القاهرة - وكالات
قديمًا كانت معظم العائلات تعتمد على مساعدة أفرادها في القيام بأشغال البيت، ومع توالي الزمن صارت الحاجة ماسة إلى تشغيل خادمات للقيام بأشغال البيت، لإشتغال الزوجين بدوام كامل، ولإنشغال الأبناء بالدراسة وبعالم التكنولوجيا والهواتف الذكية، والقنوات الفضائية, و غيرها من الإغراءات الإلكترونيه التي تغير علي الأجيال يوماً بعد يوم , يتزايد الطلب علي الخادمات خاصةً في الأسر ذات المستوي الإجتماعي العالي ويرجع زيادة الطلب علي وجود خادمه مقيمه طلبًا للراحه وزهدًا في معاناة التربية، أو مسايرةً لباقي الأسر من نفس الطبقه الإجتماعيه ورغبة في التفاخر وقد اصبحت الخادمة "الفلبينيه"نوع من الموضه أو الوجاهه الإجتماعيه لدي بعض الاسر فانتشرت مكاتب الخادمات الفليبينيات في مصر بصورة ملفتة للنظر، حيث تقوم هذه المكاتب باستخدام خادمات من الفليبين ودول شرق وجنوب آسيا مقابل مبالغ مرتفعة .
و عند سؤال بعض ربات البيوت عن سبب رفضهن للخادمات المصريات و الإستعانه بهن أجمعن علي أنه ليس من الأمن الأن التعامل مع الخادمات المصريات نظرًا لظروف الحياه التي تزداد صعوبه يومًا بعد يوم وقد شجع ذلك الخادمات المصريات علي الجشع والمغالاة في الأجر و الطمع فحدثت وقائع السرقه و القتل و خطف الأطفال و طلب الفديه مما أدي إلي خوف الأسر من تواجد خادمه مصريه في البيت علي عكس رأي آخر يرجح أمان الخادمه المصريه عن الفلبينيه و ذلك يرجع لعدة أسباب أهمها الاخلاقيات فعن تجربه واقعيه مرت بها إحدي ربات البيوت "ن . ق" والتي قصت مشكلتها مع الفلبينيه التي استعانت بها منذ 4 سنوات وأصبحت فردًا من أفراد الأسره و بمرور الوقت عرضت عليها أن تزوجها و بالفعل وافقت و تمت خطبتها لعامل بعد موافقتها و موافقه ربة المنزل و قبل عقد القران طالبت الخادمه ربة المنزل بالسفر لأهلها لزيارتهم ثم العوده و إتمام الزيجه ووافقت ربة المنزل و بعد مرور عدة أسابيع فوجئت ربة المنزل بزوجها يزف لها خبر حمل "الخادمه"من خطيبها و بعدما تلقت ربة المنزل الصدمه حاولت الوصول للخادمة بشتي الطرق و عجزت تمامًا عن التواصل معها و بعد أسبوع فوجئت برساله من الخادمه تطلب منها السماح علي فعلتها راجيه إياها أن تبارك لها علي ابنتها و التي اسمتها علي اسم ربة المنزل
هذا و قد افاد "ابو فارس" صاحب إحدي مكاتب الخادمات الغير مصريات أن الخادمات القادمات من غانا يعتبرن من أفضل أنواع الخادمات الأجانب في مصر حيث تتراوح أجورهن من 2500 إلي 2800 جنيه و لكنهن غير متوفرات في الأسواق تليها الأندونيسيات و لكن تصل أسعارهن إلي 4000 جنيه فيما فوق , أما عن الفليبينيات فهن غير منتشرات في مصر لكنهن أكثر شهره في السعوديه , و عن الخادمات النيجيريات فقد أضاف صاحب المكتب أنهن غير محبوبات بالرغم من أنهن العماله الأجنبيه الأقل سعراً و ذلك يرجع لعدة أسباب أهمها إختلاف الطباع و اللأخلاقيات فيسببن العديد من الخلافات بينهن و بين ربات البيوت , و عن بداية رواج سوق الخادمات الأجنبيات فبدأ إنتشاره منذ حوالي 9 إلي 10 سنوات و يتراوح عدد المكاتب العامله في مثل هذا السوق فيما بين 30 أو 35 مكتب في القاهره , و يضيف "ابو فارس" أن هناك عدة جنسيات أخري بدأت في المنافسه و هي غينيا و غانا حيث يتحدثن لغات عده فتلجأ إليهن الأمهات لتعزيز اللغات لدي أطفالهن , و عن كيفية التعاقد فقد أفاد "ابو فارس" أنه يتم التواصل في السنه الأولي مع ربة المنزل لمراقبة أي مشاكل و إن تقدمت بشكوي خلال تلك السنه يتم إستبدال الخادمه علي الفور و لا يكلف ربة المنزل مصاريف زياده أما بعد مرور السنه فيكون التواصل بين الخادمه و ربة المنزل.
الفلبينيه خادمه ام أم بديله !!
أحياناً يغيب عن ربة الأسره حجم الضرر التي تدخله بيتها بمحض إرداتها و تتوه في دوامة الحياه معتمده علي "الفلبينيه" في كل الأمور حتي الخاصه منها , فمما لا شك فيه أن الأطفال يتأثرون بكل فرد داخل أو خارج الأسره و يتوقف مدي التأثر بمدة التعامل مع هذا الفرد , و بخاصة مع وجود خادمه "مقيمه" داخل الأسره والتي تصبح فرداً من أفراد الأسره و تتعامل معها الأطفال بل و في بعض الأحيان تترك الأم مهامها تماماً معتمده علي وجود "الفلبينيه" التي لا يقتصر دورها في هذه الحاله علي الإهتمام بشئون المنزل فقط بل تصبح من أولوياتها الإهتمام بالأطفال و أمورهم الحياتيه اليوميه من مواعيد الطعام و المذاكره و اللعب فتقوم بدور الأم و بالتالي تجنب الأم و تنقلب الأدوار فتصبح "الفلبينيه" أعلم من الأم بشئون المنزل و الأولاد , وتصبح بالتالي الخادمة بـ منزلة الأم في قلوب الأطفال وَ هنا تكمنُ المشكلة يبدأوا نهارهم بـلمسات من الخادمة لتوقظ الأطفال من أجل المدارس ثم تحضر لهم الإفطار و تساعدهم علي إرتداء ملابس المدرسه وعند العودة تستقبلهم وتحضر لهم الغداء ثم تذاكر لهم دروسهم وتلعب معهم في أوقات الراحه و تنصت إلي مشاكلهم محاولة حلها أيضاً ثم بكل بساطة ينامون في أحضانها بينما تكون الأم مشغوله بأمور أخري ملتزمة بوظيفة أو في قضاء الوقت مع أصدقائها و علاقتها الإجتماعيه تعود متعبة تنام وتنسي دورها الذي خلقت له , دورها كأم و تهمل أولادها وإلتزاماتها اتجاههم تاركه لهم الأم البديله.
الهوية المصرية فى خطر!!
و من هذا المنطلق الطفل الذي لا يشاهد سوى الخادمة في البيت، ولا يعرف أمه إلا فيما ندر فيأخذ من مربيته كل ما يحتاجه من مشاعر وقيم ومهارات وخبرات وهنا تقول
د. مني جاد عميد كلية رياض أطفال بجامعة القاهره : أنه مع مرور الوقت و طول مدة تواصل "الفلبينيه" مع الطفل تصبح معلمته وملهمته ، وهي كل شيء في حياته، فهذه العلاقة القوية التي تبنى في سنوات طويلة بين الولد والخادمة الأجنبية و تتوطد مكونه جسوراً قوية من الألفة والمحبة, إذ يتعلق الطفل بالخادمة تعلقاً يفوق في بعض الحالات تعلقه بأمه، فيتقبل منها كل شيء من تصورات، وأفكار، وعقائد، مما يصعب من أمر التخلص منها لما يصيب الأطفال من مشاكل نفسيه حاده إثر التخلص من "أم بديله" له و في بعض الأوقات تستغل "الفلبينيه" هذا الأمر لإجبار الأم علي عدم التخلص منها و إرغامها علي تنفيذ مطالبها, كما أضافت د. مني جاد أنه يجب التنويه علي أن أكثر المستقدمات من الخادمات ينتمن إلى ديانات غير سماوية تقدس الأوثان، وتعبد الأبقار ، حيث إن أكثرهن البوذيات، ثم الهندوسيات, مما يخلق لدي الطفل نزاع داخلي بين ما تزرعه الخادمه فيه و بين ما هو محاط به في المجتمع و الأسره فكون "الفلبينيه" غير ملمه بالثقافه العربيه و الدينيه لا تستطيع نقلها للطفل , بل تنقل عقائدها و أفكارها التي تربت هي عليها و أمنت بها إليه
فضلا عن أن الخادمه "الفلبينيه" هي أجنبيه لا تجيد اللغة العربية فمعظمهن لا يتكلمن العربية، و قد أكدت دراسات سابقه أن نسبة "الفلبينيات" الملمات باللغه العربيه لا تزيد عن 8% من مجموع الخادمات المستقدمات وإسناد مهمة الإشراف التربوي و الثقافي للطفل عليها يعد خطراً فادحاً على ثقافتة فالتحدث معه مثلا بلغتين العربيه من قِبل الأم و الأنجليزيه من قِبل "الخادمه" أو المربيه ففي هذه الحاله يصيب الطفل بحاله من التأخر في التحدث و إن كانت بعض المستقدمات يتحدثن لغه ثالثه ,و قد يجد البعض نتائج هذه الدراسات تحتاج إلي وقفه بعكس بعض الأمهات اللاتي وجدن أن وجود "فلبينيه" في البيت تتحدث الإنكليزيه هو نوع من تعزيز اللغه لدي الطفل و لذلك فهي شئ أيجابي وليس بالسلبي فبعض الأسر تقر استعمال لغة أجنبية كالإنجليزية مثلاً لتكون أداة التخاطب الرئيسية بين الأولاد والخادمة بحجة أن الخادمة لا تجيد العربيه
إستعيدي أمومتك
و لذلك نظرًا لإجتياح ظاهرة "الفلبينيات" مجتمعنا و تغلغلهم في تفاصيل حياتنا و حياة أولادنا تنصح د. مني جاد بأنه يجب أن تستعيد كل أم دورها من جديد و أن تعود إلي رشدها مؤمنه بضروره إستعادة أمومتها و تحديد المهام في البيت فالخادمه أياً كانت جنسيتها لا ينبغي تكليفها بشؤون الأولاد أياً كانت، فلا تكلف بتغذيتهم، أو تنظيفهم، أو اللعب معهم، أو النوم معهم، أو تعليمهم أو غير ذلك من المهام المتعلقة بالتربية , و يتم بتكليفها بتنظيف البيت فقط . أما الأطفال فلا تكلف بهم إلا عند الضرورة، وفي فترات قصيرة لئلا يتعودوا عليها، ويتعلقوا بها.
كما يجب أن تستوعب الأم خطورة تربية طفل علي يد خادمه و ما يمكنها أن تزرع فيها حتي لا يأتي اليوم أن تُصدم فيه كأم و تشعر أن من تخاطبه ليس إبنها , فإن كانت الأمومه هي فطره خلقنا بها كنساء , إذاً ترجع هذه الفروق إلي كيفيه إلمام كل أم بواجباتها تجاه أولادها , و لذلك فعلى الأم أن تعي أن وظيفتها الأساسية هي الإحتضان والتربية.
أرسل تعليقك