازي والوجنات البارزة والقامة الطويلة والنحافة المثالية بها. مستحضرات التجميل القادرة على تغيير لون البشرة موقتاً مع مداومة على التمرينات الرياضية ومقاومة الحلويات ومصادقة الخضروات أثناء سنوات الجامعة، ساعدتها في الحصول على عريس كان يبحث عن عروس بمواصفات جمالية بعينها. لكن مياه الصنبور مع بعض من الصابون ليلة الفرح أسفرت عن لون بشرتها الأسمر الذي صدم العريس الهمام، ولكنه لم يبح بصدمته حفاظاً على مشاعرها. غير أن تراكم سنوات الزواج وتحوّل غصن البان إلى مجموعة متلاصقة من الغصون السميكة، بعد ثلاث ولادات وإقامة نهارية في المطبخ لتجهيز صنوف الطعام التي يعشقها الزوج، مع انهيار المقاومة والتخلّي عن الخضروات الطازجة وتبدد إمكانية مزاولة الرياضة مع صغر سن الأبناء، أدت إلى لمياء أخرى غير تلك التي «تعاقد عليها» الزوج.
ومع تواتر السنوات واستمرار العشرة وانتهاء مرحلة الحفاظ على مشاعر الآخر، تزايدت ملحوظات التوبيخ وتوالت عبارات الشجب والتنديد التي بلغت حدّ اتهامها بالنصب والاحتيال حيناً والإهمال والتبلد حيناً آخر.

وزاد الطين بلة أن جروج لمياء المعنوية أضيفت إليها جروح مادية بعد ما أنفقت آلاف الجنيهات بين بحث عن حلم تبييض بشرة واهم والحصول على قوام «إليسا» كاذب، وهو ما أسفر عن حروق في البشرة فقط لا غير.

لمياء ليست ضحية البحث عن عريس جاهز جاء ليتعاقد على بضاعة ذات مواصفات محددة فقط، لكنها وكثيرات غيرها ضحية شيزوفرانيا مجتمعية وإعلامية تدفع المرأة دفعاً نحو مقاييس جمال نادرة الوجود، أو معايير رشاقة صعبة التحقيق، أو شروط أنثوية مستحيلة التعميم، والأهم من كل ذلك تحبسها في حيز عالم الأزياء والتجميل ثم تعود وتلومها على سطحية التفكير ومحاولات التقليد وجهود الحصول على عريس عبر مشرط التجميل أو كريم التبييض أو تمويه الطبيعة المصرية واستنساخ أشكال أجنبية، مستخدمين في ذلك الحجج الاجتماعية وإن لزم الأمر الأسانيد الشرعية.

الأسانيد الشرعية التي استند إليها عالم الدين في برنامج فضائي يتلقى أسئلة المشاهدين المتعلقة بالدين، دفعته إلى مطالبة المتصلة بالتوجّه فوراً إلى عيادة التجميل.
المتصلة كانت حائرة بين هجر زوجها لها وإمعانه في المقارنة بينها وبين نجمات الفيديو كليب مع لوم حماتها ووالدتها وجاراتها لها على ما أصابها من سمنة وما لحق بها من تجاعيد، ومطالبة الجميع لها بالحفاظ على زوجها بأي طريقة حتى وإن كانت عمليات جراحية هي الثمن من جهة، ومن جهة أخرى خوفها من مشرط الجراح بعد ما فشلت جهود الحمية (الريجيم) وتبددت محاولات العناية اليومية ببشرتها نظراً لضيق الوقت. لكن الشيـخ العلامـة أباح لها، بل شجعها، على خوض أخف الضررين ألا وهو مشرط الجراح الذي هو أهون من هجر الزوج لها أو، لا قدّر الله، وقوع الطلاق.

متهمة دائماً
ويطلق كثر أحكاماً مسبقة ويعلقون مشانق معلبة لكل كائن أنثوي غير مطابق لمعايير الجمال المفروضة من قبل الإعلام وشركات التجميل وجراحيه والعاملين فيه، وبالطبع الأزواج والعرسان والمتابعين والمراقبين للتحرّكات النسائية أينما كانت. هذه «مهملة في نفسها» وحق لزوجها أن يتزوّج غيرها، وتلك «تركت علامات السن تؤثر في وجهها» فطبيعي أن يبصبص زوجها على من هن أصغر منها، وهؤلاء سمروات وعليهن تجربة كريمات التبييض لعل الله ينعم عليهن بنعمة اللون الفاتح، و «ما شاء الله» وضعت هذه عدسات خضراء فظهر جمالها، وهلم جرا.

وقد جرى العرف المجتمعي على اعتبار المرأة كائناً يرمز إلى الجمال ومعنى يصف الخصوبة وأداة تؤدي إلى المتعة، فإن أخلت بأي من رموزها أو معانيها أو أدواتها أحيلت إلى التقاعد المعنوي أو تعرّضت للشجب اللفظي أو اتهمت بالتقصير. أما إذا أبدت اهتماماً مستمراً بكل ما سبق فيتم تصنيفها فوراً باعتبارها دمية تسرف في الاهتمام بالمظهر، وسطحية عليها الالتفات إلى الجوهر، أو استهلاكية لا همّ لها إلا شراء المستحضرات أو اللجوء إلى الجراح. أي أنها في الحالات كلها متهمة مع سبق الإصرار والترصد. جمال المرأة سلاح بثلاثة أبعاد: أولها ضرورة لأنها امرأة، وثانيها خطورة حفاظاً على الزوج، وثالثها فصام في مجتمع تتجاذبه الأضداد.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمال المرأة سلاح بثلاثة أبعاد هم ضرورة وخطورة وفصام جمال المرأة سلاح بثلاثة أبعاد هم ضرورة وخطورة وفصام



GMT 16:41 2024 الجمعة ,16 شباط / فبراير

فوائد وطرق وضع البرايمر الشفاف

GMT 09:04 2018 الأحد ,16 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي الأخطاء السبعة التى تجعل المرأة تبدو أكبر سنًا

GMT 09:03 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

حيل يومية مختلفة لتطويل الشعر في أسرع وقت

GMT 05:19 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

5 حِيل للحفاظ على ثبات الكحل فوق العين لمدة طويلة

GMT 05:13 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

8 أشياء تؤذين بها شعركِ دون أن تعلمي

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates