أُغنيات البنات في السودان مرفوضة جهرًا ومسموعة سرًا
آخر تحديث 16:46:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

أُغنيات البنات في السودان مرفوضة جهرًا ومسموعة سرًا

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - أُغنيات البنات في السودان مرفوضة جهرًا ومسموعة سرًا

الخرطوم - وكالات

أولت القنوات الفضائية السودانية طيلة أيام شهر رمضان اهتماما غير معهود بأغنيات البنات، شبه المحظورة في وسائل الإعلام الجماهيرية. ونفضت عن لون الغناء هذا غبار النسيان، بعد أن كان حبيس الأعراس والمناسبات الاجتماعية السعيدة. قوبلت خطوة البث المُكثف لأغنيات البنات برفضٍ من بعض المتزمتين الذين ما زالوا ينظرون للغناء والموسيقى من زاوية فقهية ضيَّقة. بينما تعاملت معها كثير من قطاعات المجتمع كنوع من رد اعتبار لفن غنائي كان مغضوباً عليه بدون مبرر. تتسم أُغنية البنات بطابعٍ شعبي وكلمات جريئة لم يكن من السهل تداولها في المنابر العامة سابقا. وتستخدم مفردات غاية في البساطة والعادية من الحياة اليومية لجموع الناس في المدن والأرياف. ظاهرة اجتماعية وفنية فريدة ويعتبر كثير من الباحثين الذين التفتوا لنمط غناء البنات مؤخراً أنها ظاهرة اجتماعية وفنية تستوجب النظر والتأمل بالاقتراب منها بشكلٍ علمي. وفي رأى كثير منهم فإن نمط الغناء هذا يكشفُ الكثير من النواحي الايجابية والسلبية التي شهدها المجتمع السوداني عبر عقودٍ من الزمان. وتشمل أغاني البنات أنواعاً عديدة من بينها أغاني "السباتة" التي ترقص على إيقاعاتها الصاخبة العروس بصحبة نساء فقط. كذلك هناك أغنيات "المناحات" التي تُغنى في المآتم، إلى جانب أغنيات الحصاد والمطر وغيرها. وفي حوارٍ مع DW عربية، طالب الباحث الأكاديمي السوداني الدكتور عبد الله حمدنا الله الباحثين في الدراسات السوسيولوجية بعدم التعامل باستخفاف مع أغاني البنات. كما أنحى باللائمة على من أسماهم بالمتزمتين، الذين قال إنهم يرفضون أغاني البنات جهراً ويستمعون إليها سراً. انتشار متسارع  ورغم النقاشات الساخنة في المنابر الإعلامية العامة بين من يُدين أغاني البنات ويتهمها بتفكيك النسيج الاجتماعي وبين من ينظر إليها على أساس أنها نتاج فني اجتماعي، فإن غناء البنات ينتشر بسرعة هائلة. ففي أغلب وسائل المواصلات العامة في العاصمة يمكن الاستماع لنماذج مختلفة من هذا النمط الغنائي. ومن أنجح هذه الأغاني أغنية تقول" لو فاكرة ريدتنا زي مهند نور، تبقى غلطانة عايزا ليك دكتور" هذه الأغنية ذات الكلمات البسيطة تُشير إلى مسلسل مهند ونور التركي، الذي تعلقت به الفتيات السودانيات بشكلٍ كبير. وفيها يخاطب الحبيب حبيبته بقوله إن حبه لها لا يُشبه حب "مهند ونور". أشهر مؤدية لأغاني البنات تعدُّ الفنانة الشابة ندى القلعة أشهر مؤدية لأغنيات البنات الشعبية في الوقت الراهن. فهي تمتاز بصوتٍ قوى وتشهد حفلاتها الجماهيرية حضوراً واسعاً لأطياف مختلفة من الناس. بدأت القلعة تجربتها الغنائية بأداء الأغنيات الخفيفة في بيوت الأعراس وسُرعان ما حظيت بشهرة واسعة بعد أدائها لنماذج مختلفة من الأغنيات القوية والجريئة. كشفت ندى القلعة، فى حوار مع DW عربية عن كثير من الصعوبات التي واجهتها في بداية طريقها. وأشارت إلى انتشار أغنيات البنات مؤخراً بسبب الطلب المتزايد عليها من المواطنين. مؤشر على التحولات المجتمعية من جهته يوضح الباحث حمدنا الله أن أغنيات البنات تشمل الأهازيج التي تؤديها البنات في المدن والأرياف. ويأخذ الباحث في الاعتبار الفوارق بين أغنية البنت في الريف والمدينة في الأشواق والدوافع وحرية التعبير، حيث يرى أن سقف الطموحات في أغاني بنات المدن يرتفع إلى مراقٍ عالية، بينما ينخفض في أغنيات بنات الريف. من ناحيته يرى الناقد الفني راشد بخيت، في حوار مع DW عربية أن أغنية البنات واحدة من مؤشرات التحوُّل التي تخللت بنية المجتمعات السودانية الحديثة، وأظهرت بشكلٍ لافتٍ ما يعتمل في أحشاء المجتمع. وقال إن أغاني البنات كانت تبدأ كحركة أغنية على الهامش، وترى العالم بعيون فئة النساء وآمالهن ومشاكلهن البسيطة. تحكي المغنيات عن روحهن المسلوبة ومن يفضلنه للزواج ورؤيتهن للعالم، وعن قيم تبدأ في وقتها كخروج على السائد، لكنها وثيقة اجتماعيَّة. وأوضح بخيت أن أغنية البنات بدأت في السودان الحديث كطقوس لتعليم العروسة الرقص، مصحوبة بإيقاع "الدلوكة" السوداني، ضمن حلقة تقتصر على النساء. ثم تطورَّت هذه الأغنية وارتبطت بإيقاع "التم تم" الذي اشتهر مع "ظاهرة الرديف"، التي نشأت بعد تسريح ستة كتائب من قوة دفاع السودان، نتيجة سوء الوضع العسكري الناجم عن تبعيَّة الجيش السوداني للإدارة المصرية. الحرمان والسلطة والثروة  وحسب الباحث حمدنا الله هناك ثلاث فئات اشتهرت بأداء أغاني البنات: أشهرن فرقة البلابل، وهن ثلاث شقيقات كن يؤدين أغنيات باهرة منتصف سبعينات القرن الماضي. كما يؤدي هذا اللون من الغناء نساء من قاع المجتمع ويصنفن كعديمات أخلاق، والفئة الأخيرة هم أشباه الرجال. إلاَّ أن حمدنا الله  يرى أن أصل الغناء في السودان كان أغاني النساء، وضرب مثالاً بأغنيات "الحكَّامات" في غرب السودان، وقال إن الرجال في ذلك الوقت كانوا يكتفون بكتابة الشعر دون الغناء. ويكشف الباحث عن دافع البنت للغناء بمفردةٍ واحدة: الحرمان. وقال إن هناك عددا من أشكال الحرمان قد تكون سبباً لنشوء الظاهرة واستمرارها حتى الوقت الراهن. ومنها الحرمان الناتج من الإحساس بفقدان الحرية القومية والشخصية، إضافة للحرمان الناتج من الإحساس بامتلاك فئة محدودة للثروة. وفى بحثه عن أصل ظاهرة أغنية البنات يكشف حمدنا الله عن المثال أو النموذج الذي تنشده البنت في أغانيها، فيقول إن غناء البنات كان يحوم حول شخصية التاجر لما يملك من مال وثراء. أما في فترةٍ باكرة من القرن الماضي، فإن الموظف كان النموذج المثالي لأغنية البنات. وقال إن السلطة والثروة يتحكمان في محتوى أغاني البنات. ويضرب مثالاً بسطوع نجم المهربين والعساكر في وقتٍ ما، وعلى إثر ذلك  ظهر العديد من الأغاني التي تمجدهم وتتغنى بهم. ويشير الباحث إلى ملاحظة طريفة مفادها أن أغنيات البنات تُغنى في بيوت الأثرياء رغم أنها تخاطب أحلام وطموحات بنات الفقراء.  

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أُغنيات البنات في السودان مرفوضة جهرًا ومسموعة سرًا أُغنيات البنات في السودان مرفوضة جهرًا ومسموعة سرًا



GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates