ذهل العالم بحالة الإماراتية منيرة عمر، التي استعادت وعيها الكامل خلال شهر أبريل 2019 ظنّا منه أنها أفاقت من غيبوبة استمرت 27 سنة، لكن القول: إنها "استفاقت من غيبوبة" ليس دقيقًا وينبغي عدم تبسيط الأمور "كما لو أنها تحدث في أفلام"، بحسب خبراء، وفقا لمونت كارلو.
ماذا حصل؟
كانت منيرة عمر في الثانية والثلاثين من العمر عندما تعرّضت لإصابة في حادث سير سنة 1991 وقع خلال اصطحابها ابنها إلى المدرسة في مدينة العين (شرق الإمارات). وهي فقدت وعيها ولم تستعده بالكامل حتى مايو 2018.
ونجا ابنها عمر من الحادثة. وهو اليوم في الثانية والثلاثين من العمر. وقد قال :"لطالما آمنت بأن الوضع الصحي لوالدتي سيتحسّن".
إقرا ايضًا:
الشيخة فاطمة بنت مبارك تُبيّن البرامج التي يُنفذها الاتحاد النسائي
هل يمكن القول إنها "استفاقت من غيبوبة"؟
لا.. ليس إن كان ذلك يعني أن "المريض استفاق فجأة من سبات عميق، كما نستيقظ كل صباح"، بحسب ما أوضح الطبيب الألماني الذي عالجها فريدمان مولر لمجلة "دير شبيغل".وبالمعنى الدقيق للكلمة، لم تكن المرأة في غيبوبة بل كانت في حالة من "الحد الأدنى من الوعي".
كما أضاف مولر، وهو كبير الأطباء في عيادة شون في باد ايبلينغ الألمانية، أنه حتى قبل أن تستعيد وعيهما بالكامل كانت "قادرة على النظر إلى شيء معين لفترة قصيرة من الوقت... وكان تفاعلها شديدًا، خصوصًا عندما ترى وجه ابنها".
عانت منيرة عمر من "اضطراب في الوعي" وهو مصطلح شامل لثلاث حالات مختلفة هي الغيبوبة العميقة حين يكون المريض غير واع وغير متجاوب، وحالة نباتية عندما يكون المريض يقظًا لكن غير متجاوب، وأخيرًا حالة من "الحد الأدنى من الوعي".
قال بنيامين روهوت وهو طبيب أعصاب في معهد الدماغ والحبل الشوكي في مستشفى بيتييه سالبيتريير في باريس، إن الحالة الأخيرة تنطبق على الأشخاص الذين "خرجوا من الحالة النباتية واستعادوا قدرًا من الإدراك".
يمكن للأشخاص الذين لديهم الحد الأدنى من الوعي تتبع حركة شخص ما بأعينهم أو إظهار علامات على محاولتهم سحب ذراع عندما يقرصون في اختبار للتفاعل مع الألم.
وأوضح مارتن مونتي وهو أستاذ مشارك في قسم جراحة الدماغ والأعصاب في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس "من الناحية التقنية، كانت المريضة، وفق وصف الطبيب، مستيقظة أصلا".كما أضاف "ومع ذلك، فهي خرجت حتما من حالة من اضطراب الوعي". أشار أيضا إلى أن الأمر حصل بشكل تدريجي، وفي النهاية "كانت قادرة على نطق اسم ابنها وتحيتنا والاستشهاد ببعض الآيات من القرآن".
هل هذه الحالات تحدث في كثير من الأحيان؟
قالت جيني كيتزنغر المديرة في مركز الأبحاث حول الغيبوبة واضطرابات الوعي في جامعة كارديف إن "هذه الحالات نادرة جدا، ولهذا السبب تتصدر عناوين الصحف". وأضافت لوكالة فرانس برس عبر رسالة بالبريد الإلكتروني "تعمل تقارير وسائل الإعلام أحيانا على إعطاء رؤية غير واقعية إلى حد ما لما يبدو عليه التعافي".
أوضحت "من المهم التبصّر في معنى الاستفاقة بعد سنوات من حالة الحد الأدنى من الوعي، وليست الأمور بهذه البساطة كما لو أنها تحدث في أفلام".
كيف يفسّر التحسن؟
اتبع الطبيب مولر أسلوب علاج متعدد الجوانب، مع تمرين العضلات للمساعدة في خفض نسبة التشنج وهو أمر شائع بعد تعرض الدماغ لإصابة، والعلاج الفيزيائي الكامل، وتعريض المريض لكل أنواع المحفزات بما في ذلك التواصل مع العائلة والأصدقاء. وقال روهوت "هو نهج شامل والهدف منه زيادة فرص التعافي".
وأضاف أنه ربما ساهم خفض جرعة الدواء الذي كانت منيرة عمر تأخذه في الخروج من حالتها.
ففي حالة الإصابات الدماغية، "نشخص في بعض الأحيان خطأ الإصابة بالصرع الذي غالبا ما يعالج بأدوية لها تأثير مثبط على المريض".
ما هي المرحلة المقبلة لمنيرة عمر؟
يلفت مولر إلى أن عمر "يمكنها الآن التفاعل بوعي مع بيئتها والعودة إلى حياتها العائلية". ومع ذلك، يجب ألا تكون التوقعات مرتفعة جدا.
أوضح مولر "لا تزال تعاني من إصابة شديدة في الدماغ، لذلك يجب ألا يعتقد أحد أنها ستعود إلى ما كانت عليه من قبل". وقالت كيتزنغر إن المدة الطويلة التي كانت خلالها في حالة من شبه اللاوعي تصعب عودتها الكاملة إلى ما كانت عليه سابقا.
كما أضافت "من الممكن التعافي من فترة قصيرة من عدم الوعي بشكل جيد نسبيا، لكن كلما طال الوقت، انخفضت إمكانية التعافي".
قد يهمك ايضاً :
أهمّ المحطات البارزة في مسيرة تمكين المرأة الأفريقية
جدل حقوق المرأة يعود من جديد في إيران بعد قصة "البطلة الهاربة"
أرسل تعليقك