لقت 11 امرأة هندية حتفها بالإضافة إلى عشرات المصابات في المستشفى في حالة صحية حرجة، بسبب خطأ طبي، نتيجة لحملة تديرها الدولة لربط المبايض للحد من الزيادة السكانية، حيث خضعت أكثر من 80 سيدة إلى جراحة ربط المبايض بالمنظار في مخيم تديره الحكومة في ولاية تشاتيسجاره يوم السبت الماضي.
وأوضح المسؤولون في الولاية إن نحو 60 امرأة مرضت بعد فترة قصيرة من الجراحة، وارتفع يوم الأربعاء الماضي عدد الضحايا إلى 11 بسبب تسمم في الدم أو صدمة نزيفية.
وتقام هذه المخيمات في الهند كجزء من الجهود المستمرة للحكومة منذ فترة طويلة للسيطرة على عدد السكان، نتيجة للقوة الاقتصادية الناشئة المزدهرة.
وأضاف مفوض منطقة بيلاسبور حيث أقيم المخيم سونماني بوراه:"بدأت التقارير الطبية بانخفاض نبض السيدات اللاتي خضعن للعملية، بالإضافة لتعرضهن لأمراض أخرى، ومنذ يوم الاثنين، توفي ثماني سيدات، و64 في مختلف المستشفيات".
تلتف الشكوك حول أربعة أطباء، وقد تم تقديم شكوى جنائية، أظهرت اللقطات التلفزيونية النساء على النقالات وأقاربهم يركضون بهرع بجانبهن.
ولفت بوراه إلى أن السلطات الهندية تحقق في الحادث الذي تديره الحكومة، حيث أمر رئيس الوزراء الهندي نارندرا مودي، بفتح تحقيق في الحادث الذي وقع في أحد أفقر ولايات الهند،
جدير بالذكر أن الوفيات الناتجة عن العملية ليست مشكلة جديدة في الهند، حيث تم تنفيذ أكثر من أربع ملايين عملية في عامي 2013-2014، وفقًا لبيانات الحكومة، وذكرت وزارة الصحة في إجابة على سؤال برلماني أنه بين عامي 2009 و2012، دفعت الحكومة تعويضات لـ568 حالة وفاة ناتجة عن عملية ربط المبايض.
ووجِهت انتقادات للسلطات في شرق الهند، في العام الماضي، بعد أن كشفت قناة إخبارية عن لقطات لعشرات النساء الفاقدات للوعي بعد التطهير الشامل، ملقاة على الأرض.
وأكد مسؤولون محليون أن المستشفيات الحكومية غير مجهزة لاستيعاب هذا العدد الكبير من المرضى، بالإضافة إلى العمليات الجراحية في المستشفى.
بينما يشير اركي بهانجي رئيس المكتب الطبي في بيلاسبور إلى أن العمليات التي كانت في تشهاتيسجاره، قام بها طبيب واحد ومساعده في حوالي خمس ساعات، ولم يكن هناك إهمال، لافتًا إلأى أن الطبيب بارز ومشهود له بالكفاءة.
ويقام ما يسمى بـ"معسكرات العقم" في تشهاتيسجاره بين أكتوبر / تشرين أول وفبراير / شباط، كجزء من أكبر برنامج للسيطرة على تعداد سكان الهند البالغ عددهم 1.26 مليار نسمة، ويحصل النساء اللاتي يخضعن للعملية على 1400 روبية من قبل الدولة، أي ما يعادل 14 جنيه استرليني، وغالبًا ما تقدم الحكومة حوافز مثل السيارات والسلع الكهربائية للنساء المتطوعات.
وتسهم الحصص التي تفرضها الحكومة والحوافز المالية للأطباء في المشاكل، حيث إن نظام الصحة العامة في الهند غالبًا ما يتم إعدادة بكل سيء وبطريقة غير محدثة، كما أن الفساد منتشر بشكل كبير في القطاع.
ويشعر المدافعون عن الصحة بالقلق من دفع النساء للخضوع لعمليات ربط المبياض في معسكرات تنظيم الأسرة، حيث إن الأمر خطير، وافتراضيًا يحد من خياراتهم تجاه وسائل منع الحمل.
ويركز برنامج تنظيم الأسرة في الهند على الإناث، لأن "تعقيم" الرجال في الهند لايزال أمر غير مقبول اجتماعيًا، حسب تصريحات الخبراء، حيث يقول مدير مبادرة الحقوق الإنجابية في شبكة حقوق الإنسان في نيودلهي كيريبروم:"إجبار النساء هو شكل من أشكال الإكراه، خصوصًا عند التعامل مع المجتمعات المهمشة".
وأوضح مفوض دائرة تشهاتيسجاره للصحة ورعاية الأسرة براتاب سينغ، أن برنامج ربط المبايض يعد أمًرا تطوعيًا.
وأعلنت حكومة الولاية بالفعل عن تعويضات بقيمة 200 ألف روبية لأسر السيدات المتوفيات، و50 ألف لمن لاتزلن في المستشفيات، وهي قيمة المدفوعات العرفية لمثل هذه الحالات في الهند.
يشار إلى أنه قبل عامين، اعتقلت الشرطة ثلاثة رجال في ولاية بيهار الشرقية، بعد أن أجروا جراحة ربط مبايض فاشلة لـ53 امرأة بدون مخدر، على مدى ساعتين في أحد الحقول.
ويقوم الساسة في الهند بحملة ضد الدجالين والأطباء الوهمين، ويتهمونهم بارتفاع عدد الوفيات، فقد كانت الحادثة الأخيرة، لطفلة عمرها عام واحد، بعدما أجرى طبيب غير مؤهل عمليه لها بسكين المطبخ.
ولم تنجح أي حكومة في الهند في وضع سياسات لإدارة النمو السكاني الذي يبلغ 1.6% في العام، والذي بلغ 2.3% في فترة السبعينات.
وشهد العقد الحالي حملات التسبب في عقم عدوانية والتي تعد وصمة عار على جهاز تنظيم الأسرة منذ ذلك الحين، ومن المتوقع أن تصبح الهند أكثر الدول تعدادًا للسكان في عام 2030، حيث سيبلغ عدد سكانها 1.5 مليار نسمة.
وكانت الهند من أول الدول التي تقدم سياسة تحديد النسل منذ الخمسينيات، ولكنها فقدت أهدافها منذ ذلك الحين.
على الرغم من أن الكثير من الشباب يمكنهم الحصول على الميزات الاقتصادية، إلا أن اكتظاظ المدن والبنية التحتية المتنامية، يمكن أن تقود إلى توترات اجتماعية وعدم استقرار سياسي.
وهناك مشكلة كبيرة، وهي عدم التوازن بين الجنسين نتيجة الاجهاض الانتقائي للفتايات، ففي بعض المجتمعات، هناك 8 نساءمقابل 10 رجال، مع تفاوت النسبة إلى أبعد من ذلك بين الشباب.
وحث تقرير في عام 2012 من قبل منظمة "هيومان رايتس ووتش"، الحكومة على إنشاء نظام تظلم وتعويض مستقل للسماح للناس بالإبلاغ عن سوء الخدمات أو إكراه النساء على إجراء عملية ربط المبايض، وأوضح أيضًا أن على الحكومة إعطاء الأولوية لتدريب موظفي الحكومة من الذكور لتوفير المعلومات والمشورة بشأن خيارات منع الحمل، ولكن على الرغم من التوصيات، تستمر المشاكل على الأرض.
وقد أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء حالات الوفاة، حيث قالت نائبة المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان كيت غيلمور: "حال التأكد من تلك الوقائع، سيكون هناك مأساة إنسانية خطيرة، عندما يكون هناك انحراف عن المعايير السريرية، يجب أن تكون هناك عواقب".
أرسل تعليقك