يرى أنَّها الفتاة، التي سهر من أجل الوصول إلى قلبها، وتراه فارسها الذي أتى على حصانه الأبيض بعد أن نال حبَّها، وسرعان ما تتوطد العلاقة بينهما ويتوج حبهما بالزفاف الذي طالما حلما بالوصول إليه، لكن سرعان ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فتنتهي مرحلة الإعجاب والانبهار، وتختفي الهالة الموجودة أمام المحبوب لتبدأ مرحلة الانكشاف والرؤية الموضوعيَّة، وتبدو عيوب الطرفين واضحة جلية أمام الشريك الآخر، ويتحول الحب إلى شبح اسمه الطلاق.
«سيدتي نت» التقت باستشاري علم النفس بمركز إرشاد للاستشارات الأسريَّة والتربويَّة بجدّة، الدكتور جبران يحيى، ليشرح لنا لماذا الحبُّ بعد شهر العسل ينتهي قبل أن يبدأ؟
• التقييم السريع للحبِّ
بداية أوضح الدكتور جبران أنَّ الحبَّ يختلف بين الأزواج حديثي الزواج، فهنالك الزواج التقليدي، والزواج المبني على فترة تعارف كافية. والحب له جوانب منها الجانب الإدراكي، والعقلي، والسلوكي، والجانب العاطفي الوجداني. لذلك يحصل تقييم سريع وغالباً ما يكون غير عادل، وأحكام متسرِّعة تعتمد على الإحساس الجسدي والعاطفي. ويختلف تقييم الحبِّ بين الرجل والمرأة، فالمرأة تقييمها للحبِّ سلوكي حسي عاطفي، بينما تقييم الرجل حسي عقلاني، فيحدث الخلل في شهر العسل عندما تخيب بعض الأحاسيس الحسيَّة والعاطفية. والمرأة تقيِّم حبَّها بمشاعرها، والنظرات المستمرة لها، التي تعبِّر عن الإعجاب والسير بجانبها أو الالتصاق بها، وأن يتسم بالرومانسيَّة في التعبير والاشتياق، بينما الرجل في هذه المرحلة قد يتجاهل هذه الاحتياجات والرغبات لدى المرأة، ويركز على الإشباع الجنسي، فتتولد الفروقات، ويصبح كل طرف غير مدرك لاحتياجات الآخر فتبدأ المشكلات الأولى.
وفي هذه المرحلة المبكرة لا يزال الحبُّ بعد لم ينتقل إلى مرحلة التقييم العقلي الواقعي، التي يشعر فيها كل طرف بأهميَّة الآخر في حياته، وهي المرحلة التي قد يستحوذ فيها كل طرف على تفكير الآخر، ويشعر بأنَّ الحياة لن تستمر من دونه، ويشاركان بعضهما كل التطلعات والآمال، ويظهر كل طرف للآخر حبَّه، ليس فقط بالمشاعر والتعبير وأيضاً بالسلوك الذي يتمثل في الاهتمام والرعاية والشعور بالفخر.
• التلميح أو التصريح عن الاختيار الخاطئ
من المواقف السيئة جداً، التي قد تؤثر على الحبِّ، وبناء العلاقة بشكل ما في بداية الحياة، وكفيلة بأن تقتل مشاعر الحبِّ، خصوصاً بأن يصرح الرجل أو يرسل رسائل تلميحيَّة يشعر بها الطرف الآخر بأنَّها شريكة الاختيار الخطأ أو القرار المتسرِّع، وأحياناً الخدعة الكبرى، أو من خلال التعبير أو بعض الممارسات العاطفيَّة أو السلوكيَّة فيشعر الطرف الآخر أنَّه غير مرغوب به، وقد لا يتمالك في التعبير عن صدمته بسوء اختياره أو التسرع فيظهر ذلك في سوء التعبير أو الابتعاد عن الطرف الآخر والانشغال عنه، والتركيز على الترفيه في الرحلة أكثر من شريكه، وإغداق مشاعر الحبِّ والاهتمام.
• جسدك معي وعقلك وقلبك في مكان آخر
من الأشياء التي تؤثر في بناء العلاقة، شعور الزوج بأنَّ زوجته مهتمَّة بمظاهر السفر والرحلة وما تحصل عليه من هدايا وزيارة أماكن سياحيَّة ونقل الصور لصديقاتها وأهلها، والاهتمام بمشاعرهم وما ستجلب لهم من هدايا أكثر من الزوج واحتياجاته. وأكثر ما يزعج الزوج اهتمام الزوجة بتفاصيل إرضاء أهلها أكثر منه.
• المقارنات القاتلة
من الأشياء التي تقتل الحبَّ في كل مراحله وخصوصاً في بداياته المقارنات القاتلة، سواء المقارنة بين ما في المخيلة من صور غير واقعيَّة عن الطرف الآخر من صفات شكليَّة أو صورة مثاليَّة أو المقارنات بالآخرين، والمقارنات بالمجتمع وبما يفعله أو بما يمتلكه (انظر لزوج أختي إيش سوى لها في شهر العسل، شوف خويه كيف يعامل زوجته).
• أسباب متنوِّعة قد تؤثر في العلاقة والحبِّ
ـ عدم احترام التنوع والاختلاف في الشخصيات، وبالتالي الميول والرغبات، فقد يحدث الخلل بأن يريد كل طرف أن يكون الثاني مثله في رغباته وفي ميوله. وهنا نقول يجب احترام الاختلاف والاستمتاع به واستثماره في التكامل، وتغطية عيوب ونقائص البعض، ولا نجعله سبباً لاتساع الخلاف.
ـ ضعف الخبرة والاندفاعيَّة، وعدم النضج العقلي في بداية العلاقة يجعل منها أكثر عرضة للاهتزاز.
ـ التشبع. الإنسان بطبعه ملول ويتشبع بسرعة، ويفقد قيمة ما يملكه، هذا الشعور قد يقتل الحبَّ ويحيل العلاقة إلى جحيم إن لم يصاحبه التجديد والتغيير.
ـ التركيز على السلبيات أكثر من الإيجابيات.
ـ النظرة المثاليَّة للحياة الزوجيَّة وعدم الواقعيَّة.
ـ الاستغراق في ظروف الحياة الماديَّة.
أرسل تعليقك